الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خصخصة السياسة الخارجية الأميركية

22 سبتمبر 2007 22:06
''حرب للبيع: رخيصة! لا تخلو من بعض العيوب، إلا أنها ما زالت تتوفر على فرص حقيقية لتحقيق الربح· لمزيد من المعلومات الرجاء الاتصال بـ1600 شارع بنسلفانيا، واشنطن دي· سي· ملاحظة: هناك مكونات إضافية من السياسة الخارجية للولايات المتحدة معروضة للبيع أيضا (على سبيل المثال، لا الحصر: جمع المعلومات الاستخباراتية، وتقديم المساعدات الإنسانية، ومحاربة الإرهاب)''· ربما لم تروا هذا الإعلان على المواقع الخاصة بالإعلانات على شبكة الإنترنت، أو في ملحق الإعلانات في جريدتكم اليومية من قبل· ولكن صدقوني أن هذا الإعلان، أو شيء ما يشبهه إلى حد كبير، موجود ويتم تداوله في بعض الشركات منذ سنوات· فقد رأى الإعلان كل من ''فإيريك برينس''، مدير شركة ''بلاكووتر''، و''جيري هوفمان'' مدير شركة ''آرمر-غروب''، و''هيرب لنيس''، مدير شركة ''داين-كورب''· كما وجد الإعلان طريقه أيضا إلى ''سي· إي· سي· آي·'' و''هاليبورتون'' و''كيلوج براون آند روت''، وغيرها من الشركات التي تجني أرباحا عبر القيام بأشياء كنا نفترض أن حكومة الولايات المتحدة وحدها هي التي تقوم بها مثل، خوض الحروب، وحماية الدبلوماسيين، والتحقيق مع المشتبه في صلتهم بالإرهاب· تلفت عمليةُ إطلاق النار القاتلة الأسبوع الماضي -قتل فيه 11 عراقيا-، والتي تورط فيها موظفون تابعون لشركة ''بلاكووتر''، الانتباه من جديد إلى اعتماد الولايات المتحدة على المتعاقدين من عناصر الأمن الخاصة· ولكن بالرغم من تجدد الجدل، إلا أن معظم وسائل الإعلام تركز خلال تغطيتها على دور هذه العناصر الخاصة، وعلى المواضيع العادية نسبيا كالفراغ القانوني الذي يعمل في ظله المتعاقدون في العراق مثلا؛ أما قصة الخصخصة التامة للحرب وسياسة الولايات المتحدة الخارجية، فلا أحد يأتي على ذكرها· إن ما يحدث في العراق وأفغانستان وكولومبيا والصومال ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية، يتجاوز بكثير مجرد ''إناطة مهام عسكرية وأمنية أساسية بعناصر خاصة''؛ ذلك أن الإدارة الأميركية قامت قبل سنوات ببيع السياسة الخارجية في المزادات بهدوء، ومنحتها للشركة صاحبة أفضل عرض، وربما لن يتسنى لها إعادة شرائها اليوم لأن الأوان قد فان! هل تعتقدون أنني أبالغ؟ حسنا، انظروا إلى ''بلاكووتر''· فعقدها البالغة قيمته 750 مليون دولار مع موظفي وزارة الخارجية في العراق ليس سوى واحد من العقود الحكومية (والأجنبية) المربحة الكثيرة التي فازت بها، ولم يمثل الحادث الأسبوع الماضي سوى انتكاسة صغيرة لها على صعيد العلاقات العامة· وتَعد ''بلاكووتر''، على نحو متزايد، بفعل كل شيء تستطيع حكومة الولايات المتحدة فعله، ولكن بشكل أحسن؛ فهي تملك أكبر منشأة عسكرية خاصة في العالم، تدرب فيها الجيش الأميركي، وغيره من قوات الشرطة والمستشارين· فهي شركة تبدو على نحو متزايد كحكومة مصغرة؛ فهي تتوفر على الأشخاص والبنى التحتية والمعدات· قد تكون ''بلاكووتر'' غير عادية، ولكنها ليست الوحيدة، حيث تتهافت شركات أخرى على سد الفراغ، في وقت تتراجع فيه الحكومة الأميركية في العالم عن مهام الحكم والتدبير· أما بالنسبة للشركات التي تجني الدولارات، فليست ثمة مؤامرة أو ما شابه، فالأمر يتعلق بالسعي إلى الربح فقط، فإذا كان البيت الأبيض يريد بيع بعض السياسة الخارجية، فإن شخصا ما سيشتريها· والحقيقة أن ''برينس'' -العضو السابق في القوات الخاصة الأميركية الذي أسس ''بلاكووتر''- يتحدث بصراحة حول أهداف شركته، إذ يقول: ''إننا نسعى لأن نصبح بالنسبة للجهاز الأمني ما أصبحت عليه شركة ''فيد-إيكس'' بالنسبة لمكتب البريد في الولايات المتحدة''· ولما كانت ''فيد-إيكس'' قد حولت البريد إلى شيء يمكن الاستغناء عنه، ولا يصلح إلا لأتفه أشكال البريد، فهذا يعني أنه ربما يجدر بنا أن نودع جهاز الأمني القومي! كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©