الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«ذاكرة عجمان» رحلة 212 عاماً في قلب الزمن

«ذاكرة عجمان» رحلة 212 عاماً في قلب الزمن
8 فبراير 2015 00:40
محمد الجداوي (أبوظبي) «عجمان في ذاكرة أبنائها».. موسوعة توثق لتاريخ الإمارة العريق والغني، وترصد التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى من خلال فريق عمل ضم كوكبة من الباحثين، بذلوا جهوداً كبيرة للبحث في المصادر المتنوعة واستقراء الوثائق، وإجراء لقاءات مع شخصيات عاصرت حضارة وتاريخ دولة الإمارات عامة، وعجمان خاصة، سعياً لإثراء الموسوعة حتى تحقق الهدف المنشود. وتحتفي هذه الموسوعة الشاملة التي أصدرتها دائرة التنمية السياحية في عجمان، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، بالإمارة وبشخصيات عظيمة وجليلة لعبت دوراً مشهوداً في تاريخها، كما تعرف بمختلف مناطقها وأبنائها، وكنوزها. وتستعرض الموسوعة الأحداث والمواقف والتطورات التي شهدتها الإمارة منذ بداية تأسيسها عام 1803، ويأتي تبني دائرة التنمية السياحية بعجمان لهذا الإصدار الفريد في سياق توثيق الهوية الوطنية وترسيخ التعريف بالتراث، خصوصاً بين الأجيال الجديدة. قلب الخليج وتأكيداً لأهمية موقع عجمان في قلب الخليج العربي، تشير الموسوعة في بابها الأول إلى أنه ترعرعت في الخليج العربي الذي تقع إمارة عجمان على شواطئه، حضارات مختلفة أكدتها تنقيبات بدأت منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، حين كشفت عن لقى أثرية دللت بشكل واضح على التأثيرات الحضارية في هذه المنطقة، فقد عُرفت طرق تجارية عبر الخليج، وموانئ، مثل: خاراكس «المحمرة اليوم»، وجرهاء «شرق السعودية»، و«دلمون البحرين»، وفي الإمارات عرف ميناء يسمى «اكيلا» قرب رأس الخيمة في الفترة ما قبل الهلنستية «400 - 200 ق.م» والرمس والصبيخة في الفترة الإسلامية، ويعتقد أنها بين دبي والشارقة وأم القيوين. رحالة أوروبا ووفقاً للموسوعة، تشكل الإمارات جزءاً من منطقة الخليج، حيث أكد الباحثون أن «ماجان» التي عُرفت في الألف الثالث قبل الميلاد، هي الإمارات وعُمان، وكتب عن الإمارات الرحالة الرومان واليونانيون أثناء مرورهم بها في تلك الفترة، وذكرت الإمارات أيضاً، ضمن رحلات الجغرافيين المسلمين أمثال الإدريسي وابن بطوطة، وفي كتابات الرحالة الأوروبيين. الكتابات اليمنية وأكدت المكتشفات الأثرية أن أبناء الإمارات عرفوا الكتابة منذ القدم، حيث استخدموا الكتابات الحميرية اليمنية، التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع أو الخامس قبل الميلاد، وعثر على نماذج من هذه الكتابات على حجارة بمنطقة مليحة في الشارقة، كما عرف أبناء الإمارات الكتابات اليونانية، والصينية، والعربية القديمة. حضارة قديمة إنَّ ما يعرف عن الإمارات اليوم لم يكن معروفاً خلال خمسينيات القرن العشرين، فكل ما كان معروفاً أن تاريخ الإمارات لا يزيد على مئتي سنة اعتماداً على الشواهد البنائية القائمة حتى اليوم والمتمثلة بالقلاع والحصون والمساجد والبيوت التراثية، ولذلك لا غرابة أن أطلق الغربيون على الإمارات ودول الخليج الأخرى مصطلح «دول النفط»، الذي يوحي أن لا حضارة لهذه البلدان، إلا بعد ظهور النفط والحصول على العائدات المالية الضخمة، حتى ظهرت شواهد في بداية سبعينيات القرن العشرين، تؤكد أن الخليج يمتلك حضارة موغلة في القدم يزيد عمرها على سبعة آلاف سنة. أولى المستوطنات البشرية وتذهب بنا موسوعة «عجمان في ذاكرة أبنائها» إلى أصول سكان الإمارات، إذ تروي في بابها الأول: يعتقد أن الهجرة الأولى التي شكلت السكان الأصليين في الإمارات جاءت من منطقة القرن الأفريقي عبر الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، وظهرت أولى المستوطنات البشرية في دولة الإمارات أواخر العصر الحجري، ووجدت آثار هذه المستوطنات في الجزر القريبة والبعيدة مثل دلما ومروح. دخول الإسلام وتنتقل الموسوعة إلى بدايات الإسلام في أرض الإمارات، حيث أشارت إلى أن الإسلام دخل منطقة الخليج ليجد أرضاً خصبة لتقبل مبادئه، خاصة أن سكانها قبائل عربية استوطنت الخليج منذ القدم، وهاجرت إليه من مواطن مختلفة بجزيرة العرب. ودخل الإسلام المنطقة على يد الصحابي عمرو بن العاص، وتمكن من خَلَفَهُ من تطهير الخليج من الغزاة، فعاشت المنطقة في استقرار، وأصبحت في عهد الخلافة الأموية أحد المراكز التجارية والملاحية. تغيرات سياسية وشهدت منطقة الخليج بما فيها الإمارات، ما بين سقوط الدولة الأموية 750م حتى قدوم البرتغاليين إلى سواحل الخليج 1507م، تغيرات وتقلبات سياسية كثيرة، وبعد ضعف الدولة العباسية «750 - 1258» شهد الخليج العربي نشوء إمارات عربية مستقلة، وقد حكمت هذه الإمارات العربية منطقة الخليج قرابة أربعة قرون ونصف القرن، مرت خلالها المنطقة بازدهار كبير في الملاحة والتجارة، وسيطر خلالها العرب على الملاحة في المحيط الهندي. النفوذ الأجنبي وتنتقل الموسوعة في بابها الثاني إلى «الأطماع الأوروبية والنفوذ الأجنبي في الخليج»، مبينة أن أهمية الخليج العربي الجغرافية، مصدرها موقعه الفريد، الذي مكنه من التحكم في حركة الواردات التجارية من جنوب آسيا وشرق أفريقيا والبحر المتوسط، وصلاحيته للقواعد البحرية، التي يمكن من خلالها السيطرة على الطريق الملاحية، لذا أصبح أحد محاور الصراع الدولي في المنطقة باعتباره أحد الممرات الحيوية الطبيعية للعالم العربي. دولة الاتحاد وتطرقت الموسوعة في بابها الثالث عجمان إحدى إمارات دولة الاتحاد، إلى الدور الذي لعبته إمارة عجمان في قيام اتحاد دولة الإمارات عام 1971، حيث شاركت بفاعلية في بناء الدولة وازدهارها ولاتزال، وفي إطار الفكر الوحدوي البعيد النظر للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وإدراكه التام لعدم وجود مكان في المستقبل للكيانات الصغيرة، حرص على توثيق العلاقات مع سائر الإمارات الأخرى. وفي السادس والعشرين من فبراير 1968 شهدت دبي أول مؤتمر قمة لحكام الإمارات السبع وشاركهم حاكما قطر والبحرين، وانتهى المؤتمر باتفاق ورغبة في إنشاء اتحاد الإمارات العربية، إلا أن بعض الأمور المستجدة على الساحة الدولية والعربية حالت دون قيام الاتحاد التساعي، فتوالت اجتماعات حكام الإمارات المتصالحة وأعلن يوم 2 ديسمبر 1972، قيام دولة الإمارات من ست إمارات هي: أبوظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة، وانضمت إمارة رأس الخيمة لدولة الاتحاد في 10 فبراير 1972. تسمية عجمان تشير بعض الآراء، وفقاً لما أوردت الموسوعة في بابها الرابع، إلى أن عجمان سميت بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة العجمان العربية الكبيرة، وهذا رأي من الآراء المسموعة، إلا أنه نقل عن الدكتور أحمد أمين المدني قوله: «إنها ليست عجمان أبداً بل هي «عيمان»، وعيمان بلهجة العامة تصغير عُمان، أي سلطنة عمان الشقيقة، فأرض إمارة عجمان خصبة وهواؤها مثل هواء عمان، وقلب اللفظ إلى عجمان بعد أن حلّ بيننا الإخوة العرب، إذ اعتقدوا أن حرف الياء في عيمان مقلوب عن الجيم، وهذا شائع في المنطقة فسموها عجمان». نشأة المدينة وتذكر بعض المصادر التي أشارت إلى نشأة الإمارة إلى أن الأسرة الحاكمة في عجمان هي أسرة القراطسة من عشيرة آل بوخريبان التي تشكل قسماً كبيراً من قبيلة النعيم التي يعود نسبها إلى قبيلة قحطانية من الخزرج انتقلت إلى يثرب قبل الإسلام مع النازحين من اليمن بعد انهيار سد مأرب سنة 120 ميلادية، فانتقل جزء منها إلى واحة البريمي واستوطن جزء صغير منها في منطقة الساحل ليؤسسوا «عجمان» التي أصبحت إمارة ذات تأثير كبير في المنطقة. عجمان الحديثة وتؤرخ الموسوعة الشاملة لـ «عجمان» من ناحية نهضتها الحديثة، مشيرة إلى أن عجمان تشهد نهضة عمرانية شاملة ترجمة لرؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان وسمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد عجمان تمثلت في تطوير شبكات الطرق والجسور، وإنشاء المناطق الصناعية والتجارية والسياحية، وزيادة عدد الحدائق والمتنزهات والمرافق العامة والأسواق بالتوازي مع تحسين الخدمات الحكومية الشاملة. «الأسرة الحاكمة» ويلفت الباب الخامس من الموسوعة والذي جاء تحت عنوان «الأسرة الحاكمة» إلى أن نهضة عجمان الحديثة بدأت على يد الشيخ راشد بن حميد بن عبدالعزيز النعيمي، رحمه الله، الذي ولد عام 1904م، وتولى الحكم خلفاً لوالده وهو في سن الرابعة والعشرين، واكتسب أهمية خاصة من بين حكام الإمارة السابقين نظراً لإنجازاته الكبيرة طوال ثلاثة وخمسين عاماً حكم فيها عجمان، كما أنه أحد مؤسسي دولة الإمارات عام 1971م. الحياة الاجتماعية وتطرق الباب السابع إلى عادات وتقاليد الزواج في المجتمع العجماني، ومراسم الزواج والتي تتضمن عقد القران «الملكة» وتجهيز ملابس العروس والعريس، وزينة العروس وحفل الزفاف، وزينة المرأة والأدوات والمستحضرات المستخدمة في التجميل، وتعد الراحلة موزة بنت رميح من أشهر الخطابات في عجمان خلال النصف الأول من القرن العشرين، ومن النساء المعروفات في زفة العروس صالحة مولاة ماجد بن سلطان بن حسن. تجارة اللؤلؤ وتسلط الموسوعة الضوء على الحرف والمهن التي عمل بها سكان عجمان، حيث تقول: مارس السكان في إمارة عجمان النشاطات الاقتصادية منذ القدم، وعملوا في مختلف مجالاتها، وبرعوا في مهنة التجارة وصيد اللؤلؤ والأسماك، وكان أغلبية أبناء عجمان أهل بحر و«خشب» يمارسون الغوص ويسافرون إلى الهند، وزنجبار، وإيران، وشهدت التجارة نوعاً من الازدهار بفضل أسفار التجار الذين لعبوا دوراً كبيراً في إنعاش الحياة الاقتصادية. الحياة الثقافية كان للشعراء في المجتمع العجماني الدور الرائد في تطور الحياة الثقافية بين أفراده، فقد كان يتداول في المجالس الشعرية التي تجمع الشعراء يناقشون فيها كل ما يخص المجتمع وكل ما يسهم في تطوره وازدهاره. وللشعر النبطي في عجمان وجود نابض بالحياة، وهو واسع الانتشار والتداول بين أفراد المجتمع، ومن أشهر الشعراء في عجمان، حبيب بن أحمد بن محمد آل غريب، وحسين بن ناصر آل لوتاه، وحمد بن خليفة بوشهاب، وغيرهما. وكان للمكتبات دور كبير في نشر الثقافة والمعرفة، وأبرزها مكتبة ابن تيمية، التي تأسست في العام 1968، ومكتبة الشيخ حميد بن صالح السويدي، ومكتبة سالم بن عبدالله آل حميد الإسلامية، وغيرها. بدايات ومؤسسات وتشير الموسوعة إلى بعض المؤسسات التي عرفتها عجمان في بداياتها ومنها: إذاعة عجمان التي تأسست عام 1961 كأول إذاعة في الإمارة، وثاني إذاعة على مستوى إمارات الساحل المتصالح، «كما كانت تسمى سابقاً»، وقد جاء تأسيسها على يد الشاب راشد بن عبدالله بن حمضة، وفي عام 1963م تم افتتاح أول مكتب للبريد، وكان لذلك أثر كبير على انتعاش الحركة الاقتصادية، حيث بلغت إيرادات بيع الطوابع والبطاقات البريدية نحو 11 ألف روبية، كما أسهمت في توفير فرص عمل لمواطني الإمارة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©