السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكلمة والرؤية في مواسم الشارقة الثقافية

الكلمة والرؤية في مواسم الشارقة الثقافية
9 فبراير 2011 19:21
يحفل المشهد الثقافي بالشارقة بحزمة من الفعاليات الكبرى والأنشطة الفرعية الموصولة بذاكرة وانتباهات المكان، والتي لم تتخل أيضا عن أبعادها العربية والإسلامية وكذلك العالمية، لتشكل في النهاية خريطة ثقافية متنوعة يستدل عليها القريب والبعيد، وتكرس وترسخ في المقام الأول توجيهات ومرئيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي جعل من الثقافة همه الأساس لخلق حالة تفاعلية مستمرة بين الآداب والفنون المختلفة مثل المسرح والتشكيل والعمارة والخط، وصولا إلى الاحتفاليات التراثية والاهتمام بعلم الآثار، وليس انتهاء بتعميم ونشر فعل القراءة كونها فعلا يشير وبقوة إلى التنوير المعرفي والفكري والروحي الذي يهدف لغرس أوتاد حضارية راكزة وسط عواصف وتحديات وأسئلة العولمة والمستقبل المتبدل للعالم وللبشرية. استطاعت مجموعة من القيادات الثقافية الشابة في الإمارة الباسمة أن تتحرك وفق أحلام وطموحات حاكمها، كي تضع اسم الشارقة ودولة الإمارات في قلب البلدان والحواضر الثقافية العريقة والكبرى مثل فرنسا واليابان وألمانيا والمكسيك وإسبانيا والدانمارك، وتلّون المشهد الثقافي بالعديد من المشاركات الخارجية لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة في هذه الحواضر البعيدة ليصل الصوت المحلي الممتزج بالطيفين العربي والإسلامي إلى بيئات ثقافية تسعي إلى التعرف إلى عمق وروافد وإبداعات المشتغلين في حقل الثقافة بالإمارات. معرض الكتاب: قلب الشارقة يعتبر معرض الشارقة الدولي للكتاب بمثابة القلب الثقافي النابض في المكان والمشتمل على مسارات إبداعية كثيرة ومتشعبة، حيث يظل لمعرض الكتاب إلهامه الخاص وقيمته العالية وثقله المهيمن على هذه المسارات المتعددة، وكان المعرض في دورته الأخيرة مثلا على موعد مع شعار حمل الكثير من المعاني المبطنة والظاهرة ، وهو: “في حب الكلمة المقروءة” حيث تبقى محبة الكتب في هذه الإمارة المتوهجة بثقافتها هي محبة متغلغلة ومتجذرة في وعي وبصيرة المقيمين على أرضها والشاربين من نبعها الرؤيوي الصافي والمتدفق من عمق التاريخ ومن جوهره. وكمثال ومؤشر على الزخم الذي شهده المعرض في دورته الأخيرة يتبين الكم الكبير من الأنشطة والفعاليات التي احتضنها، حيث شهد المعرض استضافة أكثر من 200 مفكر وأديب ومثقف عربي وعالمي و40 إعلاميا عربيا وعالميا شاركوا في الفعاليات والأنشطة التي نظمتها الدائرة الثقافية في الشارقة إبان المعرض والتي بلغت أكثر من 200 فعالية توزعت على المقاهي الثقافية وحفلات التوقيع والندوات والمحاضرات التخصصية بالإضافة إلى الأمسيات الشعرية والأدبية، والبرامج والورش الموجهة للطفل. وشهد افتتاح المعرض توقيع حاكم الشارقة للجزء الأول من كتابه الجديد : “حديث الذاكرة” الذي جاء بمثابة سجل شخصي وعام حول المحطات والانعطافات المهمة في التجربة السياسية والاجتماعية بالإمارات قبل وبعد نشوء الدولة ، وتضمن المعرض أيضا الإصدارات السابقة لسمو حاكم الشارقة والتي تنتهج في مجملها خطا توثيقيا وإبداعيا واضحا وسط التحولات التاريخية واعتمادا على التوليف المسرحي النابع من الدروس الكبرى لهذه التحولات. المهرجانات المسرحية: رؤى مجسّدة من مهرجان أيام الشارقة المسرحية إلى مهرجان المسرح الجامعي ووصولا إلى مهرجان الإمارات لمسرح الطفل تحولت صالات المسرح في الشارقة، إلى صالات ضاجة بالتنوعات الأدائية على خشبة باتت تتسع لأحلام وطموحات القائمين على الشأن المسرحي في الشارقة، وكانت الدورة العشرين لأيام الشارقة المسرحية والتي أقيمت في شهر مارس الماضي مدخلا لقراءة إنجازات المسرح الإماراتي بعد عقدين من المحاولات الجادة والمتنامية لإخراج المسرح من علبة الفرجة والترفيه إلى أفق جديد يحتضن الأنساق التجريبية والمعاصرة في الأداء والتوليف والطرح الفكري، مرورا باكتشاف الطاقات البصرية والتقنية المدهشة التي تحاكي تطور الفنون الأخرى الموازية والمتقاطعة مع فن المسرح، وفي هذا السياق أكد أحمد أبورحيمة مدير معهد الشارقة المسرحي لـ”الاتحاد الثقافي” بأن المسرح في الشارقة وفي الإمارات عموما هو مسرح نشط ويبشر بكل ما هو جديد ومدهش سواء من قبل المؤلفين والمخرجين والممثلين أو من قبل الجمهور الذي بات أكثر وعيا بقيمة وخطورة المسرح، وأضاف أبو رحيمة بأن القائمين على الشأن المسرحي يعملون حاليا على خلق جيل أو صف ثان من الكوادر المسرحية الشابة لتفعيل الوهج المسرحي واستمراره، وقال : “ نحاول في كل دورة مسرحية سواء في مسرح الكبار أو الصغار أن نقيم وننفذ أطروحات وتوصيات لجان التحكيم لتفادي الأخطاء والنواقص، وسد الفجوات في بنية المسرح المحلي”، وأضاف بورحيمة: “إن الأيام في دورتها الأخيرة شكلت انطلاقة ومنصة لتجاوز مطبات وعثرات السنوات السابقة، وكانت الورش المكثفة التي أقامتها ثقافية الشارقة حول التخصصات المسرحية مثل التأليف والإخراج والسينوغرافيا والتمثيل وغيرها، هي بداية التطبيق الفعلي للاقتراحات النظرية والتوصيات الورقية التي خرجنا بها بعد تجربة طويلة ومتراكمة باتت بحاجة للتطوير واستيعاب المفردات الهائلة والمتجددة في المسرح المعاصر”. المشهد الفني: خطابات نورانية 119 فعالية و37 معرضا فنيا و65 ورشة متخصصة وعدة أعمال فردية وندوات ومحاضرات كبرى وتخصصية، هي حصيلة ما قدمه مهرجان الشارقة للفنون الإسلامية في دورته الثالثة عشرة، التي شكلت تظاهرة فنية قوية، لم تخل أيضا من انعكاسات وأصداء توزعت برشاقة على المشهد التشكيلي المحلي، وخصوصا على فنون الخط والنقش والرقش والعمارة الإسلامية والتصوير الضوئي، وشكل هذا المهرجان الكبير الذي شمل مدن ومناطق الشارقة المختلفة مثل الذيد ودبا الحصن وكلباء وخورفكان ما يشبه الكرنفال أو الخطاب النوراني المتجلي والملامس لإنجازات الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها وتألقها، وكان لوجود عدد من الخطاطين القادمين من مرجعيات وديانات أخرى دورا في التأكيد على البعد الحواري والمتسامح للثقافة العربية والإسلامية التي تقدر إنجازات ومساهمات الآخر أو الغريب في المنجز الحضاري الإنساني والعالمي. والشارقة كحاضنة ثقافية مهمة في المنطقة باتت على موعد مع أكثر من مناسبة فنية وتشكيلية مهمة مثل بينالي الشارقة، والمعرض العام لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية ومعرض المرئي والمسموع بالإضافة إلى المعارض الفردية للفنانين المواطنين التي تقيمها إدارة الفنون بالدائرة الثقافية بالشارقة في المعاهد والكليات الجامعية وفي المراكز الثقافية بالمنطقة الشرقية وذلك من أجل تحقيق الأهداف المجتمعية التي تربط الفنان بالبيئة الثقافية والأكاديمية، ومن أجل تسليط الضوء على تجربة الفنان المحلي وإيصال صوته الإبداعي للأجيال الشابة وللقطاعات المختلفة في المكان. وفي هذا السياق صرح هشام المظلوم مدير إدارة الفنون بثقافية الشارقة لـ”الاتحاد الثقافي” بأن توجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة بضرورة تعميم ونشر الوعي بالفنون التشكيلية عموما وبفن الخط الإسلامي بشكل خاص، كان لها الدور البارز والنافذ في تحويل الفن إلى نافذة مفتوحة ومشرعة وشفافة أيضا بحيث يمكن لنا إيصال المنجز التشكيلي لكافة الشرائح المجتمعية ومن دون حواجز وإعاقات بيروقراطية. وقال المظلوم: “إن مهرجان الشارقة للفنون الإسلامية مثلا حفل بالعديد من الفعاليات التي سبقت المهرجان ومهدت للتواصل المرن مع هذا المهرجان الضخم في برامجه ومعارضه التخصصية، ومن هذه الفعاليات السابقة للمهرجان “ملتقى الخط “الذي أقيم في شهر أبريل من العام الماضي وتضمن 50 فعالية توزعت بين المعرض الدولي للخط الأصيل، وتجربة الحروفيات والفنون المعاصرة، والمعارض الفردية والتكريمية لأبرز المساهمين في إثراء الخط العربي، بالإضافة إلى الندوة الدولية الموازية للملتقى، والمعارض التي شارك بها مصورون إماراتيون لتوثيق جماليات الخط والعمارة الإسلامية”. واختتم المظلوم تصريحه بالتأكيد على أن الشارقة سوف تشهد في السنة القادمة العديد من المفاجآت الفنية والتشكيلية التي تنطلق من مشروع الشارقة الثقافي والشامل، وهو مشروع يهدف إلى تحويل هذه المنطقة من العالم إلى حاضن كبير للفنون الكلاسيكية المتناغمة مع الفنون الحديثة والمعاصرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©