22 سبتمبر 2007 22:02
حدثنا محمد بن عبدالله الكاتب قال: كنتُ يوماً عند محمد بن يزيد المبرد، فأنشد:
جسمي معي غير أن الروح عندكم فالجسم في غربة والروح في وطن
فليعجب الناس مني أن لي بــــــــدنا لا روح فيـــــــه، ولي روح بــــــلا بـــــــــدن
ثم قال: ما أظن الشعراء قالت أحسن من هذا· قلت: ولا قول الآخر؟ قال: هيه! قلت: الذي يقول:
فارقتكم وحييت بعدكــــــــم ما هكذا كان الـــذي يجبُ
فالآن ألقى الناس معتذراً من أن أعيش وأنتم غيب
قال: ولا هذا· قلت: ولا خالد الكاتب:
رُوحان لي روحٌ تضمنها بلد وأخرى حازها بلدُ
وأظن غائبتي كشاهدتي بمكانها تجد الذي أجـد
قال: ولا هذا· قلت: أنت إذا هويت الشيء ملت إليه، ولم تعدل إلى غيره· قال: لا! ولكنه الحق، فأتيت ثعلباً، فأخبرته·
فقال ثعلب: ألا أنشدته:
غابُوا فصار الجسم من بعده ما تنظر العين له فيـــــــــــّا
بـأي وجــــــــــــــــــه أتلقـاهـــــــــــــــــــم إذا رأوني بعدهم حيـــــّا
يا خجلتي منـــــه ومن قولــــــــه ما ضرّك الفقد لنا شيّا
قال: فأتيت إبراهيم بن إسحاق الحربي، فأخبرته·
فقال: ألا أنشدته:
يا حيائي ممن أحب إذا مـــا قال بعد الفراق: إني حييتُ
لو صدقت الهوى حبيباً على الصفحة لمّا نأى لكنت تموت
قال: فرجعت إلى المبرد، فقال: أستغفر الله إلا هذين البيتين، يعني بيتي إبراهيم·