الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مدن الأندلس.. نموذج متفرِّد للتعايش الإنساني

21 سبتمبر 2007 02:57
صدرت عن دار توبقال الترجمة العربية لكتاب ماريا روزا مينوكال: ''الأندلس العربية/ إسلام الحضارة وثقافة التسامح''· ويندرج هذا الكتاب ضمن كتابات المستعربين الذين يولون أهمية كبرى للتراث العربي الأندلسي، ويعتبرونه لبنة أساسية في بناء صرح الحضارة الإنسانية؛ في وقت كانت أوروبا لا تزال تعيش ظلاماً دامساً من التخلف على جميع المستويات قبل أن ينطلق شعاع التألق من الأندلس ليعم أوروبا والعالم من بعدها· لم تكن غاية المؤلفة من تأليف هذا الكتاب عرض التاريخ الأندلسي، بل بسط الإشراقات التي شعت بفضل التسامح الديني والتكافل الاجتماعي والتعايش الثقافي الذي ساد فترات معينة في هذه الرقعة المتعددة العرقيات واللغات والديانات، وكشفت المستعربة عن علاقات التعاون التي سادت عالم الأندلس الوسيطية، والتي جعلت منها بقعة نموذجية من حيث القيم التي كرسها الإسلام· وبفضل هذه الإشراقات الحضارية تأتي لهذه البقعة من أوروبا أن تنشر الضوء في باقي العالم علميا وحضاريا· لقد أوصل المسلمون المشعل إلى هناك قبل أن يتراجعوا فتنكر لهم العالم بفضل أفكار متطرفة ونظرات عدائية يحملها بعض المستعربين المتطرفين، والذين اجتهدوا ليظهروا المسلمين في صورة مشوهة ليست هي الحقيقة، وتعتقد الباحثة أن النهج السياسي المنغلق والرؤية الدينية الأصولية اللذين تبناهما كل من الموحدين والمرابطين أججا قيم العدوانية بين المسيحيين والمسلمين واليهود مما جعل أفق الابتكار والإبداع يضيق نظراً لسيادة الصراع وانعدام جو التفاهم، حيث انغلق كل عنصر على نفسه، والتاعت أجواء التوتر والشحن العرقية فضاعت الهوية الأندلسية التي كانت قمة في العطاء ونموذجا في التسامح· وتبرز الكاتبة بشكل كبير مسألة تحامل المؤلفة على الدولتين المرابطية والموحدية معتبرة إياهما مصدر فتيل التنازع العرقي والديني بالأندلس· تسعى المؤلفة إلى خلخلة الرؤية الإيديولوجية في تناول التاريخ محاولة إيقاظ اللمعات النيرة في تاريخ الإشراقة الأندلسية التي ساهم في إشعالها المسلمون بشكل ايجابي إلى جانب عرقيات وديانات أخرى، من دون أن يكون لهذا التعدد أثر يذكر· وأشير إلى أن ماريا روزا مينوكال اعتمدت في كتابها على كم هائل من المصادر والمراجع المتنوعة التي لا تقتصر على المرجعية التاريخية فحسب بل أيضا المرجعية ذات البعد الثقافي والاجتماعي والمعماري، لقد قرأت صور المعمار والمعالم الباقية إلى الآن، كما قرأت المصادر الأدبية والمأثورات الشفهية والقصص والحكايات القديمة وغير ذلك، فضلا عن المكتوب من مصادر التاريخ المعروفة، إلا أن عدم اعتمادها على المراجع والمصادر العربية بسبب عائق اللغة جعل الكتاب يسقط في بعض التناقضات والمغالطات التي ينسبها المستعربون إلى الإسلام والمسلمين عن وعي مغرض، وإن كانت تمجد فترة الحكم الأموي بالأندلس، ضاربة عرض الحائط كثيرا من المواقف والأحكام المناوئة للوجود الإسلامي بالأندلس·
المصدر: المغرب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©