الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المجامع الفقهية لم تحسم قضية نقل الأعضاء

المجامع الفقهية لم تحسم قضية نقل الأعضاء
22 سبتمبر 2007 22:00
جاء إعلان الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف أخيراً عن موافقتهما على جواز نقل الأعضاء الآدمية من إنسان ميت إلى آخر حي، وذلك من الناحية الشرعية طالما كان ذلك يتم بطريقة سليمة وعن طريق التبرع فقط، ليعيد فتح ملف نقل الأعضاء البشرية الذي لم يحسم في كثير من الدول العربية والإسلامية ومنها مصر، رغم مضي أكثر من 14 عاما على فتحه· والقضية الأساسية التي تمثل نقطة الخلاف تتمثل في تحديد الموت الحقيقي للإنسان، وهل إذا مات يمكن الانتفاع بأعضائه؟ الأطباء يؤكدون أنه إذا مات الإنسان وفق التعريف الدقيق الذي ورد في كتب الفقه الإسلامي للموت فلا يمكن الانتفاع بأعضائه، ويطرحون مفهوما جديدا هو موت جذع المخ أو الوفاة الإكلينيكية كبديل يتيح لهم الاستفادة من أعضاء المتوفى، لكن عددا كبيرا من الأطباء، بل وكثير من المراجع الطبية، تؤكد أن ما يسمى بموت جذع المخ أو الموت الإكلينيكي ليس موتا حقيقيا وإنما هو غيبوبة أو مرض يمكن معه أن يعود الإنسان إلى الحياة· ورغم إباحة نقل الأعضاء من جانب مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ودار الإفتاء المصرية فإن هناك عددا كبيرا من العلماء يرفضون هذه العمليات ويفتون بحرمتها، خصوصا إذا كان النقل من موتى جذع المخ· جريمة يؤكد الدكتور صفوت حسن لطفي رئيس جمعية الأخلاقيات الطبية والأستاذ بطب قصر العيني أن ما يسمى بالموت الإكلينيكي، أو موت الدماغ، أو موت جذع المخ، أو أي تعبير آخر يضاف إلى كلمة الموت يعد موتا غير حقيقي· إن الشريعة الإسلامية حددت الموت وعرفته بأنه مفارقة الروح للجسد، وتوقف جميع أعضاء وأجهزة الميت عن العمل وفقدان حرارة الحياة التي تميز بين السليم والسقيم، وبين الحي والميت، وهذه الشروط لا تنطبق على موت جذع المخ، مؤكداً أن موتى جذع المخ مرضى لأنه حتى المريضة الحامل المصابة بموت جذع المخ يستمر حملها· ويذكر د· صفوت أنه انعقد في مصر اجتماع لعلماء المسلمين في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عام 1992 وأكدوا أن انتزاع الأعضاء من مرضى الغيبوبة المطلقة الذين يسمون موتى جذع المخ جريمة قتل عمد يستوجب فاعلها المحاكمة الجنائية· كما أن قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة أكد أنه لا قول بموت مادام جزء من الجسم حيا وأن انتزاع أعضاء من هؤلاء المرضى هو السبب المباشر لموتهم، وأخذ أعضاء منهم جريمة قتل تستوجب المحاكمة الجنائية، مشيرا إلى أن هذه القضية أعيد طرحها على مجمع البحوث في عام 1997 فقرر أن الموت هو مفارقة الروح للجسد مفارقة تامة يستحيل معها عودة الإنسان إلى الحياة بشرط أن تتوقف معه جميع أعضاء وأجهزة الجسم الإنساني عن العمل· إن الإنسان الذي مات موتا حقيقيا لا تصلح أعضاؤه للنقل· مقبول اضطرارياً ومن جانبه يرى الدكتور منيع عبد الحليم محمود الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر أن نقل الأعضاء من المتوفى إلى الحي جائز شرعا، مشيرا إلى أن المشكلة في مصر أن الذين يناقشون هذه القضية يخشون أن يتحول نقل الأعضاء إلى تجارة غير مشروعة، ولذلك امتنع كثير من العلماء والفقهاء عندنا عن الموافقة على نقل الأعضاء· وقال: إن الفقه السليم في هذا الموضوع أنه ما دامت حياة شخص تتوقف على نقل عضو من ميت خصوصا بعد موت جذع المخ، فإن مثل هذا الأمر مقبول إسلاميا ويدخل في باب الإضطرار· وأضاف د·منيع أن مسألة نقل الأعضاء لا يجوز النقاش فيها بعد اليوم من حيث الحل والحرمة، لكن يمكن أن يكون النقاش حول نقل الأعضاء بطريقة مشروعة وسليمة لا تنتهك أجساد الناس قبل موتهم وتشترط الحصول على موافقة الميت قبل وفاته أو موافقة أبنائه بعد موته· ويرى الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق أن قضية نقل الأعضاء يتكلم فيها كثير من غير المتخصصين، وينقسم فيها العلماء إلى فريقين أحدهما يبيح النقل، والآخر يحرمه، مشيرا إلى أن فتاوى عديدة صدرت عن دار الإفتاء في مراحلها المختلفة تبيح نقل الأعضاء من الميت عند الضرورة، وهذا الرأى جاء بعد البحث والتحري· ويؤكد عدم موافقته للذين يعارضون نقل الأعضاء بحجة أن الإنسان لا يمتلك جسده، وبالتالي لا يجوز له التبرع بما لا يملكه لأن التبرع فرع من الملكية، موضحا أننا إذا قلنا بذلك فإن الإنسان في الأصل لا يملك شيئا حتى ماله فهو مستخلف فيه، والملكية هنا مجازية· ورغم تأييد د·واصل لنقل الأعضاء فإنه يرفض الاعتداء على إنسان فيه شبهة حياة لأن ذلك بمثابة اعتداء على حي يوجب القصاص· ويرى الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق أن بعض العلماء يرفضون نقل الأعضاء ويحرمونه سواء بين الأحياء أو من الأموات للأحياء، ويرون أن الانتقاص من الأعضاء أو محاولة التحسين والإضافة إليها يعد تدخلا فى إرادة الله، كما أن نقل عضو من إنسان قد يؤدى إلى هلاكه· لكن هناك فريقا آخر من العلماء يجيزون نقل الأعضاء استنادا إلى القاعدة الفقهية ''الضرورات تبيح المحظورات''، وهؤلاء يرون أن النصوص التي يستند إليها المعارضون لنقل الأعضاء صحيحة، لكنهم يؤكدون أن النقل إنما يكون للضرورة· وأشار إلى أننا أمام رأيين: الأول يمنع، ولا أحد يستطيع الزعم بخطأ هذا الرأي، والثاني اجتهد وأجاز نقل الأعضاء، موضحا أن البعض يرى ضرورة الأخذ بالرأي الأول لأنه الأحوط، ولأن عدم النقل ليس فيه حرمة، أما النقل فهناك من يحرمه وهناك من يجيزه·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©