الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

لماذا يتم اعتناق الفكر المتطرف وكيف نواجه شروره؟

لماذا يتم اعتناق الفكر المتطرف وكيف نواجه شروره؟
8 ابريل 2016 23:39
أحمد شعبان (القاهرة) اتفق خبراء في علم النفس والاجتماع وعلماء دين على أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية تلعب دوراً كبيراً في تشكيل فكر أفراد الجماعات المتطرفة والمنظمات الإرهابية، وأن المجتمع له دور كبير في مواجهة تلك الجماعات المتأسلمة، ومحاربة الفكر المتطرف بالفكر. وأشاروا إلى أن هذه الأفكار المتطرفة تأتي نتيجة عدم وجود وعي سليم بالقضايا الإنسانية، وأن من ينتمي إلى الجماعات الإرهابية إنسان لا فكر له ولا ضمير ولا وطن ولا انتماء، وهو إنسان يعاني نفسياً كثيراً من الأمراض النفسية، وأن الإرهاب الذي تعانيه المجتمعات الآن هو امتداد لجذور الشر والظلم القديم، وإن اختلفت صوره وأشكاله، وأن على المسلمين وجميع شعوب العالم التعاون والتخطيط لمواجهة هذا الشر والقضاء عليه حتى يتحقق لهم الأمن والاستقرار والحياة الكريمة. تقول نبيلة الشوربجي، أستاذ علم الاجتماع بكلية رياض الأطفال جامعة المنوفية «الفقر والجهل والمرض أسباب رئيسة في خلق وتكوين شخصية هذه الجماعات والمنظمات الإرهابية، وإن معظم الجماعات الإرهابية تخرج من أسر أمية فقيرة، ومنهم أطفال الشوارع، وهم غير متعلمين يتم تدريبهم من الصغر على الإجرام والعمليات الإرهابية، فأطفال الشوارع قنبلة موقوتة ممكن أن تنفجر في المجتمع العربي والمجتمعات الأخرى، لأنهم بلا مأوى، وليس لهم من يرعاهم في المجتمع، ويتم تمويلهم بالأموال وتدريبهم وتنشئتهم على معتقدات وقيم منحرفة ومتطرفة، وتبث في عقولهم أفكار شاذة بأن هذا العالم كافر ويتحتم «الجهاد» والقتال في سبيل الله لدخول الجنة.. هذا هو فكر الجماعات التي تعتنق الفكر السياسي المتطرف، والتي تحاول جذب الفئات الفقيرة والمحرومة والجاهلة التي تعيش تحت حد الفقر والمرض، فلا يخرج الإرهاب من الأسر العريقة، وهذا يؤكد أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية تلعب دوراً كبيراً في تشكيل فكر أفراد تلك الجماعات المتطرفة». وأضافت «إذا تتبعنا تاريخ الجماعات المتطرفة، وجدنا أن كثيراً من هؤلاء المتطرفين يتم تشكيلهم وهم صغار في مرحلة الروضة، وقالت: «رأيت طفلاً عمره 3 سنوات يقول إن من يغني سيدخل النار والغنى حرام، فبعض الجماعات الإرهابية تحاول أن تعبث بعقول الأطفال والشباب من خلال توغلهم في العملية التعليمية من الروضة وحتى الجامعة حتى يسعون في الأرض فساداً. فالفقر والجهل والبطالة والمرض، أسباب رئيسة لظاهرة الإرهاب الذي ينعكس على المجتمع ويعيق تنميته، ولمواجهة هذا الفكر الإرهابي المتطرف يجب القضاء على الفقر والجهل والبطالة واحتضان أطفال الشوارع الذين يعيشون بلا مأوى. ولذلك فإن أوروبا تستخدم هؤلاء الإرهابيين في تخويف المجتمعات الغربية من الإسلام السياسي المتطرف كما يصفونه». وأشارت إلى أن المجتمع له دور كبير في مواجهة تلك الجماعات المتأسلمة، ومحاربة الفكر المتطرف بالفكر أيضاً، من خلال التعليم مثلما فعلت اليابان، وقالت: «يجب أن نبدأ بالروضة وتعليم الأطفال وتنشئتهم على القيم والأخلاق السليمة، وحب الانتماء للوطن، وعدم تكفير المجتمع، وتعليمهم دينهم الصحيح وحفظ القرآن وطاعة الله سبحانه وتعالى، فكل الجماعات الإرهابية لا علاقة لهم بالدين، ولم يدرسوا الشريعة الإسلامية الصحيحة». وأشارت إلى أن الإرهاب يستهدف الدول العربية لتفتيتها وتفتيت جيوشها، ولا يقترب من إسرائيل التي تدعم الإرهاب هي وأميركا من خلال تجنيد بعض الشباب واستقطابهم تحت مسمى الديموقراطية والثورة الخلاقة التي جعلت المتطرفين يطفون على السطح لتفكيك الدول العربية من الداخل، وهذا مخطط لمحاربة الإسلام بعقول مارقة متشددة وقتلهم بعضهم بعضاً ثم تفتيت الدول العربية. وقال رشاد عبد العزيز، أستاذ الصحة النفسية: «إن الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية ليس فقط في الدول العربية، ولكنها انتشرت أيضاً في أوروبا وأميركا، وأصبحتا تعانيان تعاني من ردة فعل الإرهاب عليها، ونحن نتذكر حادثة برجي التجارة في أميركا 11 سبتمبر 2001، فالإرهاب أصبح الآن يجوب كل أنحاء العالم شرقه وغربه جنوبه وشماله». وحول الجانب النفسي لهؤلاء الذين يتبنون هذا الفكر الإرهابي المنحرف، أوضح رشاد «أن هؤلاء يعتنقون أفكاراً متطرفة جداً، وهذه الأفكار المتطرفة تأتي نتيجة عدم وجود وعي سليم بالقضايا الإنسانية، خاصة القضايا الخاصة بالدين، فهم يدعون على الإسلام بأنه دين يمكن فرضه ونشره في العالم بحد السيف، وهناك أقاويل بأن الإسلام نشر بحد السيف وهذه أكذوبة، وهناك من يروج بأن ثمة علاقة بين الإسلام والإرهاب، وهذه أكذوبة كبرى يحاولون تداولها ليس فقط بين الأفراد ولكن بين الدول. وأوضح «أن من ينتمي إلى الجماعات الإرهابية إنسان لا فكر له ولا ضمير ولا وطن ولا انتماء، وهو إنسان يعاني نفسياً من كثير من الأمراض النفسية، ومن يهجر وطنه وأسرته لكي ينتمى لهؤلاء الجماعات فهو يعاني مشكلة نفسية كبرى، وتابع قائلاً: «ونحن لكي نقضي على الإرهاب لا نستطيع القضاء عليه بقوة السلاح، ولكن نستطيع القضاء عليه بقوة الفكر، فهم أصحاب فكر متطرف لا يحارب إلا بالفكر، وفكرهم غير فكرنا، ولن يستطيعوا التنازل عن هذه الأفكار، ومن هنا يأتي دور الإعلام المرئي والمقروء والمسموع بشتى وسائله، ودوره الفعال في عملية تغيير الأفكار الخاطئة والمنحرفة، ومحاولة مناقشة أفكار الإرهاب بدلاً من الدخول في مسلسلات أو أفلام ليس لها رائحة أو طعم أو لون، فالمفروض أن يقوم الإعلام بدوره الفعال في محاربة الفكر الإرهابي عن طريق مقارعة الفكر بالفكر، وإقامة ندوات ومحاضرات فكرية للشباب في الجامعات، وتقديم النصح لهم، ومنهم الآن من يؤمن بهذا الفكر الإرهابي، فيجب الجلوس معهم ومناقشتهم». وأكد أن هناك أسباباً كثيرة تؤدي إلى تنامي الفكر الإرهابي مثل البطالة، وهي مشكلة كبيرة جداً، فالشاب عندما لا يجد عملاً أو مأوى أو مصدر رزق يكون من السهل استقطابه وضمه للجماعات الإرهابية، ومعظم المنضمين للجماعات الإرهابية من الشباب والشابات، لعدم وجود فكر صحيح يحركهم، ونحن أمة اقرأ لا تقرأ، وأبناؤنا لا يقرأون، وبالتالي فالشباب الذين من دون معرفة من السهل جداً استقطابهم، والجاهل أيضاً من السهل استقطابه، ونحن الآن بحاجة إلى العلماء من أصحاب الفكر المستنير، الذين يقدرون على مساعدة شبابنا على التفكير السليم، ووضعهم على الطريق الصحيح، وفي الوقت نفسه نحاول حل مشكلاتهم التي تدفعهم للجوء إلى تلك المنظمات الإرهابية، مثل عدم توافر الوظائف، ومشكلات اجتماعية كثيرة كالزواج، والتأكيد على مشاركة الشباب في حل مشكلاته. وأكد أن الإرهابي مريض نفسي في المقام الأول، لأن فكره متطرف، وأن المعاناة النفسية له ممكن استغلالها وتوظيفها في الجانب الإرهابي، وعلاجه بالتوعية وإقامة الندوات والمقابلات للشباب، لأنهم ثروة المجتمع ولا يمكن أن تبنى المجتمعات من دون شباب. وأضاف «وهناك دور كبير على الآباء في التواصل مع أبنائهم، وعدم تركهم لمواقع التواصل الاجتماعي وبعض مواقع النت المتطرفة، والتي أصبحت تلعب دوراً أكثر فاعلية من دور الآباء ودور المدارس والجامعات، فمحاربة الإرهاب لا تكون إلا بالفكر، وبالتالي نعود بهؤلاء الشباب إلى حالة السواء النفسي بحيث تكون التصرفات التي يتعاملون بها مع بيئتهم المحيطة تكون تبعاً للمعايير المقبولة والعادات التي عهدها المجتمع، ولا يعانون صراعات مع من حولهم أو مخاوف مرضية ممن حولهم، ومن ثم تبدو سلوكياتهم مألوفة ومسايرة للقيم والمعايير الاجتماعية المتعارف عليها، ويكون هذا العلاج علاجاً نفسياً لهؤلاء الشباب».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©