الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فؤاد نصر الله يرصد تجليات العولمة في شعر درويش

فؤاد نصر الله يرصد تجليات العولمة في شعر درويش
19 سبتمبر 2007 22:40
ما العلاقة بين العولمة ومقولات صموئيل هينتغتون بـ صراع الحضارات ومقولات فرنسيس فاكوياما بـ نهاية التاريخ بجماليات شعر محمود درويش ؟ هذا السؤال الشائك يحاول أن يجيب عليه كتاب فؤاد نصر الله الذي يحمل عنواناً طويلاً تجليات العولمة الثقافية والسياسية في شعر محمود درويش·· مقاربة حضارية أدبية·· 1995 ـ 2004 وهو كتاب صادر عن مؤسسة الانتشار في بيروت 2007 بـ 340صفحة من القطع الكبير· يحاول نصر الله في هذه القراءة العسيرة من خلال خمس مجموعات شعرية لدرويش من المجموعات التي صدرت خلال العقد الأخير من التجربة الدرويشية، وهي لماذا تركت الحصان وحيداً و سرير الغريبة و جدارية و حالة حصار و لا تعتذر عما فعلت · معتمداً في مقاربته على ما يسميه المنهج السوسيوثقافي ، وهو المنهج الذي يحلل الأدب من موقع كونه نتاج أوضاع ثقافية ومتطلبات اجتماعية، حيث المكوّن الثقافي هو الذي يمنح هذا المنتج تميزه، لأن الثقافة ليست الأدب وحده بل النشاط العملي والفني في البيئة· اختار الباحث أن يفتتح كتابه بمعالجة نظرية لموضوع العولمة، وهي معالجة سياسية واقتصادية وفكرية تغطي أكثر من ثلث الكتاب، ويحاول من خلاله معالجة العولمة كظاهرة حضارية، يبحث عن جذورها المفهومية، وتجليات خطابها، والآثار التي تركتها على العروبة والقضية الفلسطينية· وفي وسط زحمة العولمة والقضايا يحاول نصر الله الإحاطة بمفهوم الهوية العربية وتأثير العولمة عليها، ويحاول أن يحدد هذه الهوية، ماهيتها، مكوناتها، جذورها، تشابكاتها، محاولاً ربطها بإشكاليات العولمة· في بحثه عن حفريات العولمة في قصائد درويش يقول الكاتب إنه قام بتتبع سيرة الشاعر الذي كانت حياته ترجمة للهم الفلسطيني حين عانى ومنذ وقت مبكر جداً عندما كان صبياً في قرية البروة قبل العام ·1948 ومن خلال المقاربة النقدية يحاول الكاتب أن يكشف طبيعة العلاقة بين الشعر كأنظمة كلام وأنساق جمالية لها طبيعة تتسم بالشفافية والرهافة، بين التحولات العميقة في بنية الواقع، وآفاق الصدمة الحضارية التي تولدت عن ضياع أرض، وتشتت شعب· كما تحاول مقاربته أن تكشف عن ظواهر جمالية عالية القيمة وأنساق بيانية تحدد طبيعة المعالجة المتفردة لدرويش الذي وظف الأسطورة، وتماهى مع التاريخ، ونقّب في اللغة، وقدم تأملات إنسانية فاضحة للنظام العنصري للصهاينة، وما تنطوي عليه المساندة المريبة للقطب الأوحد أميركا· يكتب نصر الله: لم تكن العولمة الطلقة الأخيرة المصوبة بإحكام تجاه الشعب الفلسطيني، بل إنها مثلت إحياء فجاً للحالة الاستعمارية في المنطقة، وهي التي جعلت من درويش بحق شاعر المنافي، والموانئ ، والوطن المستحيل·· نحن نتتبع بذور الهم الأكبر الذي يكاد يطيح بأمن العالم، والمسمى بالعولمة، ونتأمل كيف استطاع درويش أن يخضعها لآليات البناء الدائري للزمن، ثم سنعيد التأكيد على حقيقة هامة في دنيا النقد، وهي أن القصائد العظيمة، هي تلك التي تعطي دلالات متعددة، وتفتح على دلالات متعددة، وتنفتح كل مرة على عدد لا نهائي من الاحتمالات، في المبنى والمعنى، في تشكيل الصور المتشابكة، وتوقيع النبر الإيقاعي الساحر· إن التدقيق بالنص السابق والكثير من المقاطع في الكتاب، يظهر أن العولمة والشعر عالمان لا يمكن تحليلهما بذات الأدوات البحثية، وبذلك يبدو في مقاطع أن العولمة مقحمة على التحليل الأدبي، أو أن التحليل الأدبي مقحم على العولمة كقضية شائكة· ورغم أن هناك في بعض المقاطع تحليلا أدبيا جميلا لنصوص من أشعار دوريش، إلا أن الكاتب يفشل في إقناعنا بأن هناك تجليات للعولمة بوصفها معطى سياسياً واقتصادياً وحتى فكرياً في شعر محمود درويش عالي الجمالية، والمدافع عن قيم لا شك بأنها تتعارض مع الآثار السلبية الظالمة للعولمة، ولكن ليست مباشرة وفجة، بل عبر لغة الشعر التي تحاول أن تكتب المألوف بلغة غير مؤلفة، أو تكتب غير المألوف بلغة مألوفة حسب تعبير محمود درويش نفسه·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©