الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ومازال التاريخ يخفي الكثير

ومازال التاريخ يخفي الكثير
25 سبتمبر 2007 23:09
التاريخ كنز يحمل في داخله أسراراً كثيرة لا يعلمها أحد·· لكنه من آن لآخر يخرج لنا بعضاً منها، نرسمها خيوطاً متشابكة تحمل ملامح حياة أجدادنا، وتنسج خيوط ماض لم نعش فيه، وترسم ملامح مستقبل يعمره أولادنا وأحفادنا· وقد تبين بعد كشف بعض المستوطنات التاريخية أن الحضارة في هذه المنطقة بدأت منذ ما يقرب من 4 آلاف عام، حيث تمثلت في استيطان مجموعة صغيرة من السكان على سواحل الخليج العربي احترفوا خلالها مهنة الصيد· ومن المرجح أن يكون خور دبي قد شكل مأوى لأولئك السكان الذين مارسوا التجارة على الطريق التجاري القديم بين وادي الرافدين ووادي الأندوس· وقد اكتشف العلماء خلال السنوات القليلة الماضية مئات من اللقى الأثرية بما فيها الفخاريات والحفريات والأسلحة والعملات النقدية، وجميعها تشير إلى وجود حضارات يعود تاريخها إلى الألف الثالث قبل الميلاد، ويمكن مشاهدة تلك المجموعات التاريخية في متحف دبي· أما دبي الحديثة فقد بدأ تاريخها من قرية صغيرة عام 1830 ميلادية في رأس الشندغة، وهو عبارة عن امتداد رملي في البحر، عند مدخل خور دبي، حيث استقر فيه فرع من قبيلة بني ياس القادمة من واحة ليوا ''الجواء'' وأقاموا تجمعا سكانيا صغيرا عمل في تجارة اللؤلؤ والغوص مع أنشطة متنوعة بقيادة عائلة آل مكتوم· لذا فإن زيارة متحف دبي وما يمثله من قيمة كبيرة، محطة ضرورية في كل رحلة يقوم بها الزائر إلى المدينة، حيث يقع المتحف في قلعة الفهيدي التي أعيد بناؤها بطريقة جميلة، وهي القلعة التي تم تشييدها في سنة 1799 لحماية المدينة من الغزو، وتوفر المجموعة المتنوعة والمختارة من المقتنيات في المتحف رؤية داخلية مثيرة للتاريخ والإرث الثقافي الغني· وتمثل الحياة التجارية داخل المتحف عبر مجموعة من المعروضات الواقعية الساكنة بحجمها الطبيعي لنمازج صممت خصيصاً تجسد الحياة المعيشية في دبي عبر صور حية تمثل نمط الحياة في هذه المدينة منذ القدم، وتشتمل على مهنة بناء القوارب الصغيرة للغوص بحثاً عن اللؤلؤ والتجارة، حيث كان اللؤلؤ العامل الرئيسي في نهضة دبي وبروزها كمركز تجاري· وكان الخور دائما شريان الحياة لدبي، حيث كان يوفر ملاذا آمنا للسفن التجارية وسفن الصيد، كما هو واقع الحال حتى يومنا هذا· وبوسع زوار المتحف أن يروا صورة رائعة تصف عظمة وصخب الحياة التجارية القديمة بمحاذاة ضفاف هذا المجرى المائي· وكانت الأسواق يشار إليها غالباً بأنها قلب الجزيرة العربية الحقيقي، ولا ينطبق هذا القول بصورة واقعية على أي مدينة أكثر مما ينطبق على دبي· فقد اشتهرت المدينة بأسواقها وشدت إليها التجار ورجال الأعمال منذ القرن التاسع عشر من الهند وإيران والساحل الشرقي لأفريقيا بل ومن أبعد من ذلك· وفي المتحف تستطيع أن تستلهم روح الخمسينات أثناء تجوالك عبر محلات التوابل وورش النجارة وصفوف المحلات المتراصة بما فيها محلات الخياطة والبقالة وتجار الأقمشة وبائعو التمور· وهواة معرفة تفاصيل الحياة المحلية اليومية يمكنهم مشاهدة المنازل التقليدية في دبي والتي تعتبر من بين أجمل النماذج المعمارية في الخليج، حيث شيدت المنازل القديمة من مواد بناء متواضعة وبسيطة من بينها الجريد (العريش) والصخور والطين، ومع انتعاش تجارة اللؤلؤ في النصف الأخير من القرن الماضي حلت محلها منازل مشيدة من الحجارة ومزينة بأبراج هوائية (براجيل) رائعة تمثل أقدم نظام تكييف هوائي في العالم· ولأن الصحراء ملمح أساسي للاستيطان في عموم الجزيرة العربية، فقد كانت الصحراء المأوى التقليدي للناس عبر شبه الجزيرة العربية· فقد كان السكان القدامى من البدو يعيشون في مجتمعات قبلية متماسكة ويجوبون الرمال الممتدة بجمالهم سعياً وراء الطعام والمرعى والتجارة· أما رعاة الماشية والأغنام، فقد كانوا يعيشون على سفوح الجبال والوديان الخصبة· كما اعتمد الناس على زراعة أشجار النخيل حيثما كان هناك أثر للماء· وكان الجمل، سفينة الصحراء، هو وسيلة المواصلات الرئيسية ومصدر اللبن واللحم والصوف الرئيسي للبدوي· أما بخصوص السكن فقد كان هؤلاء الناس الرحل الفخورون بنمط حياتهم ينصبون الخيام المصنوعة أساسا من الصوف وجلود الحيوانات· الثياب كانت بسيطة ومعبرة وتتألف من جلباب طويل وغطاء للرأس للحماية ضد لهيب شمس الصحراء ورمالها التي تلفح الوجوه· المجوهرات كانت تتألف في معظمها من العقود والمصوغات الفضية التي تحبذها المرأة البدوية، بينما كانت ملابس الرجال تستخدم كسلاح ولوازم موضة تقليدية· ويضم متحف دبي قسماً مخصصاً للحياة البدوية· وهذا يوفر للزائر رؤية داخلية ممتعة في عادات وحياة وتقاليد سكان الصحراء· ولأن الحياة في دبي كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالبحر، فقد اضطر الناس تحت شدة بؤس الحياة في الصحراء إلى البحث عن بديل وبالتالي حقق الصيد تطورا سريعا كنشاط اقتصادي هام· وأدى ميلاد صناعة صيد الأسماك إلى تطور بناء المراكب وصنع الشباك والغوص من أجل اللؤلؤ، حيث أبحر رجال المال من دبي عبر المحيطات بحثاً عن أسواق لمنتجاتهم·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©