الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«ستاندرد تشارترد»: الإمارات تقود جهود ضبط أوضاع المالية العامة في الخليج

«ستاندرد تشارترد»: الإمارات تقود جهود ضبط أوضاع المالية العامة في الخليج
24 فبراير 2018 20:18
حسام عبدالنبي (دبي) قادت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية جهود ضبط أوضاع المالية العامة في المنطقة، من حيث العمل على زيادة الإيرادات الحكومية مع إدخال الضرائب الاستهلاكية (ضريبة القيمة المضافة) بنسبة 5 % بداية العام الحالي، حسب ضحى فاضل، اقتصادي أول، البحوث المواضيعية لدى بنك ستاندرد تشارترد، في دولة الإمارات، مؤكدة أنه يتعين على دول المجلس أن تواصل عملية ضبط أوضاع المالية العامة، أما الإصلاحات الهيكلية فهي مطلوبة لمواجهة المشكلات على المدى الطويل. وقالت فاضل، في حوار مع «الاتحاد»، إن دول مجلس التعاون الخليجي نجحت على مدى سنوات عدة، في تحويل مواردها الطبيعية من النفط والغاز إلى مكاسب اقتصادية ملموسة، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان في الوقت الحالي يتركز حول مدى إمكانية استدامة هذا النهج في مواجهة انخفاض أسعار النفط على المدى الطويل. وأضافت أن دول مجلس التعاون الخليجي تصنف بين أغنى 30 دولة في العالم حالياً من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وقد سجلت أداءً جيداً مقارنة مع الأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة والاقتصاد العالمي في الفترة الممتدة من 2008 إلى 2014، موضحة أن انخفاض أسعار النفط الذي بدأ في منتصف عام 2014 أدى إلى هبوط متوسط معدلات النمو خلال عامي 2015 و2016، لتصل وفق تقديراتنا إلى 0.3 % فقط عام 2017. تحديات كبيرة أكدت فاضل، أن انخفاض أسعار النفط لفترات طويلة (67 دولاراً أميركياً في نهاية 2017 بالمقارنة مع متوسط 100 دولار بين 2008 – 2014) وما تلاه من تدني معدلات النمو، يضع دول المجلس أمام تحديات كبيرة. وذكرت أن أول تلك التحديات يتمثل في أن أسعار النفط العالمية لعبت على الدوام دوراً مهماً في تحديد معدلات النمو، وبالتالي مستويات الدخل في الاقتصادات الخليجية، مدللة على ذلك بأن انخفاض أسعار النفط أدى إلى تحويل الفائض في الحسابات الجارية إلى عجوزات كبيرة في معظم الحالات، مما سبب ضغطاً على احتياطات النقد الأجنبي، كما مالت الموازين المالية إلى جانب العجز، مما دفع دول المجلس إلى اللجوء إلى أسواق رأس المال العالمية، الأمر الذي قاد بدوره إلى زيادة الدين الحكومي. وأشارت فاضل، إلى أن هيمنة النفط والغاز على هذه الاقتصادات أدت إلى نشوء حالة معروفة في الدول المصدرة للسلعة، وهي أن القطاعات غير القابلة للتبادل التجاري، كقطاع العقارات، تميل للازدهار (وهي تجتذب حصة كبيرة من إيرادات النفط والغاز)، بينما يكون أداء القطاعات القابلة للتبادل التجاري، وخاصة الصادرات المصنعة، أقل ازدهاراً، مبينة أنه في مثل هذا الوضع تظهر أمامنا مشكلتان رئيسيتان، أولهما أن ارتفاع أسعار النفط يمكن أن يؤدي إلى بروز فقاعات في أسعار الأصول قد تمثل خطراً على استقرار الاقتصاد الكلي لدول المجلس بشكل عام، مرجعة ذلك إلى أن تسبب ارتفاع أسعار النفط الذي ساد قبل منتصف عام 2014 في زيادة أسعار المنازل بصورة سريعة في أبوظبي ودبي، ليتبعه بعد ذلك تصحيح كبير لهذه الأسعار عندما بدأت أسعار النفط بالهبوط بدءاً من النصف الثاني لعام 2014. وذكرت فاضل، أن التحدي الثاني يتمثل في أن اقتصادات دول المجلس تميزت غالباً بانخفاض مزمن في الإنتاجية، مع هيمنة القطاعات ذات العمالة الكثيفة، كالإنشاءات والصناعات التحويلية الخفيفة (الأقل اعتماداً على التقنية والعمالة الماهرة)، على حساب القطاعات ذات القيمة المضافة الأعلى، كالقطاع المالي والصناعات التحويلية عالية التقنية، منوهه أنه نظراً لأهمية الإنتاجية في دعم النمو على المدى الطويل، فإن انخفاض مستويات الإنتاجية في دول المجلس حالياً قد يتحول إلى انخفاض في معدلات النمو على المديين المتوسط والطويل. الاتكال المفرط وترى فاضل، أنه بعيداً عن أوجه التشوه والخلل التي يسببها الاتكال المفرط على النفط والغاز، سيواجه صناع السياسات في دول المجلس مشكلة ملحة ثالثة في المستقبل القريب تتمثل في الوضع الديموغرافي. وفسرت ذلك بأن هناك عدداً متزايداً من الشباب الذين سيدخلون سوق العمل في السنوات المقبلة، وقد جرت العادة أن يفضل مواطنو دول المجلس الباحثون عن وظائف العمل في القطاع العام، لما يقدمه من أجور أعلى وأمن وظيفي أفضل وساعات دوام أقصر بالمقارنة مع القطاع الخاص، منبهة أن القطاع العام وصل إلى نقطة الإشباع، مما يعني أنه يجب على دول الخليج أن تجد طرقاً جديدة لاجتذاب مواطنيها إلى قطاعات أخرى، أو تطوير قطاعات جديدة لاستيعاب العمالة الزائدة. وعن التدابير الواجب اتخاذها أفادت فاضل، بأن الإصلاح هو السبيل الأمثل لمواجهه هذه التحديات وخصوصاً ضبط أوضاع المالية العامة. وقالت إنه رغم جهود الإمارات والسعودية في ضبط أوضاع المالية العامة مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة، فإن الإيرادات المحتملة من ضريبة القيمة المضافة (بنسبة 5%) في دول مجلس التعاون ستكون أدنى من المستوى المطلوب لسد العجز المالي في كثير من الحالات، مشددة على أهمية أن يترافق تطبيق ضريبة القيمة المضافة مع تخفيضات شديدة في مستويات الإنفاق الحالية (وخاصة في إعانات الدعم ومنافع الضمان الاجتماعي). دعم الطاقة وخلال حديثها لـ «الاتحاد» اعتبرت فاضل، إصلاحات الدعم المقدم لقطاع الطاقة التي أدخلت عامي 2015 و2016 خطوة إيجابية في هذا الاتجاه، مرجحة اتخاذ المزيد من الإصلاحات الإضافية في المستقبل ؛نظراً لحجم إعانات الدعم والمنافع الاجتماعية التي تقدر بما يعادل 8% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس. ودعت الباحثة في بنك ستاندرد تشارترد، دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً إلى اتخاذ تدابير لمعالجة مشاكل هيكلية أعمق تمنعها حالياً من تحقيق إمكانيات النمو المنشودة على المدى الطويل، محددة تلك التدابير في أن ينصب اهتمام هذه الإصلاحات على رفع مستوى كفاءة وأداء السياسات المالية العامة، وتحسين بيئة الأعمال والحد من التعقيدات الروتينية، ومواصلة تحديث الجهاز التنظيمي، إلى جانب معالجة مشاكل سوق العمل، وتطبيق سياسات صناعية أكثر طموحاً ترمي إلى دمج اقتصادات دول المجلس في سلسلة التوريد العالمية، فضلاً عن مواصلة تعميق القطاع المالي، والإسراع بتطوير سوق الديون المحلي، حيث من شأنه أن يُؤْمِن مصادر جديدة للتمويل في هذه الاقتصادات، ويخفف الضغط على المصارف المحلية والحاجة للاقتراض من الخارج، وفي نفس الوقت يزوّد السلطات النقدية بأدوات فعالة لإدارة السيولة مع الاحتفاظ بنظام ربط عملاتها. وخلصت فاضل، إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي، تمثل إلى حد ما، نموذجاً جيداً لنجاح بعض الدول في إدارة مواردها الطبيعية، بيد أنها لفتت إلى أن الاستمرار في الاتكال على النفط والغاز على صعيد المالية العامة والمراكز المالية الخارجية يعرّض هذه الدول لمخاطر عدم استقرار الاقتصاد الكلي المرتبطة بتقلبات أسواق النفط، كما أنه سيستمر مستقبلاً في خلق تحديات ومشاكل أخرى، خاصة في ظل استمرار انخفاض أسعار النفط لفترات طويلة، منبهة إلى ضرورة أن تعطي دول مجلس التعاون الخليجي الأولوية للإصلاحات التي تسهم في إعادة موازين المالية العامة والموازين الخارجية إلى مستويات أكثر استدامة، مع الاستمرار في جهود ضبط أوضاع المالية العامة على المدى القصير، جنباً إلى جنب مع الإصلاحات الهيكلية على المدى الطويل، للإسهام في تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة في المستقبل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©