الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العالم يختنق.. والسيارات متهمة بجريمة التغير المناخي

العالم يختنق.. والسيارات متهمة بجريمة التغير المناخي
26 سبتمبر 2007 21:41
يتصاعد الجدل هذه الأيام حول الدور الحقيقي للسيارات في مشكلة التغير المناخي الخطير الذي تشهده الأرض وبالرغم من أن معظم الخبراء أجمعوا على أن ما تطلقه السيارات والعربات الخفيفة التي تجوب العالم من كميات هائلة من غاز ثاني أوكسيد الكربون هي السبب الرئيسي وراء ظاهرة الاحتباس الحراري، إلا أن بعض السياسيين والعلماء الآخرين يرفضون هذا الطرح بدعوى أن مناخ الأرض كثيراً ما كان يشهد تغيرات مشابهة عبر التاريخ الجيولوجي· ومن هؤلاء، عالم المناخ الأميركي جورج تايلور الذي نشر مؤخراً مقالاً حول الموضوع في صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) أصدر من خلاله حكماً ببراءة السيارات تماماً من مأساة التغير المناخي للأرض· وهو لا يرى ما يؤيد الطرح الذي يقول إن النشاطات البشرية يمكن أن تؤثر على الدورة المناخية المعقدة للأرض· وبالرغم من أن تايلور واحد من العلماء الأفذاذ في مجال المناخ، إلا أن علماء آخرين يؤكدون أن السرعة التي تنصهر وفقها الصفائح الجليدية للقطب الشمالي تفوق بكثير تلك التي كانت تحدث في فترة تراجع العصور الجليدية السابقة التي مرت على الأرض من قبل· وتؤكد كافة الدراسات التطبيقية التي أجريت مؤخراً أن ارتفاع معدل ثاني أوكسيد الكربون في جو الأرض هو السبب الرئيسي لمشكلة الاحتباس الحراري· وهناك دليل ملموس آخر على وجود هذه العلاقة وهو التطابق الواضح بين مخطط تزايد نسبة هذا الغاز ومخطط التزايد المتواصل في معدل درجة حرارة جو الأرض· ونظراً للكميات الهائلة من غاز ثاني أوكسيد الكربون التي تقذف بها أكثر من مليار سيارة وعربة تجوب الأرض وتقدر بأكثر من 2 مليون طن يومياً، فلقد أصبح من المنطقي الاعتقاد بأن هذا النشاط البشري أصبح الآن على درجة من الضخامة والقوة الكافيتين لإقناع المتشككين بأثره المدمّر للمناخ· ولا شك أن منظر الكتل الهائلة من الصفائح الجليدية المتداعية التي تعرضها وكالات الأنباء كل يوم، إنما يعود في سببه الرئيسي للسيارات· ويحذّر علماء يتابعون هذه الظاهرة أن أثرها المدمّر الحقيقي لم يظهر بعد، بل إنه سيتجلى على المديين المتوسط والبعيد على شكل ظواهر مناخية جديدة لا عهد للإنسان بها ولا يمكن للبشر وبقية الأحياء تحملها· وفي عام ،2003 أصدر خبيرا المناخ دونكان أوستين وأماندا سوير كتاباً تحت عنوان (تأثير مشكلة التغيرات المناخية على المنافسة وتصميم الطرازات الجديدة في شركات صناعة السيارات) قدّما من خلاله الدلائل القوية على العلاقة المؤكدة القائمة بين انبعاث الغازات من السيارات والعربات ومشكلة التغير المناخي· وجاء في الكتاب أن بعض شركات صناعة السيارات تعتمد في مبيعاتها وأرباحها بدرجة أساسية على سيارات تطلق كميات ضخمة من غاز ثاني أوكسيد الكربون فيما تسعى شركات أخرى إلى تحقيق عوائدها من خلال إنتاج سيارات نظيفة لا تطلق إلا القليل من هذا الغاز· وأدرج المؤلفان في كتابهما مخططاً يبين كمية غاز ثاني أوكسيد الكربون التي تنطلق عن السيارات التي تنتجها كل واحدة من الشركات العالمية الشهيرة في صناعة السيارات· ويمكن لضخامة الأرقام الواردة في هذا المخطط أن تصرع ثوراً· وبعد أن فات الأوان أو كاد، أصبحت دول العالم الكبرى تجد نفسها مجبرة على البحث في هذه المشكلة العويصة· وأصبحت كبريات القاعات وأماكن عقد المنتديات والمؤتمرات السياسة والاقتصادية في العالم بما فيها أروقة الأمم المتحدة، تعجّ بالنشاط هذه الأيام بسبب كثرة المؤتمرات المهتمة بمشكلة التغير المناخي· ولم يعد الشك في تأثير إطلاق المعدلات العالية من غاز ثاني أوكسيد الكربون على المناخ وارداً في هذه اللقاءات، بل أصبحت كافة الأطراف المشاركة فيها تبحث عن الحلول المناسبة لها قبل أن تغرق الأرض· وشهد مقر الأمم المتحدة أمس الأول انعقاد ندوة تهدف لمناقشة مبادرة تهدف إلى زيادة مستوى الصرامة فيما يتعلق بقوانين انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون· ومن المنتظر أن ينظم البيت الأبيض آخر الأسبوع الجاري مؤتمراً حول نفس الموضوع، كما ينتظر تنظيم ملتقى دولي في إندونيسيا لمناقشة القضية· ويقول جيفري بول في تقرير نشرته صحيفة (ذي وول ستريت جورنال) أن من المرجّح أن تتحلّل معظم الدول الصناعية من التعهدات التي سبق لها أن قطعتها بتخفيض معدلات إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو بموجب بروتوكول كيوتو الذي يمثل المعاهدة الوحيدة القائمة الآن فيما يتعلق بظاهرة التغير المناخي· ومما يزيد الطين بلّة أن الولايات المتحدة التي رفضت التوقيع على تلك المعاهدة، والتي كانت ولا تزال تمثل المصدر الأكبر لغاز ثاني أوكسيد الكربون، أصبحت معرضة لخسارة هذا اللقب بعد أن أشرفت الصين على الفوز به· ويقول التقرير إنه حتى لو التزمت الولايات المتحدة بدورها في هذا المجال، فإن ذلك لن يعني بأي حال أن تدهور مناخ الأرض سوف يتوقف أو يتباطأ ما لم تعلن الصين ومعها بقية الدول النامية، عن موقف إيجابي من هذه القضية· ويتركز البحث الآن في مصانع السيارات على السؤال التالي: إلى أي درجة يمكن تخفيض معدل إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون في السيارات؟· وهل تمثل السيارات الكهربائية أو الهجينة حلاً مناسباً لهذه المشكلة؟· ويبدو الجواب عن هذين السؤالين واضحاً كل الوضوح بالنسبة للخبراء· وهم يعتقدون أن هناك حدوداً معينة لا يمكن تجاوزها فيما يتعلق بزياد فعالية حرق الوقود في السيارات الجديدة وبحيث ينخفض معدل إطلاقها لغاز ثاني أوكسيد الكربون إلى ما دون 100 جرام في كل كيلومتر، إلا أن هذا الهدف لو تم تحقيقه على مدى السنوات القليلة المقبلة، لا يعني أن المناخ أصبح بخير· بل إنه يعني أن معدل تزايد الاضرار التي تصيبه قد انخفض قليلاً· وأما فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية أو الهجينة، فلا يبدو أنها ستنتشر بالسرعة الكافية للمساهمة في التخفيف من حدّة هذا التدهور الذي يشهده مناخ الأرض·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©