الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجبنة البلدي وجبة شهية تسيل لعاب اليابانيين

الجبنة البلدي وجبة شهية تسيل لعاب اليابانيين
19 ابريل 2009 02:20
تتواصل الأزمنة وتتوالى الأجيال، وتتغير أمور وأحوال كثيرة في اليمن، لكن تظل صناعة الجبنة البلدي في اليمن مستمرة، وتنتشر في أجواء الأسواق الشعبية رائحة الجبنة لتذكر الناس بالزمن الجميل والماضي المملوء بالذكريات والتقاليد الجميلة المتصلة بالصناعات المحلية الشهيرة التي ارتبطت بقدرات الإنسان ومهاراته في الحصول على فرص للعمل وإيجاد فرص أخرى للأجيال المتعاقبة. كان العمل محور انطلاق الإنسان اليمني نحو الاستقرار والرفاه بصرف النظر عن نمط العمل الذي يقوم به من الأشغال البسيطة إلى الأعمال المعقدة، فمن بناء القصور إلى تشييد السدود، وأيضاً الصناعات الغذائية. ومنذ القدم لم يرتهن الإنسان اليمني إلى الكسل أو الاتكال، بل عمل على اختراع أو إيجاد فرص العمل، خصوصاً في مجال الصناعات الغذائية ومن بينها صناعة «الجبنة البلدي» وهي منتج محلي تشتهر المناطق الريفية بصناعتها خاصة في محافظة تعز. يستخرج الجبن من الماعز والدواب ويصنع يدوياً، فيما تتطلب الجبنة البلدي أدوات مخصصة لصناعتها يشير إليها غالب البرحي- خبير صناعة الجبن (سوق تعز الشنيني)، يقول: «تصنع الجبنة البلدي من حليب الماعز أو الابقار المتوفرة غالباً في حظائر المنازل الريفية، حيث يتم غلي الحليب على نار هادئة لفترة طويلة مع خلطه بمادة أساسية تستخرج من صغار الماعز تسمى «اللفح» تحمل مادة أنزيمية تعمل على ترسيب الجبن بينما يبقى الماء وحده، حيث يوضع بداخل قطعة من القماش ويتم ربطه جيداً إلى أن يجف بعد مرور حوالى 24 ساعة، ليتم بعدها استخدام إناء دائري شبيه بملعقة الطبخ يعطي شكل الجبن الدائري مع استخدام النار عبر تعريضه للدخان ليصبح محمراً، وبذا فإن وسائل صناعتها بسيطة وبدائية ويفترض تطويرها». ويلفت البرحي إلى متطلبات صناعة الجبنة البلدي، يقول: «تتطلب صناعة الجبنة صبراً ودقة عالية ونظافة جيدة. وتظل الجبنة طازجة مدة 15 يوماً، فيما تستمر صلاحية الجبنة المالحة نحو شهر». إثر صناعة الجبنة البلدي في المنازل الريفية يتم تسويقها إلى الأسواق الشعبية، حيث يقول يحيى حماده- مسؤول مبيعات: «يتم تسويق الجبنة البلدي إلى الأسواق الشعبية في عدن وتعز والحديدة ومعظم المدن اليمنية الأخرى لتصل قدر الإمكان إلى كافة مناطق اليمن، كما يتم تصديرها إلى خارج اليمن إنما بكميات قليلة. لكن صناعتها وتسويقها يوفران للعاملين في مجالاتها فرص عمل للتسويق والبيع، حيث تعتاش على عائداتها آلاف الأسر اليمنية». فيما يشير فتح أحمد محمد- بائع أجبان، إلى أهم أسواق بيع الجبن بأنواعه، ويقول: «إن صناعة الجبنة ماتزال صامدة أمام ما جلبته العولمة من صناعات حديثة في عالم الأجبان. وتعد أسواق محافظة تعز سوقا مركزيا للأجبان بأنواعها خاصة الجبنة البلدي التي يتم توزيعها إلى بقية أسواق المحافظات اليمنية، إذ يعتبر سوق «الشنيني» في تعز أشهر تلك الأسواق». وعن أهم مناطق صناعة الجبنة البلدي يقول فتح: «تشتهر منطقة «مقبنة» التابعة لمحافظة تعز بصناعة الجبن، خاصة منطقتي «هجدة والبرح» كذلك تشتهر مناطق «مخلاف» و»شرعب» و»الكدحة» بهذه الصناعة، مما يعني أن هناك أسرا كثيرة تعمل وتعيش على عائدات هذه الصناعة المحلية التي لاغنى عنها غذائيا وماديا». تعتبر الجبنة البلدي وجبة مهمة، لذا تسجل حضورا واسعا في اليمن وتزين المائدة اليومية في وجبتي الفطور والعشاء. حيث تخلط الجبنة أحياناً مع الطماطم والبسباس الأخضر والثوم والكزبرة، كما يتم تقديمها مع خبز التنور الفخاري والأسماك المشوية. يقول منيف عبد الله- بائع أجبان في سوق تعز الشهير: «يتوفر من الجبنة البلدي أنواع عديدة، يرجع تنوعها إلى طريقة تحضيرها ونوعية اللبن المستخدم في صناعتها، فأشهر أنواعها من حيث الجودة «العوشقي» الذي ينسب إلى منطقة العوشقي في محافظة تعز. ويتم تصديرها داخل وخارج اليمن، وهي أهم ما يقتنيه السياح من هذا السوق.. فضلاً عن تقديمها -أحياناً- كهدايا بين الناس». ويلفت منيف إلى أن للجبنة في الأسواق الشعبية أمكنة خاصة لبيعها، يقول: «تباع غالباً في سوق السمك. ويتراوح سعرالقرص الواحد منها مابين 5 إلى 20 دولارا، حيث يختلف ثمنها باختلاف نوعها وحجمها وجودة إنجازها». ولأن الجبنة البلدي وجبة محببة لدى السياح ويخلد في ذاكرتهم مذاقها الذي لا ينسى، فقد سعى أحد المستثمرين اليابانيين لتنفيذ مصنع يختص بتصنيع وتعليب الجبنة البلدي، فاتجه إلى أشهر منطقة في إنتاج الجبن يقال عنها «مملكة الجبنة البلدي» واختار أرضا ليقيم المصنع الحلم بالنسبة لأبناء منطقة «هجدة». إلا أن ذلك الحلم لم يكتب له النجاح حيث تعسرت ولادته ليموت في أدراج البيروقراطية الإدارية والتعقيدات! التي جعلت المستثمر الياباني يعود إلى بلده وفي مخيلته مذاق الجبنة البلدية مصحوباً بمذاق الخيبة! اليوم.. يتذكر أهالي المنطقة بحسرة فشل إقامة مصنع الجبنة البلدي، ويلقون باللوم على الجهات الرسمية التي أهملت منحة مقدمة من الحكومة الفرنسية والاتحاد الاوروبي بقيمة 2.5 مليون يورو عام 2005 لتطوير تلك الصناعة في محافظة تعز، فالمنحة اختفت، واختفت معها أحلام الناس في إنعاش صناعة الجبنة البلدي التي ماتزال صامدة ولكن بوسائل تقليدية أكل عليها الدهر عليها وشرب
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©