السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التوبة

25 سبتمبر 2007 00:10
بابها مفتوح ليلاً ونهاراً، إلا أن هذا الباب له وقتان يغلق فيهما عند الغرغرة، وهي لحظة خروج الروح، وعند طلوع الشمس من مغربها، وهي علامة من علامات الساعة· والتوبة لها أركان وشروط، وليس لها وقت، ومع هذا وهو حق غائب عن البعض، أتعجب من إنسان، يعطيه الله حقاً باتباعه يدخله جناته ولا يعمل من أجله، هذا الحق هو حق التوبة، والتوبة من الأشياء التي أمرنا الله تبارك وتعالى بها في كتابه ليمحو عنا السيئات، ويدخلنا بها الجنات· وانظروا إلى الرحيم الكريم حينما يخاطبنا في كتابه بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه) (التحريم-8)· لفظ وقصد ونية هكذا هي التوبة، وهذا هو جزاؤها تكفير السيئات، وإدخال الجنات، والدائم في التوبة هو الملازم لها الطهور، فالتوبة مقترنة بالطهور تستوجب حب الله تعالى الدائم لعبده التائب المتطهر أعني الطهارة الحسية الثوب والبدن والطهارة المعنوية القلب والجوارح من دنس الشرك وظلمات الأغيار، يقول الله تبارك وتعالى (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) (البقرة-222)، والتوبة لفظ وقصد ونية، أما اللفظ فقد علمه إياناً الرسول الكريم ''أستغفر الله العظيم''، وهذا القول ثلاث كلمات إلا أنه يتضمن في جوهره ثلاثة إقرارات، أما الإقرار الأول فهو أتوب إليك يارب، وأرجع طمعاً في رحمتك، والإقرار الثاني وأندم على ما مضى وهو شرط للقبول، والإقرار الثالث أعاهدك على ألا أعود إلى المعاصي أبداً، فمن قال استغفر الله العظيم فهو يعني هذه الثلاثة، وهذا عن اللفظ، أما القصد فهو أن يتوجه التائب بقلب خاشع خاضع يقصد وجه الله الكريم طامعاً في مغفرته مشفقاً من عذابه، وأما النية فهي صدق القصد أي أن ينوي توبة صادقة لا عودة بعدها للذنوب والعصيان، وهذه تكون توبة نصوحاً، وهي التي ذكرها الله تبارك وتعالى في كتابه، ومن اقترف إثماً أو أذنب ذنباً ثم تاب وأصلح بعد ذلك كان حقاً على الله عز وجل أن يدخله الجنة دون أن ينقصه شيئاً من جزيل عطائه وكريم فضله (إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً) (مريم-60)· شروط واجبة وقد قال العلماء رحمهم الله: التوبة واجبة من كل ذنب فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تبارك وتعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: الشرط الأول أن يقلع عن المعصية، والثاني أن يندم على فعلها، والثالث ألا يعود إليها أبداً فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته، وإن كانت التوبة تتعلق بآدمي فشروطها أربعة الثلاثة السابقة، والرابع أن يبرأ من حق صاحبها فإن كانت مالاً أو نحو ذلك رده إليه وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحلها منه، ويجب أن يتوب من جميع الذنوب فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب، وبقي عليه الباقي، وواجب علينا أن تكون التوبة ملازمة لنا· يروي الإمام البخاري في صحيحه، وكذلك مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ''والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة''، ومن الذي يفعل ذلك إنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بل الأروع والأجمل في التوبة أن الله يفرح بالعبد التائب، وذلك في الحديث المتفق عليه عن أنس بن مالك خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ''لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله بأرض فلاة''· وفي رواية أخرى لمسلم ''الله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت عنه وعليها طعامه وشرابه فيئس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد يئس من راحلته فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح''· رحيم كريم والله تبارك وتعالى يقبل التوبة من عباده في كل وقت، وليس في وقت محدد أو معين بالليل والنهار، ولنستمع إلى ما يرويه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار حتى تطلع الشمس من مغربها''· وانظروا إلى رحمة الرحمن الرحيم وكرم الكريم حينما يكلم عباده العاصين ويدعوهم ليكونوا من التائبين· يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العظيم (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) (الزمر-53)، ما أعظمك وما أحلمك ياربنا على العاصين، تدعوهم وتهيئ لهم أحوالهم، حتى يكونوا من التائبين ويلحقوا في الجنة بسيد المرسلين· أيا شاباً لـــــــرب العـرش عــــــاص أتدري ما جـــــــزاء ذوي المعـــاصي سعير العصـــــاة لــــــــــــهـا زفيــــــــر وغيـظ يـــــــــــوم يؤخذ بالنواصـــــــي فإن تصبر على النيران فاعصــــه وإلا كـن عـن العصيان قاســـــــــــــــي وفيمـا وقد كسبت من الخـطايا وهــــنـت النــــــــفس في الخـــــــــــلاص اللهم اجعلنا من التائبين واحشرنا في زمرة سيد المرسلين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©