الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الذكــــاء

الذكــــاء
22 سبتمبر 2007 22:02
قال محمد بن علي الأمين: حدثنا بعض الأطباء الثقات أن غلاماً من بغداد قدم الري فلحقه في طريقه أنه كان ينفث الدم، فاستدعى أبا بكر الرازي الطبيب المشهور بالحذق فأراه ما ينفث ووصف له ما يجد، فنظر إلى نبضه وقارورته واستوصف حاله، فلم يقم له دليل على سل ولا قرحة ولم يعرف العلة، فاستنظر العليل لينظر في حاله، فاشتد الأمر على المريض وقال: هذا بأي لي من الحياة لحذق المتطبب وجهله بالعلة، فزاد ألمه، ففكر الرازي، ثم عاد إليه، فسأله عن المياه التي شرب، فقال: من صهاريج ومسقفات، فثبت في نفس الرازي بحدة خاطره وجودة ذكائه أن علقة كانت في الماء وقد حصلت في معدته وذلك الدم من فعلها· فقال: إذا كان في غد عالجتك ولكن بشرط أن تأمر غلمانك أن يطيعوني فيك بما آمرهم· قال: نعم· فانصرف الرازي فجمع مركنين كبيرين من طحلب فأحضرهما في غد معه فأراه إياهما، قال: ابلع جميع ما في هذين المركنين، فبلع شيئاً يسيراً ثم وقف· قال: ابلع· قال: لا أستطيع· فقال للغلمان: خذوه فأقيموه ففعلوا به ذلك وطرحوه على قفاه وفتحوا فاه، فأقبل الرازي يدس الطحلب في حلقه ويكبسه كبساً شديداً يطالبه ببلعه ويتهدده بأن يضرب إلى أن بلعه كارهاً أحد المركنين بأسرع والرجل يستغيث ويقول الساعة قذف فزاد الرازي فيما يسكبه في حلقه فذرعه القيء فتأمل الرازي ما قذف فإذا كانت فيه علقة وإذا هي لما وصل إليها الطحلب قربت إليه بالطبع وتركت موضعها فالتفت على الطحلب ونهض العليل معافى· الرمان والقردان حدثنا علي بن الحسن الصيدلاني قال: كان عندنا غلام حدث من أولاد النبا فلحقه وجع في معدته شديد بلا سبب يعرفه، فكانت تضرب عليه أكثر الأوقات ضرباً عظيماً حتى يكاد يتلف وقل أكله ونحل جسمه، فحمل إلى الأهواز فعولج بكل شيء فلم ينجع فيه ورد إلى بيته وقد يئس منه فجاز بعض الأطباء فعرف حاله، فقال للعليل: اشرح لي حالك من زمن الصحة فشرح إلى أن قال دخلت بستاناً فكان في بيت البقر رمان كثير للبيع فأكلت منه كثيراً· قال: كيف كنت تأكله؟ قال: كنت أعض رأس الرمانة بفمي وأرمي به وأكسرها قطعاً وآكل· فقال الطبيب: غداً أعالجك بإذن الله تعالى· فلما كان الغد جاء بقدر اسفيداج قد طبخها من لحم جرو سمين فقال للعليل: كل هذا· قال العليل: ما هو؟ قال: إذا أكلت عرفتك، فأكل العليل، فقال له، امتلئ منه، فامتلأ· ثم قال له: أتدري أي شيء أكلت؟ قال: لا· قال: لحم كلب، فاندفع يقذف فتأمل القذف إلى أن طرح العليل شيئاً أسود كالنواة، فأخذه الطبيب، وقال: ارفع رأسك فقد برأت، فرفع رأسه فسقاه شيئاً يقطع الغثيان وصب على وجهه ماء ورد ثم أراه الذي وقع فإذا هو قرد· فقال: إن الموضع الذي كان فيه الرمان كان فيه قردان من البقر وأنه حصلت منهم واحدة في رأس إحدى الرمانات التي اقتلعت رؤوسها بفيكن فنزل القرد إلى حلقك وعلق بمعدتك يمتصها، وعلمت أن القراد تهش إلى لحم الكلب، فإن لم يصح الظن لم يضرك ما أكلت، فصح فلا تدخل فمك شيئاً لا تدري ما فيه والله الموفق·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©