الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البسملة.. مقطوعة فنية متنوعة لمحمد طه حسين

البسملة.. مقطوعة فنية متنوعة لمحمد طه حسين
19 سبتمبر 2007 21:58
يقترب الفنان التشكيلي الكبير محمد طه حسين من الثمانين عاما ولا يزال عطاؤه الفني والانساني قويا في حركة الفن التشكيلي، سواء كان نحاتا أو خزافا أو مصورا، فهو في كل ما يقوم به صاحب بصمة ورؤية واضحة تعتمد على هضم التراث الانساني وخاصة الاسلامي، واستيعابه وتقديمه بشكل معاصر بعيدا عن التقليد، فهو يقدم تجربة ذاتية نابعة من رؤية متعمقة للتراث العربي والاسلامي وآخر تجاربه الفنية مع الكتابات العربية مجموعة لوحات البسملة ''بسم الله الرحمن الرحيم''، تؤكد مقدرة الفنان الكبير على ابتكار الجديد والبحث المتواصل عن القيم الاصيلة في تراثنا· والفنان محمد طه حسين صاحب تجربة فنية عريضة تقترب من الستين عاما أثرى خلالها حركة الفن التشكيلي بمئات الاعمال الفنية التي احدثت ثورة على القيم التقليدية السابقة عليها، ويسجل التاريخ ان الفنان محمد طه حسين احد رواد الحروفية في مصر والعالم العربي منذ بدأ تجربة الكتابات في خمسينيات القرن الماضي ولا يزال يواصل مسيرته مع هذه الكتابات ليقدم مجموعة من اللوحات التي تمزج بين الحروف والارقام العربية ولغة التشكيل ويضفر كل ذلك بألوان الاكريليك الناضرة الحية· ويقول الفنان محمد طه حسين إن نشأته في حي الأزهر والجمالية وسط هذه الحضارة العريقة من عمائر ومبان اسلامية تمثلت في جامعي الأزهر الشريف وقلاوون وغيرهما من المساجد والعمائر الشاهدة على الحضارة العربية الثرية أثرت في تكوينه، حيث تعلم من هذه الاجواء الحوار والنظرة الواعية للحاضر والمتفائلة بالمستقبل، ناهيك عن تأثير دروس الدين والسياسة في الجامع الأزهر، الى ان ترك المنطقة الى حي المنيل ثم التحق بالكلية الملكية للفنون التطبيقية وتخرج فيها بتفوق عام 1951 وحصل في سن مبكرة على جائزة مختار للنحت عام 1952 عن تمثال إلغاء مصر معاهدة 1936 ثم التحق بهيئة تدريس المعهد العالي للتربية الفنية، والآن هو استاذ الخزف بكلية الفنون التطبيقية، بالاضافة الى دوره الفني كمصور ورسام وخزاف ونحات، وله تجربة ثرية في السفر الى اوروبا، حيث حصل على الدكتوراه من ألمانيا في تاريخ الفن المقارن عن موضوع ''أثر الفن الإسلامي على الفنون الغربية في الفترة ما بين 1300-''1500 وتمكن من تقديم قضية التراث والمعاصرة في الفن بشكل متميز، حيث استفاد من عناصر الفن الاسلامي واستوعبه ومزجه بالفن التشكيلي المعاصر ليقدم تجربته الفنية الخالصة وأبرزها الكتابات والارقام العربية التي بدأها في اواخر الخمسينيات من القرن الماضي، واستفاد منها من تجربة الفنان الاسلامي الذي يرى الجمال عن طريق التصور الذهني للاشياء ووضعها في قالب بنائي هندسي يتلاءم مع احتياج وفلسفة المجتمع، مضيفا اليه ثقافته وخبراته الفنية ومستندا على خلفيته الحضارية والثقافية، ويستمر في التجربة وينتقل من ابداع قواعد تشكيلية ذات اشكال بيضاوية ودائرية الى مرحلة ابداع قواعد تشكيلية للارقام العربية تعتمد على التشكيل الهندسي الرمزي في شكل جمالي، بالاضافة الى تجارب فنية أخرى تستلهم روح العمارة الاسلامية كالمشربية والنوافذ والابواب القديمة· ونجح الفنان طه حسين في اخضاع ابداعاته الفنية للتنفيذ بخامات مختلفة كالسجاد والكليم والخزف والجرافيك، مقتنعا بأن الفن لابد من انتشاره بين الجماهير· اهتمام واهمال ويقول الفنان محمد طه حسين ان سفره الى المانيا واقامته لعدة سنوات هناك مكنته من كشف اسرار وعبقرية الفنون الاسلامية وعظمتها، بل ان الغرب الاوروبي استفاد كثيرا من هذه الفنون، ونجد ذلك واضحا في اعمال الكثير من المستشرقين واعمال فنانين كبار مثل ماتيس، حيث عرفوا ان هناك فنونا عربية مهمة واخذوا منها في اعمالهم الفنية، في حين اننا تأخرنا كثيرا في اكتشاف أهمية هذه الفنون، وكان للمدرسة التأثيرية الغربية حضور قوي في عالمنا العربي، حيث ظل لهذه المدرسة الفنية تأثير كبير على فنانينا فترة طويلة على حساب الفنون المستوحاة من الحضارة العربية الاسلامية· وأضاف أن الكتابات العربية وبخاصة ''البسملة'' من التجارب التي يعتز بها، حيث نجح في ان يجمع بين تلقائية وعفوية الكتابات وتنوع اتجاهاتها وصرامة البناء الفني واستقرار الكتابات داخل أو خارج مساحات هندسية أفادت التجربة، مستعينا في ذلك بملامس محددة في ''المثلث والنقطة''، مما أعطى العمل الفني استقرارا وجمالا وجلالا، وتمكن من اتخاذ ''بسم الله الرحمن الرحيم'' فاتحة القرآن الكريم اساسا للتشكيل، وقدم هذه التجربة باشكال مختلفة ابرزها بالوان الاكريليك التي استقر عليها في تجاربه الاخيرة، وهكذا خرجت التجربة غنية بالالوان والمساحات والخطوط والعلامات والرموز الهندسية والكتابات المتكررة· ويقول الفنان محمد طه حسين انه يكتب لوحاته في حركة سريعة لكي لا ينسخ الاصول التي تعلمها للكتابة، وحتى لا يقع تحت رقابة ذاتية تجبره على تحسين الخط، والتضحية بلغة الشكل في العمل الفني ومسار خطوطه وحركته·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©