الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد الأشعري: أستنطق الخراب

محمد الأشعري: أستنطق الخراب
9 فبراير 2011 19:22
الحوار مع الشاعر والروائي والقاص المغربي محمد الأشعري المرشح لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) في دورتها الثالثة عن روايته الجديدة “القوس والفراشة”، حوار متنوع ومتشعّب وشائك. فالأشعري (1951) وجه معروف في الساحة السياسية المغربية كمناضل أعطى بعض سنوات عمره للسجون كباقي المناضلين في العالم العربي والعالم. اشتغل الأشعري بالصحافة والمجال السياسي الذي قاده إلى مسؤوليات نيابية وحكومية، منها تولي منصب وزير الثقافة في بلاده. الأشعري قبل أن نعرفه روائيا في “القوس والفراشة”، عرفناه بروايته “جنوب الروح”. كان الأشعري مخلصا وعاشقا للشعر والقصة القصيرة، فأعطى للمكتبة المغربية والعربية الكثير من الأعمال الإبداعية المتميزة منها: “سيرة المطر”، و”يوم صعب”، و”يومية النار والسفر”، و”قصائد نائية”، و”عينان بسعة الحلم”، و”يباب لا يقتل أحد”، و”سرير لعزلة السنبلة”، و”مائيات”، و”أجنحة بيضاء في قدميها”، و”حكايات صخرية”. كما ترأس الأشعري اتحاد كتاب المغرب، ثم عين وزيرا للثقافة وهو وجه معروف في النضال السياسي وينتمي إلى أحد أعرق الأحزاب اليسارية المغربية. عن روايته الجديدة وتجربته الإبداعية عموما كان هذا الحوار مع محمد الأشعري: ? كيف كان شعوركم حين علمتم أن روايتكم “القوس والفراشة” وصلت إلى القائمة القصيرة لنيل جائزة البوكر العربية؟ ? أنا لست مشدودا إلى عالم الجوائز وإلى الأشياء المرتبطة بهذا العالم، وعندما كتبت الرواية لم يكن إطلاقا حاضرا في ذهني أي تسابق على أي شيء. ولذلك، فأنا مازلت مشدودا بالهموم المتعلقة بالكتابة ومجالاتها الفنية والمضمونية، وبالرغم من قناعتي بأن الجوائز يمكن أن تلعب دورا في التعريف بالأعمال الأدبية، وفي توسيع مجال تداولها، فإنني مقتنع كذلك بأنها ليست هي الأساس في العملية الإبداعية نفسها. ? كيف ترون المشهد الثقافي في منطقة الخليج العربي؟ ? ضمن متابعتي المحدودة، أعثر من حين لآخر على نصوص لافتة للانتباه، واعتبر أن الوسائل الإعلامية وبعض البنيات الأساسية في المنطقة ربما تكون ذات أهمية بالنسبة للمستقبل الثقافي في المنطقة. عموما ما أتمناه ان تلعب هذه الوسائل الثقافية الضخمة دورا رائدا بالنسبة للمنتوج العربي على العموم، وليس الخليجي فقط، لأنني أومن أن التقدم الثقافي لن يحصل إلا بإنشاء مؤسسات صناعية ثقافية كبرى تأخذ بعين الاعتبار تنوع وتعدد التعبيرات الفنية والابداعية في الوطن العربي وتأخذ بعين الاعتبار امكانية تسويق هذا التعدد، ليس فقط على المستوى العربي، ولكن خارج حدود العالم العربي. الشعر والرواية ? كيف تحول محمد الاشعري من شاعر في “صهيل الجواد الأبيض”، وغيره الى قاص في “يوم صعب” ثم الى روائي في “جنوب الروح” و”القوس والفراشة”. أين يجد محمد الاشعري ذاته بين كل هذا؟. ? أنا لا أريد أن أحمّل العمل الأدبي أكثر مما يحتمل، والأشياء التي ذكرتها بعيدة كثيرا عن اهتمامي، وأنا اكتب أولا انتصارا للقيم الجمالية والإنسانية وتحقيقا لمتعتي الشخصية أولا وقبل كل شيء وليس هناك أي تصادم في داخلي بين ما اشتغل به أحيانا في مجالات أخرى اجتماعية أو سياسية وما انصرف إليه عندما اختار أن اكتب، والحديث عن هذا التجاذب كصراع يجب الخروج منه بمصالحة ما هو صورة غير دقيقة للأمور. إنها ليست غرف مغلقة، إنها، إما أن يكون الكاتب في غرفة أو في غرفة أخرى، إن هذه الأجناس التي يحدث عنها هي أجناس متداخلة ليس فقط فيما بينها ولكن أيضا مع أجناس أخرى وتعبيرات أخرى، وأنا لا أؤمن بهذه الحدود واعتبر أن الكتابة هي اختيار شمولي وكلي والرؤية الجمالية والفنية ليست حبيسة جنس معين يختاره الكاتب ويستقر عليه للأبد، واعتبر أن صميم حرية المبدع أن يتحول طليقا بين هذه الغرف المفتوحة على كل حال على بعضها. ? تحضر ثنائية الزمان والمكان في روايتكم “القوس والفراشة”، هل تسلك في عملك مسلك الباحث عن الزمن الضائع والمنفلت الذي ربما هو زمن العائلة؟ ? لا أظن ان هناك رواية يمكن أن تبنى خارج ثنائية الزمان والمكان، والفضاء الروائي له هندسة زمانية ظاهرة أو خفية ومتقطعة أو مسترسلة، وله أيضا مجال مكاني مما يتسم بالتعدد أو بالأحادية، ولكن في كل الأحوال فان الرواية لا يمكن أن تقوم بمهام المؤرخ، ولا بمهام المحلل الاجتماعي، إنها أصلا بناء جمالي تخيلي، قد يحدث أن تساعد القراء على فهم أعمق لما يجري حولهم، ولكن ما تنجح فيه بالأساس، هو إثارة الاهتمام المشترك بالتفاصيل التي لا نستطيع الإمساك بها خارج صياغة الأدب عموما. صورة فسيفسائية ? في “القوس والفراشة”، نجد الحضور الطاغي لموقع “وليلي” الأثري بكل رموزه الأثرية، لماذا هذا الموقع بالذات؟ ? هناك سمة أساسية في الرواية، تتعلق نوعا ما باستنطاق الخرائب أو استنطاق الخراب عموما، وكل ذلك بغية الوصول إلى تحديد دقيق ما نحس به عندما تنهار أشياء كثيرة حولنا. وما نتطلع اليه ونحن نخرج من هذه الانهيارات او نحاول الخروج منها، وهو حال الأبطال الأساسيين في هذه الرواية. واخترت “وليلي” كذلك لأسباب جمالية تتعلق بالفسيفساء المعروفة في هذا الموقع الأثري الهام، والتي تشكل في نظري بعدا جماليا أساسيا داخل الخرائب، وفي نفس الوقت تشكّل بعدا رمزيا لكونها تختزل إلى حد كبير إشكالية الرواية التي تحاول أن تركّب صورة كبيرة ومعقدة من خلال فسيفساء مشتّتة ومجزئة. وفي نظري فان الشخوص كلها ولكن الشخصية المحورية في الرواية تلملم كثيرا من الشظايا والكثير من الفسيفساء التي تشكل حياة للشخصية، ومسارات محيطها، وتحاول أن تركب من هذه الشظايا والفسيفساء صورة كبرى بعناصر مختلفة وبدلالات جديدة. ? من هو محمد الفرسيوي في روايتكم “القوس والفراشة”؟. ? يمثل شخصية روائية، حاولت ان أتابع مسارها وتأملاتها وانكساراتها، وحاولت أن أجعل منها نموذجا لإنسان يسقط في مخالب انهيارات كبرى، ولكنه ينهض من هذه الانهيارات، بإعادة تركيب الحكايات المحيطة به، وباختيار الحب والصداقة والتأمل الشعري كوسائل لإعادة بناء نفسه من جديد. ? كيف ترون حال الرواية العربية اليوم؟ وما هي ابرز النصوص التي قرأتها؟ ? أنا أقرأ نصوصا جيدة، أعتبر نصوصا كثيرة في عدد من بلدان الوطن العربي أصبحت اليوم نصوصا تشد الانتباه ليس فقط بخصائص محكيها، ولكن أيضا بالمجهود الكبير الموجود في البناء وفي التخييل وفي اللغة، ومن المهم اليوم ان نثير الانتباه إلى ضرورة إيجاد فرص كثيرة لتداول هذه النصوص بين القراء العرب، للأسف فإن توزيع الكتاب العربي بصفة عامة هو توزيع سيء للغاية ومحدود ومعارض الكتاب لا يمكن أن تغني عن قنوات التوزيع الدائمة والمستمرة، ولذلك فانا أتأسف أحيانا لكوني أثناء زيارتي لبعض البلدان العربية أجد دائما نصوصا في غاية الأهمية ولكن لا تصلنا إلا بعد سنوات من صدورها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©