الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حسيبة.. مسلسل عن المرأة والشام والثورة

حسيبة.. مسلسل عن المرأة والشام والثورة
19 سبتمبر 2007 22:19
في أجواء رومانسية ساحرة، ووسط الخراب الذي أحدثته الحرب العالمية الأولى، وبينما يظهر الرجال متصدعين منهارين، تطل حسيبة (أمل عرفة) كنجمة صبح، مقاتلة في الجبال ضد قوات الاحتلال الفرنسية، وامرأة قوية مناضلة في حارات دمشق تحاول قدر الإمكان إضاءة الطريق أمام النفوس الضعيفة الضائعة والمتخبطة، حيث ترفع راية تحرير الوطن وتحرر المرأة الشامية· تبدأ الأحداث من صياح الذي فقد زوجته وبيته وعمله في الحرب العالمية الأولى، ليجد نفسه مع ابنته الوحيدة (حسيبة) التي عاشت لدى أخوالها في قرية على حدود البادية· ويحتل الفرنسيون سوريا، ويثور الشعب ضدهم، وينخرط صياح في الثورة المسلحة، مصطحباً ابنته معه، حيث يلبسها لباس الصبية لتعيش معه أحداث وفصول الثورة السورية الشعبية، بكل انتصاراتها وأحزانها· وعندما تتوقف الثورة، يرجع الأب وابنته إلى دمشق المحتلة من فرنسا، فيطاردهما رجال التحري والشرطة، ولا يجدان ملجأً إلا لدى ابن خال صياح، وهو حمدان الجوقدار صاحب الدكان الراضي عن نفسه وعالمه، ولا ينغص عليه وعلى أهل حارته إلا رؤية الحارات الأخرى، وهي تلاقي ثوارها العائدين من الغوطة، بينما حارتهم (القنوات) لا يعود إليها مَن تفتخر به· ملحمة فنية العمل يبدأ من هنا، ليقدم ملحمة غنية بالتفاصيل عبر دراما اجتماعية معاصرة، تبتعد عن توثيق تاريخ الحقبة القديمة، لتدخل في تفاصيل الحياة وتطور المجتمع وقضايا المرأة، ولا سيما كفاحها للتمرد على المجتمع الذكوري، ومحاولاتها الخروج من حصاره، ونشاهد هذه الإضاءة، وهي تُحمل على خطوط درامية مختلفة ومتنوعة، عبر وقائع وأحداث تتصل بمن تطوعوا كفدائيين للقتال في فلسطين، أو الذين أرغموا على الهجرة إلى أوروبا، أو أولئك الذين هربوا من الواقع، ومن اللامعقول· نماذج نسائية حارة هذا العمل مأخوذ من رواية (حسيبة) للروائي السوري خيري الذهبي، وقد قام بنفسه بكتابة السيناريو للمسلسل التلفزيوني، وهو يقول: يهتم المسلسل بتقديم حركة تحرر المرأة، وسعيها للخروج من الحي القديم إلى الأفق الواسع· ولذا سنشاهد أن أكثر الشخصيات النسائية فيه، وخاصة حسيبة وخالدية كانت جريئة، ومتنورة ومصممة على تغيير واقعها، ورفض التعليب الاجتماعي، ولهذا تتكاثر صدامات الشخصيات النسائية مع الآباء والأزواج والإخوة، لكن دون أن تصل إلى الجحود، لأن العلاقاتِ الأسريةَ، كانت محكومة بأخلاقياتها العميقة والدقيقة جداً، وأساليب التربية الحميدة التي كانت سائدة· ويضيف الذهبي: ومع ذلك فإن المرأة استطاعت أن تلمس تهميشها، وزجها في خلفيات الحياة، ورفض عملها، أو متابعتها للدراسة، وعدم القبول بإبداء رأيها بالزوج الذي غالباً ما يفرض عليها من قبل الأهل· وأمام ذلك ظهرت حالات رفض حاسمة نتيجة الشعور بالظلم ومصادرة الرأي، مما يشكل أرضية لانتقال المرأة لاحقاً وتطورها ووصولها إلى مواقع العمل والدراسة والإبداع· بطولة المكان ويبدي الكاتب خيري الذهبي ارتياحه لكون المكان (الشامي) نفسه بطلا في العمل، ويقول: إن حسيبة كانت الرواية الشامية الأولى في تاريخ الأدب في سوريا، وفي النص المكتوب للمسلسل التلفزيوني نجد أن المكان بطل مواز للممثل، وشريك في كل الأحداث· ونظراً لأن رواية حسيبة تحولت إلى مسلسل تلفزيوني نشاهده حالياً، لا يمكننا إلا أن نشير إلى أن فيلماً سينمائياً عن الرواية نفسها قد تم تصويره، للمخرج ريمون بطرس· وكان ذلك مناسبة لنسأل الكاتب عن رأيه في هذه المسألة، فأجاب: أنا أمام تجربة نادرة في الرواية العربية، إذ أجد نفسي أمام ثلاثة نصوص لرواية واحدة، فهناك نص مطبوع بين دفتي كتاب، ونص تلفزيوني يعرض الآن، ونص سينمائي· وأعتقد أن هذا يعطي فرصة جيدة للنقاد والمتفرجين والقارئين كي يقارنوا بين النص الروائي والنصين الآخرين، فالنص المكتوب بالحرف، أي بالرمز، يتيح للقارئ حرية صنع النماذج التي يريدها عبر خياله الخاص، حيث يصبح لكل قارئ لرواية حسيبة·· ''حسيبة'' خاصة به· أما في النص السينمائي، فسيجد المشاهد حسيبة محددة الملامح والنبرات والإشارات والتعابير والجمال ممثلة في شخصية (سلاف فواخرجي)· أما في النص التلفزيوني فسيجد نفسه أمام حسيبة أخرى هي (أمل عرفة) محددة الملامح والرمزية والشكل والماكياج والجمال الخاص والأداء الصوتي· ويضيف الذهبي: إن المسلسل والفيلم، يقدمان للجمهور مباراة بين ممثلتين موهوبتين وجميلتين، هما سلاف فواخرجي وأمل عرفة، وهذا يصب في مصلحة العملية الفنية، فضلاً عن المنافسة الحامية التي نشاهدها ما بين الشخصية الشريكة لحسيبة في العملين، وهي خالدية التي تتنافس عليها كل من جيانا عيد وأمانة والي· أعشق الحارات الشعبية! أنتجت العمل شركة ''الريف'' الإماراتية، ويقوم بإخراج مسلسل (حسيبة) المخرج الفلسطيني عزمي مصطفى الذي يقول: إن مسلسلنا يجسد الاهتمام بالمرأة وعلاقاتها وخروجها من خلف النوافذ الخشبية الموصدة، لتثبت أنها تمثل الحياة والتطور، رغم كل ما تتعرض له من حصار، ويتجلى ذلك بوضوح من خلال قوة (حسيبة) المتأثرة بقوة خالدية، وهو ما يجعل العمل مرتكزاً على روح وسلوك الشخصيات المرادف لتطور الأحداث الدرامية المتصاعدة، حيث سنشاهد حكاياتٍ قديمةً، تشبه الحكاياتِ الجديدةَ· ويؤكد عزمي: أن هذا العمل سيترك صدى متميزاً لدى المشاهدين الذين يتابعونه، لأن أحداثه تعيد للذاكرة، ما لا يمكن محوه بسهولة، ولأنها تزيد العنفوان والإحساس بالكرامة، رغم كل التحديات والمصاعب، ولا يخفي عزمي عشقه للعمل في البيئة الشامية والشعبية، ولا سيما في تلك الحارات التي تذكره بحارات فلسطين المحتلة التي يحن إليها وإلى أجوائها· ويشير عزمي إلى كثافة قصص الحب والتمرد على الاستعمار من خلال عدة محاور في المسلسل؛ فهناك محور صياح وابنته حسيبة، ومحور حمدان الشاب الذي يعيش قصة حب مع خالدية، لكنه يهجرها عندما يدعوه الواجب الوطني، ويستشهد مجاهداً في فلسطين· وهناك محور فياض الصحفي العائد من فرنسا والمعجب بحضارتها، لكنه يكره استعمارها، فيشترك في مقاومة احتلالها· إمارات زرق تحدثت عن دورها في هذا المسلسل (تلعب شخصية الراقصة)، وهو دور قوي ومؤثر درامياً، رغم صغر حجمه، وقالت: إنها تعتبر أداءها لشخصية الراقصة تحدياً، ولا سيما أن الدور جميل جداً، ولن تندم أبداً على أدائه· أما لورا أبو أسعد التي تلعب دور زوجة ضابط فرنسي لا تنجب، فتقول: اختطفت مع زوجي طفلاً عربياً، وقمنا بتربيته، وحوّلناه إلى شخص فرنسي، لكنه عندما كبر، وأصبح شاباً، عاد إلى جذوره العربية، وشارك الثوار في قتال الفرنسيين· ووصفت لورا المسلسل بأنه ''عمل ملحمي كبير، وذو محاور درامية غنية''· شخصيات مسلسل (حسيبة) من إخراج المخرج الفلسطيني عزمي مصطفى، ويجسد شخصياته الأساسية: أمل عرفة، فارس الحلو، لورا أبو أسعد، وائل رمضان، سعد مينة، روعة ياسين، عبد الهادي الصباغ، وفاء موصللي، أمانة والي، علي كريم، عصام عبه جي، واحة الراهب، كندة علوش·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©