الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السياسة في اليابان... ربما قد حان وقت الثورة

السياسة في اليابان... ربما قد حان وقت الثورة
18 سبتمبر 2007 22:26
يعد ''شينزو آبي''، الذي استقال من منصب رئيس الوزراء الأسبوع الماضي، مثالا لما نُطلق عليه في اليابان ''أوبوتشان''· و''الأبوتشان'' هو ابن عائلة قوية ونافذة، غني ومدلل قليلا· قد يصدق هذا الوصف على ''شينزو آبي''، غير أن رغبته في أن يكون محبوبا من قبل الجميع، جعلته يبذل جهودا كبيرة لمعالجة ما يقض مضجع الطبقة العاملة، ولكن بالرغم من مجهوداته، إلا أن معظم اليابانيين يشعرون بأنه لم يكن واعيا بمشاكل الطبقة العاملة، وذاك في الواقع هو عيبه الكبير· وإذا كان معظم اليابانيين يحبون ''آبي'' ويرون أنه ذكي، فإن وسائل الإعلام كانت تصفه بـ''كوكي غا يوميناي''، أو ''كي· واي·'' اختصارا· أما ''كوكي''، فتعني ''جوّ'' ؛ في حين تعني ''يوميناي'' ''لا يستطيع القراءة''، والمقصود بكون المرء لا يستطيع قراءة الـ''جو''، فهو أنه لا يعرف أن ضيفه يريد كوب شاي آخر، أو أنه ينبغي تقديم شاي بارد لأن الجو حار اليوم، باختصار، قراءة الـ''جو'' ميزة أساسية بالنسبة لأي سياسي ياباني· وضع هذا القصور ''آبي'' في وضع غير مريح مقارنة مع سلفه ''جونشيرو كويزومي''، الذي كان مشهورا، ليس لأنه ملك قراءة الـ''جو'' فحسب، ولكن لأنه كان معروف أيضا بقدرته التي لا نظير لها على تجاهل نصيحة النخبة السياسية· لقد حاول ''آبي'' قراءة الجو، ولكنه اتبع الكثير من النصائح واستسلم لمراكز السلطة المختلفة والمصالح الخاصة التي يدين لها حزبُه (الحزب الديمقراطي الليبرالي) بخمسين عاما من الاحتكار· أما النتيجة، فكانت سياسة ضعيفة وغير ناجحة· ولعل أكبر مثال على ذلك ماظهر عندما فقدت الحكومة سجلات المعاشات الخاصة بنحو خمسين مليون عامل، والحقيقة أن أمرا من هذا القبيل كان سيثير في بلدان أخرى أعمال شغب -حتى لا نقول ثورة- غير أن ''آبي'' لم يتحرك سوى في فصل الربيع؛ فذهب الكثير من اليابانيين إلى أنه ربما يكون قد تأخر في التحرك لأن البيروقراطيين في الحكومة، ومدراء الشركات المقربين منه لم يعرفوا أحدا تأثر بالإدارة السيئة للسجلات، وهو أمر ممكن ووارد، ولكن إلى ''كوكي غا يوميناي''· إساءة التقدير، إضافة إلى سلسلة الفضائح التي أدت إلى استقالة عدة أعضاء في الحكومة وانتحار أحدهم هو ما يَعتقد معظمُ المراقبين أنه وراء النتائج الهزيلة التي حصل عليها ''الديمقراطيون الليبراليون'' في الانتخابات في يوليو· وهو أمر صحيح إلى حد ما، غير أن ثمة عاملا كبيرا آخر في استعداء الناخبين، ويتمثل في المخاوف مما يحلو للحكومة ووسائل الإعلام أن تسميه ''الانتعاش'' الاقتصادي الحالي لليابان· فالمشكلة هي أن معظم اليابانيين يعلمون أن ما يسمى بالانتعاش إنما تساهم فيه الصادرات اليابانية إلى الصين، وبخاصة الطاقة ومواد البناء· فالطلب الصيني يرفع قيمة شركات المواد الخام والبناء الكبرى، عبر المتاجرة في الشركات العاملة في مجالات الفحم والشركات التي تبيع في الخارج؛ ولكن معظم الشركات الداخلية لا ترى سوى زيادة كلفة موادها الخام من دون زيادة في الطلب أو الأرباح محليا· وعلاوة على ذلك، يرى الكثيرون أن معظم هذا المال يتم تداوله في أسواق النخبة وحساباتها المصرفية، وأن القليل منه فقط هو الذي يصل إلى الشركات الصغيرة أو الموظف العادي· المشكلة الأخرى المتعلقة بـ''الانتعاش'' تتمثل في كونها تعزز الفكرة النمطية القديمة القائلة: إن قوة اليابان تكمن في البناء والصادرات، فإن كان ذلك قد شكل استراتيجيةً جيدة من أجل الانتعاش في فترة ما بعد الحرب، فإنه اليوم يبطئ الإصلاح، ويصرف موارد بشرية وعمومية قيمةً عن الصناعات عالية التكنولوجيا التي تحتاجها اليابان، من أجل نمو على المدى البعيد· الواقع أنه ليس من قبيل الصدف أن ''آبي'' كان مديرا لشركة الفولاذ ''كوبي ستيل''، قبل دخوله عالم السياسة؛ فخلفه لن يختلف عنه كثيرا: ذلك أن للمتنافسيْن الحاليين على رئاسة الوزراء تجربة مهنية في المواد الخام· فشركة عائلة ''تارو آسو'' واحدةٌ من أكبر شركات الإسمنت والمناجم في اليابان، في حين أن تجربة ''يوسو فوكودا'' المهنية كانت في مجال النفط، وهو ما يعكس مشكلة في السياسة اليابانية· فقد قضى ''الديمقراطيون الليبراليون'' المحافظون، في إطار سياسة يحركها الخوفُ الأميركي من الشيوعية، على كل مقاومة ليبرالية، إما عبر هدم وظائف المعارضة أو استمالتها واستقطابها، وهو ما أدى إلى نظام حزبٍ وحيد، تتم في إطاره مناقشة النزاعات وتسويتها داخل الحزب الديمقراطي الليبرالي عبر عملية معقدة للفرق واللجان· إن المشكلة تكمن في أنه كان ينبغي بدء التعددية الحزبية في اليابان قبل عدة عقود، فقريبا سيحال جيل الطفرة السكانية التي عرفتها البلاد في مرحلة ما بعد الحرب على التقاعد؛ ونخشى أن تعصف بنا أزمة يابان مفلس، ونظام معاشات مثقل ومترهل· والحقيقة أن رجل الشارع يعي هذا الأمر، غير أنه من غير المرجح أن يكون هذا الوعي كافيا لإحداث التغيير في بلد يتباهى بأنه لم يشهد أبدا ثورة للشعب، أو حتى انتفاضة شعبية تؤدي إلى إصلاحات مهمة· ربما يكون وقت الثورة قد حان! مدير شركة مالية ورئيس منظمة ''كريتيف كومونز'' غير الربحية ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©