الدراما الإيرانية بين مطرقة رجال الدين وسندان الضرورات الفنية

يواجه المنتجون التلفزيونيون في إيران معضلة شديدة الصعوبة، فعليهم مواجهة المنافسة الشرسة من جانب المحطات التلفزيونية الأجنبية التي يصل إرسالها إلى إيران وفي الوقت نفسه عدم إغضاب رجال الدين· فحوالي نصف الشعب الإيراني البالغ تعداده 70 مليون نسمة يشاهدون أكثر من 500 قناة فضائية أجنبية وهو ما يفرض منافسة ضارية على محطات التلفزيون الإيرانية· ورجال الدين الذين يسيطرون على مقاليد الحكم في إيران يتوقعون من القنوات التلفزيونية الإيرانية مواجهة هذه المنافسة الأجنبية من خلال تقديم مواد تلفزيونية جذابة دون الخروج عن القواعد الدينية والحفاظ على الولاء الأيديولوجي للشعب الإيراني· يقول منتج تلفزيوني إيراني ''أحيانا تحول هذه المهمة الأمر إلى مهمة مستحيلة''· من بين المشكلات الرئيسية التي يواجهها المنتجون التلفزيونيون في إيران ضرورة الالتزام بقواعد الزي الإسلامي وحجاب المرأة· وإلى جانب الالتزام بالزي المناسب فإنه من غير المسموح أن تلمس المرأة أثناء التمثيل زميلها في العمل الدرامي ناهيك طبعا عن الأحضان والقبلات وهو ما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالسياق الدرامي للعمل الفني· على سبيل المثال عندما يتم تصوير مشهد استقبال أم لابنها العائد من الحرب العراقية الإيرانية من 1980 إلى 1988 لا يمكن أن تضمه الأم إلى صدرها وعليها فقط أن تعبر بوجهها وعينيها عن انفعالات هذا المشهد· كما أن إعلان الحب لا يتم إلا بنظرة أو ابتسامة في المشاهد التلفزيونية· بل إن ظهور المرأة في مشهد نومها يتم وهي مرتدية الحجاب الكامل وهو ما يفقد العمل أي لمسة واقعية· وفي محاولة لنفي فكرة أن إيران ورئيسه أحمدي نجاد ضد اليهودية والتأكيد على أنهما فقط ضد ''الصهيونية'' وسياسات إسرائيل ضد الفلسطينيين أنتجت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية مسلسلاً بعنوان ''خط الاستواء'' يحكي المسلسل قصة شاب إيراني حصل على منحة دراسية في فرنسا وأحب طالبة فرنسية يهودية· وعندما وقع الاحتلال النازي لفرنسا في بداية الحرب العالمية الثانية قدم للسيدة اليهودية وأفراد أسرتها جوازات سفر إيرانية مما سمح لهم بالنجاة من النازيين وغرف الغاز· ومن أجل إضفاء المزيد من الإثارة على الخط الدرامي للمسلسل نجد أن الشاب حصل على قائمة سرية بأسماء الأشخاص المسؤولين عن خطة الغزو اليهودي لفلسطين وتسعى ''الدوائر الصهيونية'' إلى استعادتها بأي ثمن· تقول سميرة ''23 سنة'' والتي تتابع أسبوعيا المسلسل المكون من 22 حلقة ''أحب المسلسل خاصة وأنه يعتمد على قصة حقيقية·· والحقيقة أن الفرس واليهود لم يكونوا أصدقاء في يوم من الأيام لكنهم أيضا ليسوا أعداء''· كما أشاد اتحاد اليهود في إيران بمحتوى المسلسل الذي يحقق أعلى معدل مشاهدة في إيران وفقا لاستطلاعات الرأي·