الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهجرة الداخلية في العراق خريطة جديدة للمشهد الطائفي

الهجرة الداخلية في العراق خريطة جديدة للمشهد الطائفي
22 سبتمبر 2007 22:05
تفيد معطيات جديدة جمعها الآلاف من عمال الإغاثة بوجـــود حركــــة هجرةٍ داخليــة واسعـــة تعيــد تشكيـــل المشهد العرقي والطائفي في العراق، غير أن الهجرة في المناطـق الأكبر من حيــث عــدد السكان والأكثر اختلاطا معقــدة ومتشعبــة، مما يوحي بــأن تقسيم البــلاد إلـــى مناطــق سنية وشيعيـة وكرديـــة شبـــه مستقلـة ذاتيـا لــن يكـون بالأمر الهين· المعطيات المتعلقة بالهجرة، التي يتوقع أن يفرجَ عنها هذا الأسبوع الهلالُ الأحمر العراقي، تشير إلى أن بغداد وحدهــا تضــم نحو 170000 عائلــة، تمثل نحــو مليون شخص تقريبــا فــروا من منازلهــم بحثــا عن الأمن أو الملجأ أو الماء أو الكهرباء أو المدارس أو الوظائف لإعالــة أسرهــم، وتُظهر الأرقام أن العديد من هذه الأسر تهاجر أولا فرارا من الخطر المحدق بهم، ثم لاعتبارات توفر الخدمات الأساسية أو المدارس بالنسبة للأطفال، وكذلك لإيجاد جيرانٍ من نفــس الطائفــة، فذاك ليس سوى واحد من بين هذه الاعتبارات· جمع الهلال الأحمر العراقي الأرقام من تقارير حديثة أعدها في أغسطس الماضي عشراتُ الآلاف من عمال الإغاثة المنتشرين عبر أرجاء العراق، ممن سعوا جاهدين إلى توفير المساعدة لنحو 280000 أسرة اضطرت إلى النزوح عن ديارها إلى مناطق أخرى من العراق ضمن حركة هجرة ضخمة ومعقدة· وتشير نظرة إلى الأرقام إلى أنه منذ اندلاع الصراع الطائفي -على إثر تفجير مسجد مقدس لدى الشيعة في فبراير 2006- فضل السنة بصفة عامة الاتجاه نحو الشمال، والشيعة نحو الجنوب، والمسيحيون نحو أقصى الشمال· أما في وسط البلاد المختلط وذي الكثافة السكانية المرتفعة، فالصورة هناك معقدة ومتشعبة· غير أن الأرقام الجديدة تُظهر أن الهجرة لا تُقسم بغداد على طول نهر دجلة، بحيث تفصل بين السنة، الذين يعيش معظمهم على الضفة الغربية للنهر، والشيعة، الذين يعيش معظمهم على الضفة الشرقية· ولكن بدلا من ذلك، لاحَظ مسؤولو الهلال الأحمر العراقي انتقالَ بعض السنة إلى الجانب ذي الأغلبية الشيعية من النهر، في أحياء علمانية ومختلطة نسبيا حيث الخدمات أفضل· فالأسبــوع الماضي مثــلا، أُرغمت قبيلة سنية تتألف من 250 أسرة كانت تعيش في درة -يعد واحدا من أعنف أحياء العاصمة بغداد- إلى النزوح عن ديارهــا، ولكنهــم بدلا من الذهاب إلى منطقة حيث يلتحقون بآخرين من طائفتهم، فإنهم آثروا الذهاب إلى جيرانهم الجنوبيين في منطقة أبو دشير الشيعية؛ حيث رحبت بهم القبيلة المحلية وآوَتهم، وذلك حسب الموظفين الميدانيين من الهلال الأحمر والمكتب الدولي للهجرة· غير أن بعض العراقيين الفقراء، مثل أولئك الذين يفرون من التطهير العرقي الذي تمارسه ''القاعدة في بلاد الرافدين'' في بلدات إقليم ''ديالي'' الشرقي، يقومون بالاختيار الوحيد المتاح لهم، ألا وهــو التوجــه إلى بغــداد والتوقف بأحد مخيمات اللاجئين على أطراف المدينة لينضموا إلى غيرهم من الفقراء والمعدمين· في هذا السياق، يقول الدكتور ''سعيد حقي'' -الطبيب الذي يرأس الهلال الأحمر العراقي-: إنه بالرغم من أن العراقيين من جميع مستويات الدخل والطوائف والأعراق والأديان والمناطق لم يَسلموا من هذه الهجرة، إلا أن أكثر العواقب مأساوية هي تلك التي تحدث حيث تجتمع أعداد ضخمة من الريفيين العراقيين الفقراء في المخيمات والأكواخ الفقيرة، وذلك بعد أن يكونوا قد تركوا وراءهم كل ما يملكون تقريبا· ويعلق على ذلك بالقول: ''إنها مأساة، مأساة حقيقية''، مضيفا ''لقد كنت طبيبا جراجا طوال حياتي، ورأيت الموت مرات كثيرة؛ لم يكن ذلك يخيفني أبدا، ولم يهزني يوما· ولكنني حين أرى العدد هنا في العراق''، في إشارة إلى مجموعات النازحين، ''فذاك يهزني بكل تأكيد''· وقد دفع الارتفاع في عدد النازحين المسجلين في نهاية فصل الصيف الهلالَ الأحمر إلى إرجاء صدور التقرير لنحو 10 أيام، انكبت المنظمة خلالها على مراجعة الأرقام والتحقق من صحتها· غير أن الدكتور ''حقي'' قال إن الأرقام، المستندة إلى معطيات جُمعت في 130 فرعا للمنظمة، منها 43 فرعا في بغداد لوحدها، من قبل نحو 95000 متطوع من الهلال الأحمر وعدد أقل من الموظفين العاديين، كانت صحيحة ولا غبار عليها· والواقع أن أرقام الهلال الأحمر، التي يجري جمعها بشكل دوري، كانت متناغمة عموما مع المعطيات التي جمعتها المنظمــة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحـدة· ويشير موظفو الهلال الأحمر إلى عدد من الاتجاهات التي حدثت خلال الصيف وساهمت في الزيادة التي لاحظتها منظمتهم في بغداد؛ فالاقتتال في ''ديالي'' دفع الناس إلى مغادرة منازلهم فرارا من العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الأميركي ضد المقاتلين السنة المتطرفين، كما أن العراقيين الذين لجأوا إلى الأردن وسوريا بدأوا في العودة لأن البلدين بدآ في فرض شروط التأشيرة بالنسبة للعراقيين الذين يرغبون في البقاء· وعلاوة على ذلك، بدأ السنة يفرون أيضا من منازلهم بسبب الاشتباكات بين ''حركات الصحوة''، مجموعات رجال العشائر السنة الذين اتحدوا لمقاتلة ''القاعدة في بلاد الرافدين''· وعن حركة الهجرة والنزوح هذه يقول ''ليث عبد العزيز''، مدير قسم الكوارث في الهلال الأحمر العراقي، والذي كان أحد النازحين أيضا، ''إنها مثل المد والجزر، مرة تزداد، ومرة تتراجع''· مراسلا نيويورك تايمز في بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©