الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موجابي··· لغز ومغناطيس في آن واحد

موجابي··· لغز ومغناطيس في آن واحد
18 سبتمبر 2007 22:26
أصيبت الشخصياتُ الغربية التي حضرت الاحتفالات، التي أقيمت في السابع والعشرين من أبريل 2004 بمناسبة مرور عشر سنوات على الديمقراطية في جنوب أفريقيا، بالذهول عندما رأوا التصفيق الحار الذي حيا به الحضور رئيس زيمبابوي ''روبرت موجابي''، وهو ما علَّق عليه ''جاريث إيفانز'' -وزير الخارجية الأسترالي السابق ورئيس منظمة مراقبة الأزمات الدولية- بالقول: ''لا أستطيع أن أفهم لماذا يصفقون له، لقد دمر بلاده''!! يعد ''موجابي'' لغزا ومغناطيسا في آن واحد، إذ يجذب الأفارقة وينفر الغرب؛ فهو يوجد وسط لعبة تصعيدٍ بين أفريقيا والغرب عمرها سبع سنوات، غذتها الردود المعارضة لمصادرة الأراضي المملوكة من قبل نحو 4500 مزارع أبيض عام ·2000 وهو التاريخ الذي بدأت فيه المواجهة، التي خيمت على قمة زعماء ''مجموعة التنمية الأفريقية الجنوبية'' الشهر الماضي في ''لوساكا'' بزامبيا، وتهدد بأن تخيم من جديد على اجتماع رؤساء حكومات مجموعة الكومنويلث المرتقب في نوفمبر بأوغندا والقمة الأورو-أفريقية المقبلة في ديسمبر بالبرتغال· والواقع أن تغير نظرة الغرب إلى ''موجابي'' هي ظاهرة حديثة نسبيا في سنوات حكمه السبع والعشرين، فموجابي، الذي يصوَّر اليوم على أنه نموذج للديكتاتور المستبد، قالت عنه رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر إنه ''رجل يمكنني أن أتعامل معه''· وفي ،1994 منحته الملكة إليزابيث لقبا فخريا؛ أما ما أجج العلاقات مع بريطانيا، فهو الإنكار -غير الحكيم- للعماليين في عهد ''توني بلير'' عام 1997 للمسؤولية الكولونيالية لبريطانيا في إصلاح الأراضي· وبعدما لم تفِ بريطانيا بما كانت قد تعهدت به من تمويل لإصلاح الأراضي في زيمبابوي متذرعة بالمحاباة والمحسوبية، مضى ''موجابي'' قدما في تنفيذ مخططاتــــــه لإعــــــادة توزيــــع الأراضي، وهو ما تسبب لاقتصاد زيمبابوي -الزراعي بالدرجة الأولى- في انتكاسة قوية، وصلت فيه البطالة 80 بالمائة، وفرغت خزينة الدولة، وارتفع معدل التضخم السنوي ليقدر بـ18000 في المائة· وهكذا، شهدت زيمبابوي في أقل من سبع سنوات أسرع تراجع اقتصادي، لتغرق بذلك واحدة من أقوى المناطق الاقتصادية في أفريقيا في أزمة حادة يعاني فيها نحو 4 ملايين شخص -حسب بعض التقارير- من الجوع· ربما يكون ''موجابي'' قد خسر الحرب الاقتصادية، ولكنه فاز في كل معاركه السياسية مع الغرب، وظل يستأثر دائما بالترحيب الحار في الاجتماعات الأفريقية؛ كما أن التوتر بين أفريقيا والغرب ساهم في تقويته وتشجيعه، وحوَّله إلى رمز للمقاومة الأفريقية وبطل تحرير· وعلى الرغم من تدفق المساعدات الإنسانية الخارجية على الفقراء في زيمبابوي بانتظام، غير أن إقدام الغرب على تجميد الودائع وحظر سفر ''موجابي'' ونحو مائة من شركائه وزوجاته يُنظر إليه في بعض الأوساط باعتباره ردا ''عنصريا'' على استيلائه على مزارع البيض وتسليمها للزيمبابويين السود· أما الغرب، فيصر على أن عقوباته ''الذكية'' إنما تستهدف عناصر من النخبة الحاكمة ''المنخرطة في أعمال أو سياسات تهدف إلى إضعاف العمليات والمؤسسات الديمقراطية في زيمبابوي''· واللافت أن الوضع الذي يتمتع به موجابي، كرجل دولة كبير وبطل مناوئ للكولونيالية، قد أمَّن له دعما إقليميا قويا، فقد اتفق اجتماع ''مجموعة التنمية الأفريقية الجنوبية'' الشهر الماضي على مساعدة زيمبابوي على حل مشاكلها الاقتصادية ودعم وساطة ''مبيكي''، والحال أنه لن يُكتب لهذه الجهود النجاح إلا إذا أنهت أفريقيا والغرب هذه المواجهة· ومن جهة أخرى، أزالت محاكمةُ زعيم الحرب السابق في ليبيريا ''تشارلز تايلور'' -بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في إطار الحرب التي يشنها الغرب ضد ''الإفلات من العقاب'' في أفريقيا- ضمانات تقاعدٍ آمن لـ''موجابي'' وقلصت حظوظ رحيله· ونتيجة لذلك، يدور حديث هذه الأيام حول اعتزام الرجل الترشح لانتخابات ·2008 لقد غذت هذه المواجهة مناخا دوليا مناوئا لانتعاش ''زيمبابوي'' اقتصاديا· ولذلك، فرغم انسحاب ''هراري'' من اجتماع رؤساء حكومات دول الكومنويلث في ،2003 إلا أنه من المهم أن يوفر الاجتماعُ المقبل للمجموعة في نوفمبر المقبل فرصةً لإعادة زيمبابوي إلى أجندة المجموعة· وإضافة إلى ذلك، يتعين على البرتغال، التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أن تستمر على النهج الحالي بخصوص قرارها دعوة زيمبابوي للمشاركة في القمة الأورو-أفريقية في ديسمبر؛ إذ يوفر هذا الحدث نافذةً لإعادة إحياء الروابط بين القارتين على نحو يمكن أن يؤثر إيجابا على زيمبابوي؛ كما يتعين على زملاء ''موجابي'' في التحرير أمثال ''صام نوجوما'' الناميبي و''كينيث كوندا'' الزامبي، أن يعملوا مع زعامة أوروبا الجديدة -رئيس الوزراء البريطاني ''جوردون براون'' والرئيس الفرنسي ''نيكولا ساركوزي''- وغيرهما من الزعماء المؤثرين في العالم، لدعم وساطة ''مجموعة التنمية الأفريقية الجنوبية'' ومخطط انتعاش اقتصادي، ودستور ديمقراطي، لضمان ظروف مواتية لانتخابات 2008 في زيمبابوي· المدير التنفيذي بالنيابة لـ برنامج الديمقراطية والإدارة بمجلس بحوث العلوم الإنسانية في بريتوريا، جنوب أفريقيا· ومدير معهد سياسة أفريقيا في نيروبي، كينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©