الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يورجن هابرماس.. من الحداثة إلى الديمقراطية

يورجن هابرماس.. من الحداثة إلى الديمقراطية
22 سبتمبر 2007 00:13
خصصت مجلة ''رهانات'' عددها الجديد لإشكالية الحداثة، كون هذه الأخيرة أكملت رسم لوحتها على جزء من عالمنا كانت الإنسانية قد حققت قفزة هائلة في مجالاته· لكنها قفزة تحققت بثمن باهظ تجسدت بسلسلة من الحروب وعمليات السيطرة والإبادة والقهر الجماعي· جاء في الافتتاحية: لقد ارتبطت الحداثة بالعقل، فخلع الإنسان عن نفسه رداء أوهامه القديمة، لكنه إذ فعل رأى العالم كما هو دون مبررات وجودية، ولا مساحيق وجدانية؛ فسقطت الاعتبارات الأخلاقية، وأصبح العقل آلة جبارة تعمل دونما قيد، وفق المنطق الضيق للمصلحة، وبدا كما لو أن الحصيلة الأنوارية ''عصر الأنوار'' التي حررت العقل وأقرت عبادة الإنسان كانت مجرد فخ لكي يفقد الإنسان إنسانيته· في زمن الحداثة أصبحت كل القيم نسبية، وغدا الفرد حقيقة قائمة بذاتها، ونصب الأنموذج الحضاري الغربي نفسه مقياساً لهذا العالم، على الآخرين أن يتأقلموا معه أو أن يهيئوا أنفسهم لانمحاء حتمي· حقق العقل الغربي انتصاره الحاسم عبر قفزات ثقافية واجتماعية وقانونية هائلة، لكن كذلك عبر رسالة حضارية فرضت مقتضياتها بقوة الحديد والنار، ورفعت رايات تفوقها على أنهار من الدماء داخل أوروبا وخارجها باسم المدنية والتقدم أبيدت أعراق وشعوب بصورة كاملة أو جزئية، ببرودة أعصاب وإرادة لا تتزعزع لمجرد أن العقل الغربي صنفها في مرتبة أدنى أو اعتبرها عائقا أمام تقدمه· هكذا بنت الحداثة مجدها على ركام الجثث التي لاكتها المفاصل أو تناثرتها المدافع· وكانت نرجسية الغرب وإحساسه بالتفوق جزء من مقومات نجاح المشروع إلى جانب يافطة الرسالة الحضارية· هكذا عندما انطلقت الحرية من نطاق الوعي إلى دائرة المبادرة الاجتماعية· باعت روحها وأصبحت مجرد ''سلة مبررات'' لتبضيع العالم، واستلاب الإنسان لمن من زاوية مقابلة يبدو لنا أنه مهما كانت التحفظات التي يمكن أن نسجلها على مجالات تطبيق الحرية الفردية، فإنه من العسير الإقرار بحرية الأفراد في المعتقد والتفكير والسلوك، وعدم مد هذه الحرية لكي تشمل حقوق الملكية والإنتاج والتجارة· وهو ما يفسر تزامن الحداثة مع دعاوى التفوق الحضاري وتعمق الفوارق الاجتماعية، وانكماش الغنى والتنوع الثقافي الإنساني، فليس بوسع أحد أن ينكر أنه بفضل الحداثة أصبحت الإنسانية تتحدث لغة واحدة، وأن تدخل في سلسلة من التوافقات التي وسعت قاعدة التفاهم المشتركة، وأفضت إلى الاعتراف المتبادل وإلى إرساء أسس عالم أكثر توازنا· ومن مواضيع هذا العدد يكتب المختار بنعبدلاوي: هابرماس من الحداثة إلى الديمقراطية، معتبراً هابرماس في مشروعه الجديد لا يتردد في تبني جانب واسع من التحليل الماركسي، بعد أن يحرره من خلاصاته المتعجلة والمندفعة، ومن الاستفادة من علم النفس التحليلي ومن اللسانيات التداولية وفلسفة اللغة لدى فتجنشتين، وأن ينشأ مقترباً جديداً يقوم على دراسات تطبيقية سوسيولوجية لمقولات فلسفية وسياسية تستدعي علم التواصل، وتنظر إلى اللغة في العلاقات الاجتماعية باعتبارها ليست انعكاسا للعالم الخارجي على الذهنيات، ولكن بوصفها معطيات تداولية في حالة انبناء تحددها المواقف والسياقات والتوافقات اللحظية الجارية خلال العملية التواصلية· واعتبر بنعبدلاوي هابرمارس شمل كل الأسس النظرية لفلسفة الحداثة المتفرعة عن الأنوار، كما خرج بتركيبة منهجية هي نوع من التوفيق بين عدد من الطرائق المستعارة من مجالات معرفية متعددة· ورأى أيضاً أن هابرماس تبنى موقفاً رافضاً لفرضية صدام الحضارات، طارحاً الحاجة إلى تواصل الحضارات كما نبه إلى خطر الأصوليات الصاعدة في الإسلام والمسيحية واليهودية على حد سواء· ويكتب عبداللطيف الخمسي دراسة بعنوان: ''نحو مقاربة جديدة للديمقراطية''، كما يكتب محمد الأشهب عن هابرماس ما جاء تحت عنوان: ''يورغن هابرماس وراهن الفلسفة في الفضاء العمومي''، بالإضافة إلى هذه المواضيع الجادة نشرت المجلة الكثير من الدراسات والأبحاث والمراجعات والنصوص الإبداعية، أما حوار العدد فأجراه محمد الأشهب مع الأستاذ والمفكر المعروف عز العرب لحكيم بناني·
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©