الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان وأميركا... واختبار «ديفيس»

9 فبراير 2011 20:17
علّقت الإدارة الأميركية حوارها رفيع المستوى مع باكستان التي تعتبر شريكاً أساسياً في حرب أفغانستان، وذلك على خلفية قضية دبلوماسي أميركي اعتقلته السلطات الباكستانية بتهمة التورط في جريمة قتل. فقد اعترف الدبلوماسي "رايموند ألان ديفيس" بأنه أطلق الرصاص على شخصين باكستانيين كانا يركبان دراجة نارية قال إنهما هددا حياته عندما كان يقود سيارته بلاهور في 27 يناير الماضي وتوترت العلاقة بين إسلام آباد وواشنطن، مما يهدد بإجهاض القمة المرتقبة بين قادة أميركا وأفغانستان وباكستان خلال الشهر الجاري في واشنطن. وأكثر من ذلك، فقد دفعت قضية "ديفيس" وزيرة الخارجية الأميركية إلى إلغاء لقاء كان سيجمعها في الأسبوع الماضي مع نظيرها الباكستاني، على هامش مؤتمر الأمن الدولي بميونخ، احتجاجاً على استمرار السلطات الباكستانية في احتجاز الدبلوماسي الأميركي، وذلك حسب معلومات أدلى بها مسؤولون من البلدين تحفظوا عن ذكر أسمائهم لحساسية الموضوع. وفي نفس الإطار، وتعبيراً عن احتجاجها، استدعت الإدارة الأميركية مرتين السفير الباكستاني لدى الولايات المتحدة، إلى البيت الأبيض لتقديم شكاوى رسمية ومطالبة بلاده باحترام الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها ديفيس وإطلاق سراحه فوراً. وقد أعيد التأكيد على هذه الرسالة خلال لقاء في إسلام آباد بين الرئيس زرداري والسفير الأميركي "مونتر". هذا ويحمل ديفيس، البالغ من العمر 36 عاماً، والذي أثار كل هذه الضجة، جواز سفر دبلوماسياً، وهو عضو "في الطاقم الإداري والتقني" للسفارة الأميركية في إسلام آباد، وله الحق -حسب بلاغ وزارة الخارجية الأميركية- في "التمتع بالحصانة الجنائية" وفقاً لاتفاقية جنيف. وتابع البلاغ الصادر عن الخارجية الأميركية يوم الإثنين الماضي أن الإدارة والكونجرس "أوضحا مراراً وعلى أعلى المستويات، أنه يتعين تسوية المسألة من قبل الحكومة الباكستانية، وإلا فستؤثر على باقي المبادرات الثنائية". لكن الموضوع في باكستان بات مرتبطاً في أذهان الناس بالمشاعر المعادية لأميركا والمنتشرة على نطاق واسع، تؤججها المعالجة الإعلامية، كما أضحى مادة للتجاذب السياسي، بل الأكثر من ذلك باتت قضية الدبلوماسي الأميركي تمثل تحدياً للحكومة المدنية الضعيفة التي تناضل من أجل انتزاع سياسة الأمن القومي من أيدي المؤسسة العسكرية القوية والدفاع عن نفسها ضد المعارضة السياسية التي من أهم أحزابها "الرابطة الإسلامية الباكستانية" بقيادة رئيس الوزراء السابق نواز شريف، وهي الكتلة السياسية التي تحكم ولاية البنجاب التي وقعت فيها الجريمة وتشهد وقائع المحاكمة. ورغم وضوح الإدارة الأميركية في إصرارها على الوضع الدبلوماسي لديفيس، إلا أنها كانت أقل وضوحاً فيما يتعلق بطبيعة عمله في السفارة الأميركية على مدى العامين الماضيين. ففيما أفاد بيان صادر في وقت سابق عن السفارة الأميركية بأن مهامه ذات طبيعة "أمنية"، أكد مسؤولون آخرون أن عمله كان فحص طلبات التأشيرة المشكوك في أمرها. هذا في الوقت الذي امتنعت فيه وكالة الاستخبارات المركزية عن التعليق على الموضوع. وفي يوم الخميس الماضي مددت المحكمة في لاهور فترة احتجاز ديفيس لمدة ثمانية أيام أخرى، وهو ما أثار استياء السفارة الأميركية التي قالت إنها لم تبلغ بموعد الجلسة، مضيفة أن ديفيس حرم من حقه في الحصول على الدفاع وتوفير مترجم، حيث جاء في بيان صادر عن السفارة: "لقد حرم ديفيس من إجراءات المحاكمة العادلة، لذا فإن الاستمرار في اعتقاله بمثل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي". والمشكلة أنه رغم العلاقات المتطورة بين زرداري و"حزب الشعب الباكستاني" الذي يرأسه وبين الإدارة الأميركية، واعتماد بلاده على مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية، فإنه يخشى إطلاق سراح ديفيس مخافة أن يستغل خصومه السياسيون الأمر وينعتوه بالخضوع لأميركا. لكن مسؤولاً بارزاً في وزارة الخارجية الباكستانية يرى بأن الموضوع أصبح محل شد وجذب حتى داخل الحكومة بين فريق يريد إطلاق سراح "ديفيس" لأنه محصن دبلوماسياً ضد أية متابعة قضائية، وبين فريق آخر ضمن الحكومة نفسها يريد استغلال القضية لإظهار قوة الحكومة أمام الرأي العام ومدى وقوفها في وجه الولايات المتحدة وعدم الاستجابة لمطالبها. ولعل ما يزيد من تعقيد الوضع حسب أحد المسؤولين الباكستانيين في جهاز المخابرات، أن الرجلين اللذين قتلهما ديفيس ليسا لصين مسلحين كانا يحاولان سرقته، بل كانا من عناصر الاستخبارات التي كانت مكلفة بمراقبته، وكانا يحاولان إخافته لأنه "تجاوز الخط الأحمر" دون أن يحدد ماهية "الخط الأحمر". ووفقاً لمسؤول باكستاني آخر، عادة ما تلجأ الاستخبارات العسكرية ومكتب الاستعلامات التابع لوزارة الداخلية إلى تعقب خطوات الموظفين الأميركيين. وتواجه محاولات الإفراج عن ديفيس بمقاومة شعبية كبيرة تجندت لها الكثير من الجمعيات والنشطاء الذين يرون في إطلاق سراحه إهداراً لدم القتيلين، لاسيما بعدما أقدمت أرملة أحدهما على الانتحار يوم الأحد الماضي، إذ حسب الطبيب الذي عالجها قبل أن تفارق الحياة، فقد اعترفت بأنها تجرعت السم لأنها لا تريد أن تحيا لترى قاتل زوجها حراً طليقاً. كارين ديانج وكارين برويارد إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©