انطلقت فعاليات مهرجان«فنون الطهي – 2012» أمس الأول، في حديقة فندق وسبا «وستن للجولف»، بحضور معالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، الجهة المنظمة للحدث، التي تحرص سنويا على تعزيزه بالمزيد من حملة نجوم ميشلين،«علامة التميز في التصنيف العالمي للطهاة». وتتواصل فعاليات حدث الضيافة الأبرز في الامارات لهذا الموسم حتى 23 فبراير الجاري، بما لذ وطاب من الأطباق المحلية والعالمية، وعلى وقع خطاه الثابتة التي قادته إلى النجاح للسنة الرابعة على التوالي، يرتفع إيقاع الحراك السياحي من حوله شاغلا معه فنادق أبوظبي بنخبة من خبراء التذوق الدوليين. وجاء المشاركون على اختلاف جنسياتهم إلى أبوظبي وسط حضور بارز للطهاة المواطنين، ليجتمعوا حول مائدة واحدة تتسع بكرمها وجودة خدماتها لجمهور عريض حجز مقاعده باكرا ليحظى بفرصة المشاركة في هذا الكرنفال الاجتماعي الثقافي، الذي يتخطى حدود الطهي بأشواط تكشف عن أبرز معالم الإمارة وأحدث منشآتها السياحية.
نال مهرجان فنون الطهي- أبوظبي، شهادة كبار المتخصصين في مجالهم على أنه واحد من أهم العناوين التي تشهدها الأجندة السياحية على المستوى الدولي، مازال يبهر ضيوفه والمراقبين، وهكذا ارتسم الانطباع بالرضا على وجوه أكثر من 400 شخص ممن استمتعوا بحفل الافتتاح.
الأمسية الأولى تم توقيعها وسط أجواء احتفالية راقية بمشاركة 10 طهاة ضيوف من ضمن القائمة المشاركة في المهرجان لهذه السنة، والتي تكتمل مع وصول 10 طهاة آخرين خلال الأيام المقبلة، أما المفاجأة الكبرى فكانت العرض الايقاعي العالمي الذي قدمته فرقة «نانتا» الكورية والتي سطرت بإبداعاتها الفنية في ربوع أبوظبي أول مشاركة لها في منطقة الشرق الأوسط. وذلك بعدما جالت باستعراضاتها المدهشة منذ انطلاقتها قبل 14 عاما على أبرز مسارح أوروبا وأستراليا وأميركا والشرق الأدنى، والفرقة المؤلفة من 5 فنانين هزليين أدت ليلة افتتاح فنون الطهي وعلى مدى نصف ساعة متواصلة أجمل لوحاتها التعبيرية القائمة على موسيقى المطبخ التقليدية، التي خطفت معها الأنفاس فارتفعت حدة التصفيق. ووسط مشهد تمثيلي يعتمد على خفة الظل ومرونة الحركة، تتحول السكين من أداة لتقطيع الخضراوات إلى آلة عزف رشيقة، وتعمل قارورة البلاستيك بما يدعو للدهشة عمل الدف بإيقاعاته الراقصة، فيما تستعير أدوات الطهي الأخرى كالطناجر والأوعية والملاعق نغماتها من الطبل والقانون والبيانو وحتى الناي.
وتتحدث نوره الظاهري مدير المنتج السياحي الترفيهي بالإنابة في هيئة أبوظبي للسياحة، عن فخرها بالمستوى الراقي الذي تمكن فنون الطهي – أبوظبي، من المحافظة عليه منذ عام 2009. وتقول: لقد فاق المهرجان بحجم المشاركة القيمة فيه والمتابعة الدولية كل توقعاتنا، الأمر الذي يلهم قطاع الضيافة في أبوظبي الاستمرار في تقديم أفضل الخدمات.
وتشير الظاهري إلى أن هذا الحدث المشرف لإمارة أبوظبي سجل منذ الدورة الأولى له حضور آلاف الذواقة ممن أبدوا اهتمامهم بورش العمل التي ينظمها حول دروس إعداد الطعام وأساليب تقديمه. لافتة إلى عشرات موائد الغداء والعشاء التي يتم تحضيرها سنويا خلال هذه التظاهرة السياحية على يد كبار الطهاة العالميين، والطيف المتنوع من النكهات التي تتمحور كلها حول أفكار خاصة تثري المطبخ الاماراتي بتبادل ثقافة الطهي على أعلى مستويات الابداع.
تشكيلة مذهلة
انسجاما مع شعار الحدث «تشكيلة مذهلة من فنون الطهي»، فقد أضافت مشاركة الطهاة المواطنين ممثلة في خلود عتيق وعلي سالم مصبح البدواوي وهجا محليا إلى ليلة الافتتاح التي بلغت أقصى معدلاتها قياسا بالسنوات الفائتة.
وكان لكل من الطاهيين جناح عرض خاص تضمن تشكيلة واسعة من الأطباق الشعبية التي لم تخل من اللمسات الفنية. واتسمت بالنكهات المستحدثة التي أرضت بمذاقها وحسن تقديمها مختلف الآراء، كما عرفت من خلال مكوناتها بعراقة المطبخ الاماراتي الآخذ في التطور والانتشار.
وتضمنت قائمة الضيوف المشاركين نخبة من كبار الطهاة العالميين أمثال الشيف الإيطالي ماورو أولياسي الحائز نجمتي ميشلين، والشيف الفرنسي جان فرانسوا بييج الحائز نجمتي ميشلين ومواطنه الشيف وليام ليدلويل الحائز نجمة ميشلين، وكذلك النجم التلفزيوني الاسترالي خبير الطهي جورج كالومباريس والشيف الياباني هال ياماشيتا الذي يعد واحداً من أشهر طهاة بلاد الشمس المشرقة على الإطلاق. إضافة إلى أكثر من 20 جناحا تابعة لشركاء استضافة الحدث من كبريات المنشآت السياحية في إمارة أبوظبي.
نكهات محلية
تعزيزا للنكهات المحلية في الدورة الرابعة من “فنون الطهي – أبوظبي” افتتحت أمس الخميس أول الطاهية المواطنة وهي الشيف خلود عتيق أولى الجلسات الصباحية للمهرجان بورشة عمل تدريبية للكشف عن ابداعاتها، تضمنت الفعالية التي حضرها عدد كبير من المهتمين إطلاق كتابها الجديد “سراريد” الذي يتضمن قائمة من الأكلات الشعبية باللغتين العربية والانجليزية.
وترفع الشيف خلود من خلال كتابها الغطاء عن المائدة الاماراتية التي آن لها كما تذكر أن تخرج إلى العلن لما فيها من أصناف غنية بالمكونات الطازجة المنسجمة مع بيئتها.
وتتحدث الطاهية الشابة خلود عتيق والتي تبلغ من العمر 28 عاما، عن الدافع من وراء عملها هذا، معتبرة إياه خطوة نموذجية باتجاه تثبيت الهوية الاماراتية. وتقول “كتابي كان حلما يراودني منذ سنوات، أحمد الله أنه تحقق اليوم بعدما استغرق سنة كاملة في التجهيز له، إذ إنه لا يتضمن طريقة تحضير الطعام المحلي وحسب، وإنما هو عبارة عن حبكة تراثية ومرجع متكامل لمختلف المسميات الشعبية التي كان يطلقها الأقدمون على أدوات المطبخ وعملية الطهي عموما”.
وتؤكد الشيف خلود أنه حرصا منها على عدم اندثار هذا الموروث الثقافي لمجتمع الامارات، أجهدت نفسها في البحث والتنقيب عن الكثير من المفردات التي كانت متداولة قديما. وذلك بهدف تذكير الأجيال المقبلة بالأصالة التي لطالما أوحت بالانطباع الخاص الذي يميز إمارات الدولة مجتمعة. وأكثر ما تخشاه أن يمر الزمن ويأخذ معه التفاصيل الصغيرة لهذا التراث العريق الذي لم يبق منه إلا كلمات عالقة فقط في ذاكرة الأجداد والجدات.
وتقول “لقد جلت على مختلف مناطق الدولة، من صحراء ليوا إلى رأس الخيمة مرورا بالمدن في إمارتي دبي وأبوظبي. والتقيت بالكثير من المسنين والمسنات الذين أتحفوني بكم من المعلومات القيمة عن موروث بلادنا المتعلق بالمأكولات التقليدية ومكوناتها وطرق تحضيرها، وكذلك بالمصطلحات الخاصة بأدوات الطهي بحسب الألفاظ العامية للبيئة المحلية”، ويتضمن الكتاب في الصفحات الأخيرة منه شرحا وافيا عن معنى الكلمات المتداولة سابقا، وذلك باللغة العربية الفصحى.
سلطات مبتكرة
وتلفت الشيف خلود عتيق التي تعمل استشاري متخصص في المطبخ العربي في شركة “التطوير والاستثمار السياحي”، إلى أن “سراريد” يكشف عن وجود قصة أو مثل شعبي لكل طبق من الأطباق الواردة فيه. وتشرح أنها اختارت هذه التسمية عنوانا لكتابها لأنها تعني جمع كلمة “سرود” وهي باللهجة المحلية ذلك المفرش الدائري المصنوع من سعف النخيل والذي تلتف حوله الأسرة لتناول الطعام. وتورد أنها ضمنت كتابها مجموعة سلطات مبتكرة من قبلها، ومع أنها لم تكن متداولة في المجتمع الاماراتي كما تشير، غير أنها تتألف من مكونات شعبية. وتضيف الطاهية “إلى جانب اهتمامي بالشق التثقيفي التوعوي من خلال “سراريد” الذي أعتبره صحوة للجيل الشاب، فقد حرصت من خلاله على تقديم الأطباق الصحية التي تخلو من الدهون الضارة. وذلك بحسب الطريقة الأولية في الطهي، إذ إن جداتنا كن يعتمدن في تحضير الطعام على الدسم الذي يخرج من اللحوم من دون إضافة الزيوت أو السمن. وكذلك على الصلصات الطبيعية التي تتكون من الخضار نتيجة لفعل البخار”.
وردا على كون مهنة الطهي غير منتشرة كثيرا في الامارات، تعلق الشيف خلود قائلة “إن مجال الطهي هو في الأصل من اختصاص المرأة، والنساء في بلادي خضن الكثير من المجالات اللامعة التي أثبتت عن قدراتهن الفائقة. ومن هنا لا أجد في المهنة ما يعيبني، على العكس فأنا أفخر بكوني أول إماراتية طاهية”. وهي تؤكد على أن نظرة المجتمع بدأت تتغير تجاه انطلاقة المرأة ناحية الكثير من المهن التي لم تكن رائجة في السابق. وتشير في حديثها إلى خبر قرأته حديثا في الصحف عن أول إماراتية تقود المترو في دبي، متفائلة بأن بنات جيلها يمتلكن ما يكفي من الثقة بالنفس لتخطي الصعاب. وتقول الشيف خلود “أنا أم لولد، ومع ذلك فإن أمومتي لم تمنعني من إكمال الطريق الذي رسمته لنفسي في مجال الطهي. فإعداد الطعام هو هواية أتلذذ بممارستها منذ طفولتي، وقد تدرجت في هذه المهنة خلال أكثر من 6 سنوات أمضيتها في التدرب على تقنيات الطهي عموما”.
والطاهية الاماراتية الشابة تعمل من ضمن وظيفتها في شركة “التطوير والاستثمار السياحي” على إعداد قوائم الطعام الشعبي في أكثر من منشأة سياحية. وهي تشارك في مختلف المهرجانات والفعاليات التي تستضيفها الامارة، حيث تقوم بنفسها في تحضير المائدة الاماراتية بكامل تفاصيلها.
عشاء المشاهير
من ضمن أبرز الفعاليات المستحدثة في المهرجان للموسم الحالي حفل العشاء الكوميدي الترفيهي الذي أحياه ليلة أمس الخميس نجم الكوميديا الإيطالي إنيو مارشيتو، الذي قدم في فندق “كراون بلازا “ – جزيرة ياس عروضه الكرتونية الحية بمرافقة إبداعات الشيف الفرنسي وليام ليدويل، الذي يقدم اليوم الجمعة حلقة تعليمية في “نادي وفندق ضباط القوات المسلحة” من الساعة 9:30 - 11:00 صباحا، تتبعها ورشة عمل في الموقع نفسه للشيف بريشو دومينجيز وتستمر حتى الساعة 1:00 ظهرا. ويستضيف “فنون الطهي – أبوظبي” مساء اليوم الجمعة حفل عشاء للمشاهير بتوقيع من الشيف جورج كالومباريس في فندق “روتانا” - جزيرة ياس بدءا من الساعة 7:00 مساء.
عدد اليوم
