الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجنوب يتحسس السلاح للمجهول

22 سبتمبر 2007 00:25
في أواخر الأسبوع الماضي، تعرض السودان كله في شماله وجنوبه إلى حالة مقاربة تماماً لما يعرف بحالة الـ(Brink - Manship)، أي الوصول إلى حافة الخطر الذي يؤدي إلى الهاوية، وفي حالتنا هذه، العودة للحرب بين الشمال والجنوب التي أدت إلى مصرع أكثر من مليونين من السودانيين خلال 20 عاماً، كانت الأسوأ في تاريخ السودان· ولكن كيف وصلنا إلى هذه الحالة غير المسبوقة؟! بدأ الأمر بتصريح سياسي عادي أطلقه الفريق ''سلفاكير'' النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب، أبدى فيه قلقه من الوضع الحالي، في علاقة شريكيْ الحكم في السودان، وتخوفه من أن عدم تنفيذ اتفاقية السلام بصورة كاملة، يمكن أن يؤدي لانهيار الاتفاقية، وهو أمر غير مرغوب، ومن شأنه أن يؤدي للحرب مرة أخرى· ورغم أنه لادليل على العلاقة بين الحدثين، فإن ما جرى غداة نشر تصريح السيد ''سلفاكير''، هو أن الشرطة في العاصمة السودانية، قامت بحملة تفتيش على بعض الأماكن، كان من بينها عدد من مقار الحركة الشعبية في العاصمة، وأعلنت الشرطة عن عثورها في هذه المقار على كميات من الأسلحة والذخيرة؛ ولما كانت عملية تفتيش مقار الحركة الشعبية في العاصمة قد تمت دون إذن، أو حتى علم قادة الحركة، فإن الإجراء قد أثار حفيظة قادة الحركة، فتأزم الموقف، وبدا أن الكل قد بدأ يتحسس سلاحه استعداداً للمجهول!، ولكن وبسرعة سارع مسؤولو الحزب الوطني لاستنكار ما أقدم عليه جهاز الشرطة من تفتيش لمقار الحركة دون علمها وإذنها، وقال أولئك المسؤولون -من الشريك الأكبر- إن ذلك العمل الذي قام به جهاز الشرطة لم يكن مبرراً، وقبل قادة الحركة الشعبية بهذا، واعتبروه اعتذاراً من الحزب المسيطر على الحكم، وبذلك انتهت الأزمة التي أوشكت أن تطيح بكل شيء في لحظات· إن أجهزة الشرطة والأمن في العاصمة، تقول إنها تسعى لتنظيف العاصمة وتطهيرها من أي سلاح غير مرخص، وإنه ينبغي أن لا يكون السلاح إلاّ في يد القوات النظامية، وهذا هو الذي دفعها لمداهمة مقار الحركة الشعبية، ولكنها في واقع الأمر، ارتكبت خطأً استراتيجياً بالإقدام على تفتيش تلك المقار دون علم أصحابها، وكان البديهي أن تبلغ الشرطة قادة الحركة الشعبية بشكها في وجود سلاح بمقارها ومكاتبها، وتصل معها إلى اتفاق يحقق أغراضها ويحافظ -وهو الأهم- على العلاقة بين الشريكين الأساسيين في الحكم، المؤتمر الوطني (الإنقاذ) والحركة الشعبية (الجنوب)· إن الخلاف بين الشريكين لم يعد سراً، وما زالت هناك مساع متعددة في محاولات لعلاجه بالحوار بينهما، أو الاستعانة بقوى إقليمية أو عالمية، ولكن ما حدث الأسبوع الماضي أوشك أن ينسف كل المحاولات، غير أن التعقل الذي ساد مكَّن من إنهاء الأزمة بالتراضي والتفاهم· ومهما يكن من أمر فإن احتمالات التأزم مرة أخرى ليست مستحيلة، لا سيما ونحن نلاحظ أن أجهزة الحكومة التي يسيطر عليها المؤتمر الوطني بأغلبيته لا تعمل بصورة متسقة، ويكفي للتدليل على ذلك أن تمارس أجهزة الأمن والشرطة عملاً كالذي حدث، وفي اليوم التالي تعذر القيادة السياسية عليه وتعلن أنه خطأ لم يكن مبرراً!·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©