الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصبر

الصبر
21 سبتمبر 2007 02:47
ابتلى الله تعالى أيوب -عليه الصلاة والسلام- بهلاك أهله وماله، وتتابع المرض المزمن والسقم المهلك حتى أفضى أمره الى ما تضعف القوى البشرية عن حمله· ولنذكر شيئاً مختصراً من ذلك، وهو أن ملكاً من ملوك بني إسرائيل كان يظلم الناس، فنهاه جماعة من الأنبياء عن الظلم وسكت عنه أيوب -عليه الصلاة والسلام، فلم يكلمه ولم ينهه لأجل خيل كانت له في مملكته، فأوحى الله تعالى الى أيوب -عليه الصلاة والسلام: تركت نهيه عن الظلم لأجل خيلك، لأطيلن بلاءك، فقال إبليس لعنه الله: يا رب سلطني على أولاده وماله، فسلطه، فبث إبليس مردته من الشياطين، فبعث بعضهم الى دوابه، ورعاتها، فاحتملوها جميعاً وقذفوها في البحر، وبعث بعضهم الى زرعه وجناته فأحرقوها، وبعث بعضهم الى منازله وفيها أولاده وكانوا ثلاثة عشر ولداً وخدمه وأهله، فزلزلوها فهلكوا· ثم جاء إبليس الى أيوب -عليه الصلاة والسلام- وهو يصلي، فتمثل له في صورة رجل من غلمانه فقال: يا أيوب أنت تصلي ودوابك ورعاتك قد هبّت عليهم ريح عظيمة، وقذفت الجميع في البحر، وأحرقت زرعك وهدمت منازلك على أولادك وأهلك، فهلك الجميع، ما هذه الصلاة؟ فالتفت إليه وقال: الحمد لله الذي أعطاني ذلك كله، ثم قبله مني· ثم قام الى صلاته، فرجع إبليس ثانياً، فقال: يا رب سلطني على جسده، فسلطه، فنفخ في إبهام رجله فانتفخ ولا زال يسقط لحمه من شدة البلاء الى أن بقي أمعاؤه تبين، وهو مع ذلك كله صابر محتسب مفوض أمره الى الله تعالى· وكان الناس قد هجروه واستقذروه وألقوه خارجاً عن البيوت من نتن ريحه، وكانت زوجته رحمة بنت يوسف الصديق قد سلمت فترددت إليه متفقدة، فجاءها إبليس يوماً في صورة شيخ ومعه سخلة وقال لها: ليذبح أيوب هذه السخلة على اسمي فيبرأ، فجاءته فأخبرته، فقال لها: إن شفاني الله تعالى لأجلدنك مائة جلدة· تأمرينني أن أذبح لغير الله تعالى، فطردها عنه، فذهبت وبقي· ليس له مَن يقوم به، فلما رأى أنه لا طعام ولا شراب ولا أحد من الناس يتفقده خرّ ساجداً لله تعالى وقال: (وأيوب إذ نادى ربه أني مَسني الضر وأنت أرحم الراحمين) (الأنبياء: 83)، فلما لمس الله تعالى منه ثباته على هذه البلوى طوّل هذه المدة وهي على ما قيل ثماني عشرة سنة، وقيل غير ذلك، وإنه تلقى جميع ذلك بالقبول، وما شكا الى مخلوق ما نزل به· عاد الله تعالى بألطافه عليه، فقال تعالى: (فكشفنا ما به من ضُر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا) (الأنبياء: 84)· وأفاض عليه من نعمه، ما أنساه بلوى نقمه، ومنحه من أقسام كرمه أن أفتاه في يمينه تحلة قسمه، ومدحه في نص الكتاب، فقال تعالى (وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب) (ص: 44)·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©