الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وايلدرز ··· والشعر الأصفر

26 مارس 2008 01:24
لشعر السيد ''جريت وايلدرز'' الأشقر الناصع، علاقة كبيرة بشخصيته، فعلى امتداد ما يزيد على العقدين، واظب هذا النائب البرلماني الهولندي المعادي للإسلام، على صبغ شعره بصبغة ضاربة إلى الشقرة البلاتينية الشديدة النصوع، وبتلك الصفة فإنه يمكن تمييزه بسهولة بين أكبر حشد من الناس، وهو ليس من الحكمة في شيء بالنسبة لرجل طالما تعرض لتهديدات القتل المتكررة من قبل المتطرفين الإسلاميين منذ عدة سنوات، لكن وعلى رغم ذلك تمكن ''وايلدرز'' من المضي قدماً في تطوير عمله المهني السياسي وبناء حزب جديد له في بلاده· وخلال استعداده لإطلاق فيلمه المثير للجدل الذي ينتقد فيه القرآن الكريم، تذكر أثناء حوار صحفي أجري معه مؤخراً، نصيحة أسديت إليه سابقاً للتمكن من مواصلة مسيرته السياسية، تتلخص في أن عليه أولاً، أن يجعل من صوته أكثر اعتدالاً وتوازناً عند الحديث عن الإسلام، ثم عليه ثانياً أن يتخلى عن لون شعره الغبي الذي لا يناسب القادة السياسيين، إلا أنه رفض كلتا النصيحتين، وقال قولته الشهيرة في هذا العناد: ''إذا ما دفعني الآخرون لفعل شيء ما، فإنني أفعل نقيض ما يريدونه تماماً''· وقد صعد النجم الإعلامي للسيد ''وايلدرز'' مؤخرا بسبب فيلم تتراوح مدة عرضه بين 10-15 دقيقة يصف فيه القرآن باعتباره مصدر الإلهام الرئيسي لعنف المتطرفين والضربات الإرهابية التي ينفذونها، وبعد أن فشل في إقناع أي من الشبكات والقنوات التلفزيونية الهولندية بعرض فيلمه هذا، قرر بثه عبر شبكة الإنترنت بنهاية شهر مارس الجاري، وكثيراً ما أجرى وايلدرز مقارنة بين القرآن وكتاب الزعيم النازي أدولف هتلر ''كفاحي'' داعياً إلى حظر نشر وتداول الكتابين في هولندا· هذا ولا يزال يجهل الجميع -بمن فيهم رئيس الوزراء الهولندي- التداعيات المحتملة لنشر هذا الفيلم، إلا أن المؤكد أن ''وايلدرز'' يجد متعة خاصة في إثارة غضب وحساسية المسلمين داخل بلاده وخارجها، ومن تصريحاته حول الفيلم قال إنه أعده خصيصاً لإظهار أن الإسلام والقرآن جزء لا يتجزأ من أيديولوجية فاشية ظلامية تريد أن تقضي على كافة القيم التي تجسدها الديمقراطية الغربية· بيد أن هناك من قادة مسلمي هولندا، من أمثال ''محمد رباع'' -رئيس المجلس المغربي الهولندي- من رأى في وايلدرز شخصاً معتوهاً لا أكثر، مستدلا على حكمه بأن ''وايلدرز'' يخوض حرباً ضد النبي محمد الذي عاش في القرن السادس الميلادي، بدلاً من أن يستهدف أشخاصاً معاصرين في زماننا الحالي، وهناك من مضى شوطاً أبعد من هذا، بتقديم شكاوى رسمية لدى الشرطة في عدة مدن هولندية، ضد البث المتوقع للفيلم الذي حمل اسم ''الفتنة'' على اعتقاد أن تصريحات ''وايلدرز'' السابقة مصحوبة بفيلمه الحالي، يتضمنان جريمة كراهية محتملة، وأن من شأن الفيلم أن يؤجج نار التمييز والكراهية· يقول مؤيدوه، إن ''وايلدرز'' لا يفعل أكثر من مجرد الدفاع عن عراقة القيم الهولندية، وفي مقدمتها قيمة حرية الرأي والتعبير، أما منتقدوه الكثر، فيرون فيه يمينياً متطرفاً خارجاً عن السيطرة، ويخاطر بمصالح بلاده القومية خدمة لمآربه السياسية الخاصة، آخذين عليه عدم اكتراثه بتهديدات حركة طالبان بتصعيد هجماتها على القوات الهولندية المنتشرة في أفغانستان في حال بث الفيلم، بل لم يأبه بما قاله مواطنوه المقيمون في الخارج، الذين عانوا من تداعيات المصاعب التي واجهوها بسبب نشر الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول، من أن بث الفيلم الجديد سوف يجعل معاناتهم هناك أكثر صعوبة· تعليقاً منه على البث المتوقع للفيلم، قال ''مكسيم فيرهاجن'' -وزير الخارجية الهولندي- إن بث الفيلم يعد عملاً غير مسؤول، لأنه ليس مستبعداً له أن يعرض المواطنين والشركات والجنود الهولنديين لمخاطر جمة، وبدلاً من أن تحمل كل هذه الانتقادات العنيفة النائب البرلماني على التراجع عن قرار بثه للفيلم، فهي لم تزده إلا عناداً وإصراراً، بل إن من رأيه أن كل هذه الانتقادات تقف دليلاً قاطعاً على جمود الإسلام وعدم تسامحه، وعلى ميل المسلمين المستمر لإخراس أي صوت ناقد لدينهم، وأن وسيلتهم إلى ذلك هي القوة والعنف· ومن رأيه أيضاِ إنه لا يمكن السماح لمن يستخدمون الوسائل غير الديمقراطية، ويلجأون للعنف بدلاً من الحجة، أن يرسموا أجندة هولندا ويحددوا مسارها· جريجوري كراوتش- لاهاي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©