الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رؤية

رؤية
22 سبتمبر 2007 22:04
شجعت الشريعة الإسلامية الفرد على التملك وحماية ملكه إلى أقصى الحدود، ثم قيدت استعماله للملكية بعد ذلك متى سببت ضرراً للغير أو انحرفت عن خط سيرها الاجتماعي، وهذه القيود تطبق في الأحوال العادية، وفي ظل الظروف الاجتماعية المعتادة· أما إذا واجه المجتمع ظرفاً طارئاً كالمجاعة فإن حق الملكية يهتز كثيراً أمام حاجة الجماعة التي تكون لها الأولوية والأفضلية، ففي عام المجاعة والمسمى بعام الرمادة ذكر صاحب ''كنز العمال'' أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن انتهت المجاعة قال: ''لو أصاب الناس السنة لأدخلت على أهل كل بيت مثلهم فإن الناس لا يهلكون على أنصاف بطونهم''، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه في إحدى سفراته فيما رواه مسلم: ''من كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ومن كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له''، يقول الراوي: وأخذ يعدد أصناف الأموال حتى ظننا أننا ليس لنا من أموالنا إلا ما يكفينا· وليس من الضروري أن تكون الحالة غير العادية التي يهتز معها حق الملكية حالة عامة تخص المجتمع أو عدداً كبيراً من أفراده، فإن فكرة تملك الله لكل شيء واستخلافه لخلقه في التمتع بالملكية وفي الحدود التي وضعها قد انعكست في بعض الأحكام التي أفتى بها الحنابلة في استعمال الفرد لملك غيره إذا كانت له حاجة ماسة فيه ولم يكن للمالك حاجة إليه، فلو مات شخص في قرية من الجوع حكم بالدية على جميع أهل القرية، كما ذهب إلى ذلك سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مما يعني أن الشريعة الإسلامية وصفت الملكية بأنها وظيفة اجتماعية ووكالة عن الله تعالى للمالك الأصلي· والشريعة الإسلامية رغم هذه المنزلة الرفيعة التي منحتها لمصلحة الجماعة أوالفرد المحتاج فإنها لم توسِّع مدى الملكية الجماعية، بل على العكس فقد أطلقت العنان للملكية الفردية لتشمل كل الأموال التي يمكن تملكها تقريباً مع تقييدها بالقيود التي أسلفت ذكرها· وهناك أموال لا يمكن إنشاء ملكية فردية عليها مثل أموال الاستعمال العام كالمساجد والطرقات ومجاري الأنهار والحدائق العامة، ومن الأموال أيضاً المعادن فلا يجيز المالكية تمليكها إلا للدولة حتى ولو استخرجها الفرد بإذنها أو بدونه، وللمأذون له أجر العمل، أما الثمرة فهي للأمة، وغيرهم يعتبر المعادن تابعة لملكية السطح مع فرض نصاب يبلغ الخمس، كما ذكره الإمام أبو حنيفة، ودليله ومَن معه إقطاع الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال بن الحارث معادن من معادن أرض على ساحل البحر قريبة من المدينة، وإقطاعه له العقيق أيضاً، كما ذكره ابن الأثير في ''أسد الغابة''، وابن حجر في ''الإصابة''، وروي ذلك في الصحيحين وغيرهما، وردَّ ذلك المالكية ومَن تبعهم بقولهم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أقطع ذلك إقطاع انتفاع وليس إقطاع ملكية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©