الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علامات مضيئة

علامات مضيئة
23 سبتمبر 2007 22:58
1 ـ أواسط التسعينيات، كنَّا في سهرة في منزل الدكتور محمَّد سليم العوا، في القاهرة، حيث تحلق علماء مصريون، دينيون ومدنيون، وفي مصر يضيق الفاصل بين الديني والمدني، وكانوا أقباطاً ومسلمين، أي مصريين بما فيه الكفاية ليكونوا المفرد في صيغة الجمع أو الجمع في صيغة المفرد·· تحلَّقوا حول الإمام الراحل محمَّد مهدي شمس الدِّين، الذي أحبَّ القاهرة وأحبته، وتشعب الحديث وامتلأت شعابه علماً ومودة، إلى أن نسي الجميع، أو أنَّهم لم يكونوا يتذكرون، لأنهم مصريون، نسوا أنَّ الرجل شيعي وأنَّهم سنّة، وأخذوا يبسطون بين يديه خلافاتهم حول دورهم الأمثل في مواجهة تحدِّيات النظام العالمي الجديد والعدوان الإسرائيلي الدائم، وكان يحسم أمر الخلاف بينهم فيرضوْن برأيه· 2 ـ يذكر الأستاذ محمَّد السَّماك، أنَّه كان في أحد اللقاءات الحوارية في إيطاليا، فبادره شخص بالسلام والسؤال عن الإمام محمَّد مهدي شمس الدين، فتصرف الأستاذ السَّماك بما يفهم هذا الرجل بأنَّه سني والشيخ شمس الدين شيعي تجنباً لما يمكن أن يحمله السؤال من مخبوء، فابتسم الرجل وقال: أعرف ذلك·· ولكني من متابعتي أعرف أنَّك قريب جداً وذو موقع أثير لدى الإمام شمس الدين·· وإلى دهشة الأستاذ السَّماك من هذه المتابعة، اعتبر أنَّ هذا الفهم لموقعه من الإمام وساما له وللإمام· 3 ـ ينقل المقربون من المفتي الراحل الشيخ حسن خالد، أنَّه كان يصرح للخواص من أصدقائه ومعاونيه بأنَّه لا يقضي أمراً من الأمور الحساسة في شأن الوطن والمسلمين في لبنان، من دون مشورة الإمام شمس الدين لأنَّه جربه طويلاً وعرف منه الصدق والنصح، وفي المقابل كان الإمام شمس الدين يؤكد لخواصه حرصه على التعاون مع المفتي وثقته به·· وقصة الصلاة جماعة أثناء الاحتلال الإسرائيلي، في الملعب البلدي، والثوابت اللبنانية العشر، معروفة، ومعروف أنَّها من الإنجازات المشتركة بين المفتي والإمام والراحل الشيخ محمَّد أبو شقرا· 4 ـ في ذكريات الجنوب، أنَّه منذ أوائل الستينيات أو قبلها، كان كبار علماء الشيعة يحرصون على أن لا يغيب رئيس بعثة الأزهر الشريف في لبنان، العالم الشيخ فهيم أبو عبيه، عن مناسبة من مناسباتهم الدينية، حتَّى بلغ بينهم موقع المستشار في أدق الأمور والشؤون الشيعية أو المشتركة، ومنها قضية تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ومشروع المجلس الموحد بين السنَّة والشيعة، الذي تبناه الشيخ فهيم وحمله إلى شيخ الأزهر وعلمائه، لم ينجح المشروع، ولكن الشيخ فهيم كان ناجحاً· 5 ـ الإمام السيِّد عبد الحسين شرف الدين أسس المدرسة الجعفرية في صور لأسباب عدَّة، منها الوقوف في وجه الإرساليات الغربية في المجال التربوي، ولكن الجعفرية، لم تخل طوال عمرها، من عدَّة من الأساتذة المسيحيين، فضلاً عن السنّة، وكان من بينهم أحد آل كنعان، الذي يمت بصلة قرابة قريبة جداً إلى اللواء موسى كنعان أحد قيادات الجيش اللبناني المعروفين، وكان من مميزات موقعه الذي حدَّده له الإمام شرف الدين في الجعفرية، أنَّه كان مكلفاً بالإشراف على صوم طلاب القسم الداخلي، فكان يوقظهم في السحر، ويصوم معهم شهر رمضان، وينظم احتفالات العزاء في عاشوراء ويلقي خطبة يومية مقدمة لخطبة الإمام شرف الدين في مجلس العزاء الحسيني· هذه علامات لبنانية فارقة وغير مفارقة، ومن أراد التفرقة فهو يريد إلغاء هذه العلامات التي ترقى إلى مستوى التكوين في خلق اللبنانيين وخُلقهم، تدخل في تركيب الدم اللبناني وأساس الوعي اللبناني، برغم السجالات الحالية والحروب الذميمة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©