السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما والسجال القانوني حول الهجرة

8 ابريل 2016 23:12
حققت إدارة أوباما- تواً- نصراً كبيراً، من خلال القرار الذي أصدرته بالسماح لبعض أبناء المهاجرين غير الشرعيين بالبقاء في البلاد. من الناحية الظاهرية، قد يبدو هذا الانتصار، وكأنه بُشرى خير لجهود الإدارة الرامية لتخفيف قيود الهجرة، في مواجهة المعارضة التي تلقاها في هذا الصدد من جانب الكونجرس. لكن لا تعولوا على ذلك. فقرار المحكمة الفيدرالية، الذي أيد قرار أوباما، كان مبنياً على منطق قانوني غير راسخ، مما يجعله عرضة للنقض من جانب المحكمة العليا. ففي يوم الثلاثاء الماضي، نقضت محكمة الاستئناف التابعة للدائرة التاسعة، القرار الذي كان قد صدر من ولاية أريزونا، برفض منع رخص قيادة لـ«الحالمين» Dreamers (الأشخاص الذين أحضروا إلى أميركا بشكل غير شرعي وهم أطفال). ولكن الحكم الصادر من المحكمة لم يحدد ما إذا كان الرئيس يمتلك الصلاحيات لصياغة سياسة الهجرة أم لا، وركز بدلاً من ذلك على العلاقة بين ولاية أريزونا وبين الحكومة الفيدرالية، وهو ما يترك العديد من المسائل القانونية الأهم من دون إجابة. المُدّعون الخمسة في القضية، والتابعون لما يعرف بـ«ائتلاف أريزونا لقانون الحلم ضد بروير» (جان بروير حاكمة ولاية أريزونا)، مقيمون في الولايات المتحدة بناء على برنامج معمول به بموجب أمر تنفيذي صادر عام 2012، وهو برنامج «الإجراء المؤجل» المتعلق بترحيل الأشخاص غير المسجلين(غير الحائزين على أوراق قانونية)، الذين أحضروا إلى الولايات المتحدة بوساطة والديهم قبل بلوغ سن السادسة عشرة من عمرهم. فهؤلاء «الحالمون» مسموح لهم بالبقاء في الولايات المتحدة، وتُصدر لهم أوراق معروفة بـ«وثائق التفويض بالعمل» وهي وثائق مدتها سنتان قابلة للتجديد، طالما أن هؤلاء الأشخاص قد تخرجوا في مدرسة ثانوية أميركية، أو أُعفوا من الخدمة العسكرية لأسباب غير ماسة بالشرف، ولم يتهموا بارتكاب جرائم جنائية. ولكن المشكلة هي أن برنامج «الإجراء المؤجل» لم يُفوّض من قبل الكونجرس على الإطلاق. وفي ولاية أريزونا، على الأقل، لا يحظى هذا البرنامج بأي شعبية. فبعد شهرين من تمريره، أصدرت حاكمة الولاية أمراً تنفيذياً، ينص على أن وثائق التفويض» لا تمنح وضعاً قانونياً للمتقدمين للاستفادة به، طالما أنهم دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية، وأن «الحالمين» على هذا الأساس، سيحرمون من الحصول على المنافع والخدمات التي توفرها الولاية، بما في ذلك إصدار رخص القيادة. كانت هناك طريقتان يمكن للدائرة التاسعة بواسطتهما إلغاء السياسة المتبعة من قبل ولاية أريزونا بشأن الحالمين. الطريقة الأولى من خلال الادعاء بأن هذه السياسة تخالف التعديل الرابع عشر على الدستور الأميركي، الذي يضمن توفير حماية قانونية «متساوية» لكل المقيمين على أراضي الولايات المتحدة. ولكن ما حدث هو أن المحكمة امتنعت عن الاستناد إلى هذا النص الدستوري، ربما لأنها لم ترد أن تُسهل على ولاية أريزونا مسألة السعي لمراجعة هذا النص من قبل المحكمة الدستورية العليا، وفضلت اللجوء للطريقة الثانية، وهي جعل قرارها يستند إلى أسس أقل تحديداً تحتمل الكثير من الأخذ والرد، والمرافعات الكلامية. وعلى هذا الأساس ادعت المحكمة أن سياسة أريزونا تتداخل مع اختصاص الحكومة الفيدرالية، بشأن تحديد من الذين يجب أن يظل داخل البلاد، ومن الذي يجب أن يغادرها. ولكن مما يحول دون العمل بحجة الأسبقية الفيدرالية التي استندت إليها المحكمة في هذا السياق، هو أن قانون«الحالمون» لم يتم تمريره بوساطة الكونجرس، وإنما هو مجرد أمر تنفيذي. حاولت المحكمة الالتفاف على هذه المشكلة من خلال القول إن قانون الهجرة والجنسية، ينص على «أن إقامة الأجنبي غير قانونية طالما تجاوز مدة البقاء المسموح بها من قبل وزير العدل»، وأنه بموجب هذا النص، فإن الكونجرس يفترض أن يكون قد فوض السلطة التنفيذية بالفعل بصلاحية تحديد من الذي يقيم بصفة غير قانونية في البلاد ومن يقيم بصفة غير قانونية. لا أستطيع الجزم بصواب تلك الحجة أو عدم صوابها، ولكن ما أعرفه هو أن الصلاحية القانونية لوضع «الإجراء المؤجل» ليست قانوناً فيدرالياً، وإنما هي صلاحية مستحقة بموجب الدستور للرئيس الأميركي تخوله ممارسة سلطة الادعاء العام. لقد جاءت إدارة أوباما إلى الحكم مدعيةً أنها ستكون أكثر تواضعاً بشأن استخدام الصلاحيات التنفيذية من إدارة جورج دبليو بوش، ولكن ما حدث هو أن ذلك التواضع اختفى عندما تعلق الأمر بمسألة الهجرة. ومن المفهوم في هذا السياق، أن تسعى المحكمة العليا لمراجعة مسألة ما إذا كان القانون الفيدرالي له الأسبقية على إجراءات ولاية أريزونا في حالتنا هذه أم لا، ولكن ممارسة الرئيس لصلاحياته التنفيذية تختلف عن مبدأ الأسبقية المبنية على القانون الفيدرالي. ما حدث أن الدائرة التاسعة تجاوزت الحدود المعمول بها، وكان يجب أن تعتمد مبدأ «الحماية المتساوية» للجميع تحت راية القانون. أستاذ القانون الدولي والدستوري بجامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©