الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش التايلاندي بين صلاحيات الدستور وسلطات العسكر

الجيش التايلاندي بين صلاحيات الدستور وسلطات العسكر
22 سبتمبر 2007 22:06
بعد عام واحد من استيلائهم على السلطة عن طريق انقلاب عسكري أبيض، يبدو أن القادة العسكريين في تايلاند قد شرعوا في تمهيد الطريق لإعادة الحكم المدني مجدداً عن طريق الانتخابات والتمثيل النيابي· وبالفعل فقد تم الإعلان عن موعد الانتخابات المقبلة في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر، بموجب نص دستور جديد تمت إجازته في شهر أغسطس الماضي، بناء على استفتاء شعبي عام أجري حوله· غير أن الترتيبات الخاصة باقتسام السلطة في الميثاق الجديد، مصحوبة بقانون أمني مثير للجدل والخلاف، يشير إلى أن الجنرالات ليسوا على استعداد بعد للعودة إلى ثكناتهم العسكرية، بل على النقيض من ذلك تماماً، يرى المحللون السياسيون والدبلوماسيون الأجانب وناشطو حقوق الإنسان المقيمون في تايلاند، أن قادة الجيش عازمون على عدم ترك مكانهم قريباً من دوائر السلطة، حرصاً على قطع الطريق أمام عودة رئيس الوزراء السابق ''تاكسين شينواترا'' المقيم في لندن حالياً؛ غير أن هذا التكتيك ليس مستبعداً أن ينجم عنه ردات فعل سياسية حادة، خاصة إذا ما تجاوز الجنرالات حدود صلاحياتهم في رسم سيناريوهات فترة مابعد الانتخابات· من جانبهم ينخرط الساسة في استعدادات عودتهم إلى مواقع السلطة واتخاذ القرار، من أجل إعادة سيطرتهم على اقتصاد قومي بدأ يستعيد صحته وعافيته بعد تأثره بسلسلة من السياسات الخاطئة· هذا ومن شأن أية مساع من الجنرالات للتشبث بالسلطة، على غرار إصدارهم لهذا التشريع الأمني، أو أي محاولة منهم لتأجيل الانتخابات، أن تعصف بمصداقية الجيش وبمزاعمه القائلة إنه القوة الوحيدة المستقرة في البلاد، والقادرة على إخراجها من أزمتها السياسية· فمن رأي ''مايكل مونتاسيو'' -الأستاذ المساعد في دراسات جنوب شرقي آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية- إن كل الذي يمكن أن يوصف به أداء المؤسسة العسكرية القيادي في العام الماضي، أنه كان أدنى بكثير عن مستوى إدارة تايلاند· فالمشكلة تكمن في أنه كلما أبدى العسكريون قدراً أكبر من الحماس والعمل، كلما كان أداؤهم أسوأ· بالإضافة إلى هذا، فإن القانون الأمني الجديد المقترح، يخول لقائد عام الجيش سلطة اعتقال كل من يشتبه به، إلى جانب إعطائه سلطة حظر الاجتماعات وتفتيش المنازل الخاصة، وتجميد الأرصدة والأموال· وبموجب القانون نفسه تخضع الأجهزة الحكومية جميعها لسيطرة الجيش في حالات الطوارئ، بينما يمنح المسؤولون الحكوميون حصانة كاملة ضد أي اتهام لانتهاكات حقوق الإنسان خلال فترة الطوارئ هذه· في حقيقة الأمر، فإن الكثير جداً من فقرات القانون الأمني الجديد، لا تختلف كثيراً عن أمر الطوارئ الصادر عن المؤسسة العسكرية الحاكمة في عام ،2005 فالجيش في أمسّ الحاجة إلى القنوات الدستورية والقانونية التي تمكنه من الحفاظ على سيطرته على السلطة في مرحلة ما بعد الانتخابات''، ذلك هو تعليق ''تيتينان بونجوسديراك'' مدير''معهد الأمن والدراسات الدولية'' بجامعة ''شولالونكورن'' في العاصمة بانكوك· هذا ومن بين أهم ما يؤخذ على الدستور التايلاندي الجديد، أنه يسمح للجيش وغيره من المؤسسات الأخرى غير المنتخبة، بفرض رقابتها على سلطات النواب المنتخبين، وذلك عبر تعيين الجيش والمؤسسات الأخرى المذكورة لنصف أعضاء مجلس الشيوخ وغيره من الهيئات التشريعية المستقلة الأخرى· غير أن السياسيين التايلانديين تعهدوا سلفاً بإجراء تعديلات تشريعية على الدستور عقب الانتخابات، كما يسعى قانونيون ومشرعون من حزب ''تاي راك تاي'' إلى نقض الحكم الصادر في مايو الماضي بحل الحزب وحرمان أعضائه من الترشح للمناصب الحكومية القيادية العامة لمدة خمس سنوات كاملة· وفي استجابة منهم لهذه الضغوط والانتقادات، واصل المتشددون العسكريون مؤخراً الدفع بإجازة تشريع خاص بالأمن الداخلي، وصفه منتقدوه بأنه بمثابة طرق جديد على سندان فترة الحرب الباردة، وذلك بإقامة إدارة عسكرية قصد بها التصدي لمخاطر عائمة مبهمة على الأمن الوطني ظاهرياً وفي العلن· أما في جوهرها المخفي، فالمقصود بها جرف كل الضمانات الدستورية التي تكفل الحقوق المدنية لمواطني الجزيرة، ومعها بالطبع الحد من الحريات الديمقراطية التي يتمتعون بها بموجب نصوص الدستور· غير أن السؤال الذي لا بد من إثارته هو، لماذا يرغب قائد عام الجيش في هذه السلطات والصلاحيات أصلاً؟ والإجابة كما يراها ''جون أنجباكورن'' -السناتور السابق ومن أبرز منتقدي التشريع الجديد- هي أن الجنرال الأعلى في الجيش يريد الاحتياط لنفسه بهذه الصلاحيات مسبقاً في مواجهة أي رئيس وزراء لا يرغب فيه الجيش، وبذلك تحافظ المؤسسة العسكرية على سيطرتها على الحياة السياسية في البلاد تحت كل الأحوال والظروف· وفيما يشبه كثيراً أصداء ما شهدته باكستان من قبل، فقد كثر الحديث والتكهنات في تايلاند هذين اليومين حول احتمال عودة الجنرال ''سوندهي بونياراتجلين'' -مدبر الانقلاب العسكري- إلى الحياة السياسية بعد تقاعده من منصبه في الجيش في الثلاثين من شهر سبتمبر الجاري· إلى ذلك قيل إن الساسة عرضوا منحه منصباً أمنياً في وزارة مدنية مستقبلية، أو احتمال ترشحه لمنصب نيابي في البرلمان، اعتماداً على قاعدة شعبية تهيمن عليها المؤسسة العسكرية· وفي هذه الأثناء يتوقع الإعلان قريباً عن اسم المرشح الجديد الذي سيخلف الجنرال ''سوندهي'' في قيادة الجيش· مراسل صحيفة كريستيان ساينس مونيتور ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©