ميدان الرولة.. شاهد على قرنين من الذكريات

يضم بين ساحاته قرنين من الذكريات الجميلة لأبناء الإمارات بعد أن كان مركز التقائهم ونقطة تجمعهم في الأعياد، وهو شاهد على أفراحهم ومتنزهٌ لأطفالهم، يتجمعون تحت ظلال الشجرة التي حملت اسمه ''الرولة''، يتبادلون التبريكات والتهاني وأحاديث السمر، وتتعالى ضحكات الأطفال على الأراجيح التي كانت تعلق على أغصانها (كانت تزيد على 20 أرجوحة)· اختفت كل تلك المظاهر ليصبح ميدان الرولة في الشارقة ملتقى للبسطاء ومتنفسَ الباحثين عن الراحة بعد عناء يوم طويل من الكد والعرق، للمئات من العمالة الآسيوية الذين يقصدونه من جميع أنحاء الدولة للقاء الأقارب والأصدقاء وخاصة يوم الجمعة· الفارق كبير بين الأمس واليوم في ميدان الرولة، كما يقول عبدالعزيز المسلّم مدير إدارة التراث في الشارقة، مشيراً إلى أن الميدان استمد اسمه من الشجرة، وأقيم على ما تبقى من أغصانها اليابسة نصب تذكاري في قلب الميدان الذي كانت تعيش فيه، وهو عبارة عن مجسم نحاسي تم تصميمه على شكل شجرة الرولة كرمز لها، وقد شُيِّد بأمر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي وجّه بأن يكون على شكل مستطيل وتبلغ مساحته 256 ألف قدم مربع، ويقع بين شارعي العروبة والزهراء، وتم تزويده بأعمدة إنارة، وغرست على جانبيه 30 من أشجار الرولة· ظل المكان إلى فترة قريبة ملتقى للاحتفالات، حيث شهد أول مهرجان للطفولة وغيره من المناسبات المختلفة في الإمارة· ''الأشجار تموت واقفة'' كما هو حال شجرة الرولة القديمة في الميدان والتي عاشت لفترة وسقطت آخر أوراقها في أغسطس ،1978 فحزن عليها الكبار والصغار، وكتب فيها الشعراء الكثير من القصائد، وقد تجاوز عمر هذه الشجرة، كما يقول عبدالعزيز المسلّم 150 عاماً، حيث غرست خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر من قبل الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي حاكم الشارقة خلال الفترة من (1803- 1866)، مشيراً إلى أنه تم إحضار غرستها من إحدى جزر الخليج العربي· وأوضح مدير إدارة التراث في الشارقة أن الكثير من المناسبات، ومنها احتفالات عيدي الفطر والأضحى، ومناسبات الزواج، كانت تقام في ظلال الرولة، وكان يتم تزيين الأغصان بالأضواء الملونة في مثل هذه المناسبات، كما كانت الأُسَر الإماراتية تأتي مصطحبة الأطفال من جميع مدن الدولة للالتقاء في ظلال الشجرة الممتدة· وأشار إلى أن الميدان شهد العديد من الأحداث القومية، منها انطلاق جنازة رمزية للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، كما كان مقراً لأصحاب المهارات البدنية يقدمون عروض المصارعة وقوة العضلات وشد السيارات، ويقرعون الطبول في الأعياد، ويأتي الصقارون بصقورهم المدربة، ويقوم حملة البنادق بعرض مهاراتهم في رمي البنادق والتقاطها في الهواء في أجواء كرنفالية افتقدها المكان، كما أصبح الميدان عبر السنوات الماضية مقصد المتسوقين من مهرجان رمضان الشارقة، وأضفى عليه الشهر الكريم طابعاً آخر من الخصوصية والجمال من خلال الإضاءات المنتشرة على جانبيه· قصائد تغنت بالرولة هناك قصائد قيلت في شجرة الرولة، ومنها أبيات للشيخ صقر بن سلطان القاسمي (الذي حكم الشارقة في الفترة ما بين 1951 إلى 1966 ميلادية) منها: يا رولة في ذراها النفس سارحة مني عليك سلام المدنف الشاكي لازلت في خاطري والشوق يلعب بي وبين عيـنيَّ لن ينفك مرآكِ كما تغنى بها الشاعر الإماراتي خلف حمد ثاني (من رواد الثقافة والأدب في إمارة عجمان والإمارات بشكل عام)، حيث قال في قصيدة له بعنوان دمعة على الرولة : دمعة على الرولة بدمع سـال أزمانا أنا أبكيك يا رولة في الأغصان نشوانا وأبكي رقصة العصفور وأحبابا وخلانا و؟أبكي فيك أصحابا أهازيجا وريحانا مجالس انسنا ولّت وجاء العيد أحزانا وصار الورد أشواكا تمد إلي أحضانا