الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو الحسن الحصري.. الشاعر الأعمى

أبو الحسن الحصري.. الشاعر الأعمى
21 سبتمبر 2007 02:44
في حي الفهريين بالجبهة الشمالية من جامع عقبة بالقيروان وفي بيئة عربية· وبالقرب من القائد العربي عقبة بن نافع الفهري مؤسس القيروان وفاتح افريقيا ولد الشاعر ابوالحسن علي بن عبدالغني الفهري الحصري الضرير وكان مولده في عام 420 هجرية· ويقول المؤرخون إن الحصري ينتسب الى صناعة الحصر، على حين يقول بعضهم ان النسبة الى قرية حصر بالقرب من القيروان وقيل ان ابا الحسن قريب لإسحاق ابراهيم الحصري مؤلف كتاب زهر الآداب وهو شيخ ادباء عصره ولازمه فقد بصره منذ ولادته او بعد ولادته بقليل بسبب مرض الجدري فأرسله والده الى الكتاب، حيث حفظ القرآن الكريم على شيوخ عصره، كما قرأ على أعلام النحاة، وبدأ يقول الشعر في سن مبكرة، حيث رثى اباه والتفت اليه ابن عباد صاحب اشبيلية حينما رحل ابوالحسن اليها فاستدعاه لبلاطه وبهذا سبقته شهرته الى الاندلس· محن كثيرة وابوالحسن الحصري اجتمعت عليه المحن منذ الصغر، حيث فقد بصره وهو صغير وماتت أمه وهو صغير ايضا؛ مما أوجد في نفسه احساسا بالعجز، كما فقد أباه قبل رحيله من القيروان· ودعته محنته الى ان يتزوج حتى لا يعيش وحيدا فريدا في الحياة، فقرر الزواج، الا انه لم يمكث مع زوجته طويلا، خاصة انها كانت شابة وهو شيخ كبير، فخشي ان تعبث به رغم انها ولدت له اربعة ابناء ماتوا جميعا في حياته· محن كثيرة واجهها ابوالحسن منذ نشأته واستمرت طوال حياته·· الا انه لم يقف عند كل ذلك، وانما انصرف الى الاهتمام بالعلم والشعر وذاع شعره وشهد له القدماء بالبراعة، فقال عنه ابن بسام في كتابه الذخيرة: كان ابوالحسن بحر براعة ورأس صناعة وزعيم جماعة ويقول عنه عبدالواحد المراكشي: كان الحصري الاعمى اسرع الناس في الشعر خاطرا· فشعر الحصري قد يحمل طابع عصره -''القرن الخامس الهجري''- وهذا العصر قد نفقت فيه سوق الشعر في الاندلس واشتهر شعراؤه بالاحتفال بالبديع من جناس وتورية واختص شعر الحصري بمميزات خاصة، فهو غزير العلم باللغة عميق المعاني· محب للتفوق والحصري كان محبا للتفوق حتى لا يظهر امام الناس بالاستسلام لمحنه ولعجزه وقد دفعه حبه للتفوق الى الاغراب في كل شيء وتعمد التزام ما لا يلزم، خاصة في قوافيه الشعرية واختيار اصعب الحروف في النطق وأقلها في اللغة، وهذا كله كان قليلا في شعره امام براعته وابداعه· ويؤكد المؤرخون أنه والمعري صنوان، فكلاهما فقدا البصر وكلاهما متفوقان في علوم العربية؛ مما جعلهما عرضة للحاسدين· والملاحظة المهمة ان الميل الى التقيد بقيود اختيارية يظهر كثيرا لدى فاقدي البصر وربما كانت هذه الظاهرة راجعة الى ميل غريزي لإظهار التفوق على المبصرين ومحاولة لتجنب عاهتهم ولفت الانظار إلى ان الله تعالى عوضهم عن فقد البصر بنور البصيرة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©