الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العين بصيرة.. واليد قصيرة

العين بصيرة.. واليد قصيرة
22 سبتمبر 2007 21:53
منذ حلول شهر رمضان المبارك وحتى اليوم، ما زالت تسيطر على الشعب الفلسطيني حالة من الغضب والإحباط والقلق، حيث يواجه اعتداءاتِ قوات الاحتلال الإسرائيلي من قتل واغتيال ودمار، وتهديدات بإجراءات قاسية كقطع الكهرباء والماء وعدم دخول المواد مثل المحروقات، وحتى حليب الاطفال، وايضاً لا يخلو بيت من شهيد أوجريح أومعاق أو أسير في سجون الاحتلال· ورغم أن شهر رمضان من أكثر المناسبات التي ينتظرها الناس نظراً لما يتسم به هذا الشهر الفضيل من الخير والطاعة وصلة الأرحام والإقبال على مآدب الطعام وتبادل الزيارات، إلا أن الأمر يختلف تماماً هذه المرة، حيث يتزامن قدوم هذا الشهر مع تواصل الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية واجتياح أماكن كثيرة واحتلال العديد من المدن والقرى والمخيمات وتصاعد سياسة الإغلاقات والتهديدات والاغتيالات، إضافة الى تأخر صرف الرواتب عن معظم الموظفين· حصار ألقى الوضع الاقتصادي الصعب في الأراضي الفلسطينية بظلاله على الأسواق التي خلت تقريباً من المتسوقين، فيما ازدحمت بمن يمني نفسه بأن يتحسن الحال ويستطيع أن يشتري من هذا الصنف أوذاك، ولسان حاله يردد ''العين بصيرة واليد قصيرة''· يقول المواطن رشاد عبدالرحمن لـ''الاتحاد'': أنا أدرس في الجامعة، ووالدي بالكاد يستطيع توفير لقمة العيش، وليس هناك مجال لشراء الكثير من الطعام ومستلزمات هذا الشهر، ويضيف ''أصارحك القول: لقد جئت إلى هنا لأتفرج فقط لا لأشتري''· أسواق قطاع غزة بدت على غير عادتها في هذا الشهر المبارك، وهو ما عزاه المواطنون إلى إجراءات الحصار العسكري والاقتصادي المفروض على الأراضي الفلسطينية، وخاصة قطاع غزة، فيما أكد أصحاب المحال التجارية أن الوضع سيئ للغاية في هذه الأيام التي يعتبرها أصحاب المحال التجارية فرصة كبيرة للبيع، وبدا سوق غزة الرئيسي وسط المدينة غير مزدحم كعادته في مثل هذه المناسبة، فها هي أم خميس ''54 عاماً'' لم تستطع شراء مستلزمات هذا الشهر باستثناء الضروري جداً على أمل أن تتحسن الأوضاع، إلا أنها رأت أنه من الصعب أن تتحسن الأوضاع في القريب المنظور· ولم تقتصر الشكوى على المستهلكين فحسب، وإنما امتدت لتشمل التجار والباعة في أسواق غزة، حيث يشكو الجميع من قلة إقبال المواطنين على الشراء حتى الأشياء الضرورية التي تمكنَّا من إدخالها الى قطاع غزة· ويؤكد نعيم أبو شماس صاحب محل في سوق الشيخ رضوان في غزة، لـ''الاتحاد'' أنه لم يبع إلا ثلث معدل بيعه من الأجبان والمربى وقمر الدين والحلاوة في السنوات الماضية، والتي عرضها بطريقة لافتة للنظر أمام محله، محاولاً لفت أنظار المتسوقين لشرائها· ولم تجد صيحات البائع محمد العابد، في نفس السوق إقبالاً من قبل المتسوقين على مواده التموينية، ويقول: إنه اشترى كمية كبيرة من مستلزمات رمضان، داعياً الله سبحانه وتعالى أن يرزقه حتى يستطيع تعويض ما أنفقه من مال، ويأمل، وفي نفسه نوع من التوجس، أن تكون الايام المقبلة أفضل· وفي ركن آخر من السوق جلس البائع أبوعامر الغول أمام بسطة لبيع المخللات والمقبلات الرمضانية، يراقب حركة المواطنين، بسبب قلة البيع، وقال: لم أبع اليوم إلا القليل من بضاعتي، بسبب ندرة المشترين، وذلك لصعوبة الأوضاع الاقتصادية التي يمرون بها بسبب عدم انتظام صرف الرواتب أولاً، والحصار والإغلاق الإسرائيلي ثانياً· أما البائع خليل عادل، الذي كان يبيع تموراً وأجباناً وأنواعاً مختلفة من المربى، فقال بتهكم: ''كثير من الناس يأتون للسوق لقضاء الوقت، وليس للشراء''، مؤكداً أن البيع تقلص هذا العام، بنسبة 50% عن العام الماضي، بسبب تدهور الأوضاع المادية لغالبية المواطنين وانتشار البطالة، وأضاف أن مظاهر الحصار والإغلاق والتهديدات الاسرائيلية باتخاذ اجراءات صارمة ضدنا تفرض نفسها على كل بيت فلسطيني، متسائلاً كيف تفرح أوتأكل أوتشرب وإخوانك في خان يونس وبيت حانون والقرارة يقتلون يومياً؟ وأشار أحد البائعين إلى انخفاض معدلات إقبال العائلات الفلسطينية على الأسواق التجارية على الرغم من حلول شهر رمضان، واصفاً إياه بالبسيط جداً والأقل من العادي، وأضاف: الوضع الاقتصادي الراهن يؤثر بشكل أساسي في الحركة الشرائية للعائلات الفلسطينية، وأكد أن نسبة الشراء لديهم تكاد تكون تحت الصفر، وأوضح أنه يقلل في ثمن السلعة، ويكتفي بالربح القليل في محاولة لإغراء الناس للإقبال على الأسواق وشراء البضائع، وأضاف: لابد من مراعاة الوضع بشكل عام، لأنه إذا لم نراعِ نحن أوضاع شعبنا، فمن سيراعيها إذن؟! المواطن إبراهيم عبد التواب، أب لثمانية أطفال وعاطل عن العمل منذ سنة ونصف السنة وهو المعيل الوحيد لأسرته، يقول: جئت إلى السوق لأشتري بعض مستلزمات رمضان الضرورية بنقود استدنتها من جاري، وأضاف محاولاً التخفيف عن نفسه، رمضان ليس فقط للأكل والشرب، ولكن للعبادة والتوحيد وقراءة القرآن والتقرب إلى الله·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©