الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عملات ملوك الطوائف تجسد الصراع في الأندلس

عملات ملوك الطوائف تجسد الصراع في الأندلس
22 سبتمبر 2007 22:04
كان سقوط هشام المؤيد بالله آخر خلفاء الامويين بالاندلس وخلعه عن عرشه في أواخر عام 422 هـ 1031م إيذانا بانهيار السلطة المركزية للعاصمة قرطبة، وبداية الصراع العنيف بين القوتين الاكبر في الاندلس وهما البربر والعصبيات العربية· بسط البربر بزعامة بني حمود سيطرتهم قرابة ثلث قرن على المثلث الجنوبي في شبه الجزيرة الايبيرية وكانت امارة باديس الصنهاجي بغرناطة تحمي الجناح الشمالي الغربي لهذه الخلافة البربرية· أما القواعد الاندلسية الكبرى فقد اقتسمت الاسر العربية النفوذ فيها مثل قرطبة واشبيلية وبلنسية وسرقسطة ومرسية والمرية بينما استطاع الصقالبة ان يبسطوا نفوذهم على معظم المناطق الشرقية· وهكذا أدى انهيار خلافة الامويين الى فراغ سياسي لم تستطع اي قوة اسلامية بمفردها ان تملأه وسادت الصراعات بين القوى والعصبيات المختلفة في الاندلس· وانعكست الفترة المضطربة التي عرفت في التاريخ الاندلسي باسم عصر ملوك الطوائف على ضرب عملاتهم الخاصة· أسماء الحكام ورغم ان ملوك الطوائف تجنبوا الاشارة الى دور الضرب وخاصة في دنانيرهم الذهبية جريا على عادة الامويين ، فإنه بالامكان التمييز بين إصدارات اغلب المدن الاندلسية من خلال تتبع أسماء الحكام التي كانت تسجل عقب كلمة التوحيد ''لا إله إلا الله وحده لا شريك له'' في مركز الوجه وهو نفس المكان الذي كان الحجاب الاقوياء في أواخر أيام الخلافة الاموية يسجلون فيه أسماءهم· من دول ملوك الطوائف التي سكت نقودا باسماء حكامها دولة ''بني عباد'' في اشبيلية وقد اسسها قاضي اشبيلية ''محمد بن عباد'' في عام 414 هـ 1023م ولكن دولته كانت تحت سيطرة ''يحيى بن علي الحمودي'' صاحب قرطبة· وما إن تولى المعتضد الحكم في عام 433هـ 1042م حتى تمرد على سلطان بني حمود وتسمى بالحاجب المعتضد وشرع يوسع حدود دولته حتى أصبحت الثانية حجما واتساعا بعد مملكة البربر الحموديين· وجاء أشهر ملوك بني عباد وهو ''المعتمد'' ليضيف منطقة مرسية ومدينة قرطبة الى املاكه وعندئذ ووجه بتحديات لا قبل له بها من قبل الفونس السادس ملك قشتالة الذي راح يهدد بالاستيلاء على اشبيلية إن لم يضاعف المعتمد مبلغ الجزية التي كان يدفعها لقشتالة، ولم يجد المعتمد من سبيل امامه سوى طلب النجدة من يوسف بن تاشفين المرابطي الذي عبر بجيوشه مضيق جبل طارق قادما من المغرب الى الاندلس لينزل هزيمة منكرة بقوات الفونس ويضع نهاية في ذات الوقت لاستقلال العباديين في اشبيلية· ومن دنانير ملوك اشبيلية التي قلدوا بها نقود الامويين دينار من ضرب الاندلس مؤرخ بعام 438 هـ وسجل عليه اسم الخليفة الاموي هشام المؤيد رغم ان هشام كان قد فر في نهاية خلافة سليمان المستعين بالله حوالي 400هـ الى اسيا حيث مات هناك فقيرا مجهولا· ولكن المعتضد عثر في قلعة رباح على رجل يعرف باسم ''خلف'' ونظرا للشبه الشديد بينه وبين هشام المؤيد عاد به الى قرطبة لينصبه خليفة للمرة الثانية وجعل المعتضد من نفسه حاجبا للخليفة المزعوم ليفيد من هذه الغطاء الشرعي في تأليب الاندلسيين ضد بني حمود· وبعد ان قضى الحاجب محمد وطره من اصطناع الخليفة تلقب باسم ''المعتضد'' وأزال اسم الخليفة المؤيد وغير طراز نقوده الاموي، واتخذ الطراز العباسي بدلا منه وذلك في اشارة الى تبعيته لخليفة العباسيين ببغداد او الى اعترافه بالخلافة العباسية التي كانت آنذاك مناط الشرعية في مواجهة خلافة الفاطميين· ولما كان المعتضد وهو على الطرف الاقصى من دار الاسلام من ناحية الغرب، لا يعرف على وجه اليقين أو في الوقت المناسب اسماء الخلفاء العباسيين القابعين في بغداد فقد اكتفى بالاشارة الى الخليفة العباسي بالعبارة العامة ''الامام عبدالله أمير المؤمنين''· ومن دول ملوك الطوائف امراء بني الافطس البربر حكام بطليوس وكانوا على خلاف دائم مع بني عباد، غير أن تهديدات الفونس لهم دفعت ملكهم ''المتوكل'' الى تزعم الاتجاه المناوئ بالاستنجاد بالمرابطين، ولكن يوسف بن تاشفين استولى على بطليوس وأنهى حكم بني الافطس بها عندما حاول الامير عمر شقيق المتوكل ان يمنح الفونس بعض اراضيه مقابل حمايته له وقد سك امراء بطليوس دنانيرهم على نمط نقود بني عباد ذات الطراز العباسي ولدينا واحد منها من ضرب الاندلس ''الاقليم'' في عام 441 هـ· ومن ملوك الطوائف ايضا ملوك مرسية تلك المدينة الجنوبية التي استولى عليها يوسف بن تاشفين المرابطي وعزل حاكمها ابن رشيق لما عرف عنه من اصراره على التودد لالفونس ملك قشتالة· وقد ضرب أمراء مرسية نقودهم الذهبية على طراز النقود المرابطية وان وضعوا اسماء امرائهم مكان اسم ولقب الامير المرابطي· ومن الامثلة المبكرة لدنانير مرسية دينار يؤرخ بعام 542 هـ· خلفاء الموحدين كان ملوك مرسية يتلقبون بألقاب الحجاب، وظل أهل مرسية بعد سقوطها بأيدي المرابطين يحلمون طوال خمسين عاما باستعادة استقلالهم المفقود الى ان استطاع أبوجعفر أحمد في عام 540 هـ 1145م تحقيق الحلم وحكم أمراء مرسية مدينتهم لمدة ست وعشرين عاما بصورة مستقلة عن حكام المرابطين الضعفاء ولكن بلادهم وقعت بعد ذلك في قبضة خلفاء الموحدين عام 567 هـ 1171م·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©