الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوات الأممية من دارفور... إلى العمق التشادي

القوات الأممية من دارفور... إلى العمق التشادي
25 سبتمبر 2007 23:42
لقد جاءوا من الشرق من دون سابق إنذار، حلوا بالقرى وأطلقوا النار على الأكواخ، ثم نهبوا كل ما وقعت عليه أيديهم· هذه الهجمات والمئات غيرها لم تحدث في ''دارفور''، بل وقعت على الأراضي التشادية المتاخمة للحدود الغربية مع السودان، كما أن الضحايا لم يكونوا هذه المرة من القبائل الأفريقية، بل من نظيرتها العربية التي تقطن المنطقة· في هذا الإطار يوضح ''عسير سلمان''، زعيم إحدى القرى التشادية بأنه رأى حفيده وأحد أقربائه يلقيان حتفهما في هجوم شن خلال شهر نوفمبر الماضي، ويقول ''لقد سمعت العناصر الأفريقية أن إخوانهم في السودان يتعرضون للقتل على يد الجنجويد، لذا انتابهم الغضب فقرروا الهجوم على القبائل العربية''· ويبدو أن العنف الذي استشرى في إقليم ''دارفور'' السوداني انتقل أيضاً إلى العمق التشادي، بل وامتد إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، ولهذا السبب صوت مجلس الأمن الدولي يوم أمس الثلاثاء على قرار يقضي بإرسال قوات أممية وأوروبية مشتركة يصل قوامها إلى أربعة آلاف رجل لحفظ السلام في المناطق المضطربة من تشاد لفترة سنة كاملة· ويتخوف العديد في تشاد من اندلاع القتال مجدداً وتفاقمه بعد توقف موسم الأمطار، وسهولة التنقل عبر الطرق التي أصبحت سالكة· عندما شن عرب تشاد هجمات انتقامية ضد الميلشيات الأفريقية في الخريف الماضي، قُتل الآلاف من الأشخاص حسب مسؤولي الأمم المتحدة، الأمر الذي أدى إلى نزوح 170 ألف تشادي من مناطقهم، ولجوئهم إلى مخيمات في شرق تشاد تعج بأكثر من 300 ألف نازح فروا من مناطقهم المضطربة· ويحذر ''موسوندا شينكيندي''، رئيس البعثة الأممية للاجئين في المناطق التشادية، من أنه ''في حال قرر اللاجئون العودة إلى قراهم ستندلع الصدامات بين الإثنيات المختلفة، وسيسقط المزيد من الضحايا''، مضيفاً أن ''الجميع يعتبر الموسم الجاف مؤشراً على استئناف العنف بسبب سهولة الحركة''· لكن بالرغم من ذلك يؤكد ''موسوندا شينكيندي'' أنه من غير المتوقع عودة اللاجئين التشاديين إلى قراهم قبل استتباب الأمن وزوال الخطر· ومن المرجح أن تُرسل قوات أممية أوروبية بقيادة فرنسية إلى تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى بحلول الشهر المقبل· وكانت فرنسا قد تقدمت بمشروع قانون إلى الأمم المتحدة يقضي بإرسال قوات أممية إلى المناطق المضطربة والعمل إلى جانب القوات التشادية لفرض الأمن والاستقرار· لكن العديد من المراقبين يتساءلون عن مدى قدرة البعثة الأممية -بعددها المحدود من الأفراد- على إخماد العنف وضمان عودة اللاجئين إلى قراهم· ''عبد اللايي أحمداي بخيت''، ممثل القبائل الأفريقية في محافظة دارسيلا الأكثر تضررا من الصدامات الدامية، يقول في هذا السياق: ''إن إرسال أربعة آلاف جندي غير كافٍ لفرض الأمن بسبب الحدود الطويلة التي تجمعنا مع السودان''، ويضيف أن ''الجنجويد يشنون هجماتهم بحوالي ستة آلاف إلى سبعة آلاف فرد مرة واحدة''· يتساءل آخرون عما إذا كان التدخل الأممي من خلال قوات تبعث بها إلى مناطق تشاد الشرقية كافياً لإنهاء العنف وإعادة الأهالي إلى ديارهم؟!· ومن أبرز من يتشكك في جدوى القوات الأممية ''محمد علي''، الأمين العام لمحافظة دارسيلا الذي قال ''إن أي قوة دولية يتعين أن تتوفر لديها القدرة على الحركة، وليس فقط المراقبة كما يحصل الآن في دارفور''، مشيرا إلى قوات الاتحاد الأفريقي في ''دارفور'' التي لا يتجاوز قوامها سبعة آلاف شخص، ويحظر عليها الاشتباك مع الفصائل المتقاتلة· ورغم إقرار الأمم المتحدة في شهر يوليو الماضي إرسال قوة أممية من 26 ألف جندي لحفظ السلام في ''دارفور''، إلا أن انتشارهم الفعلي لن يبدأ إلا في السنة المقبلة· وحسب مشروع القرار الذي تقدمت به فرنسا يحق للقبعات الزرق الأممية في تشاد ''أن تتخذ جميع الإجراءات الضرورية'' لحماية المدنيين واللاجئين وعمال الإغاثة العاملين في المناطق المتضررة· ويؤكد ''محمد علي''، الأمين العام لمحافظة دارسيلا أن الحياة الهادئة التي كانت تنعم بها مدينة ''جوزبيدا'' في شرق تشاد ولت من دون رجعة بسبب توافد أعداد كبيرة من اللاجئين بعد اندلاع المعارك في مناطقهم ليتضاعف عددهم، مع مجيء منظمات الإغاثة الدولية، بأكثر من أربع مرات، حيث تفاقم الضغط على الموارد الشحيحة من ماء وحطب ومراعٍ للحيوانات التي اصطحبها اللاجئون معهم· وتواجه العديد من البلدات وضعاً مشابهاً بعدما ارتفع عدد سكانها مثل ''كيركي'' التي أصبحت معزولة عن المساعدات بسبب فيضانات الأنهار وصعوبة التنقل· وقبل اندلاع الصراع بين القبائل العربية ونظيرتها الأفريقية في شهر نوفمبر الماضي، يشير ''هارون داوود'' -زعيم إحدى القرى- إلى أن الناس في قريته كانوا يأكلوا ثلاث إلى أربع وجبات من الطعام في اليوم، لكنهم اليوم بالكاد يأكلون وجبتين في اليوم، بينما ترعى القبائل العربية حيواناتها في أراضيهم الزراعية؛ ويحكي ''هارون'' كيف أنه اضطر مع آخرين أن ينقلوا جميع سكان القرية إلى مخيمات بعيدة، هرباً من القتل الذي ينتظرهم على يد الميلشيات· وفي هذا السياق يروي ''صالح مطر'' كيف فقد 36 من أهالي قريته عندما هوجمت من قبل عناصر عربية قائلا: ''لا أستطيع وصف مشاعري في هذه اللحظة، ولا أستطيع نسيان مع جرى''· لكن في خضم الاتهامات المتبادلة بين القبائل العربية ونظيرتها الأفريقية، تبقى المشاعر متوترة بين الطرفين في ظل انعدام الثقة واحتمال تجدد المعارك· مراسل كريستيان ساينس مونيتور في تشاد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©