الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مصادمات وإحراق سيارات وإضراب يعزل تونس عن العالم

مصادمات وإحراق سيارات وإضراب يعزل تونس عن العالم
9 فبراير 2013 14:57
تونس (وكالات) - شهدت العديد من المدن التونسية، أمس، تظاهرات واشتباكات بين المتظاهرين والشرطة التي أطلقت الغاز المسيل للدموع على مندسين قاموا بإحراق عشر سيارات خلال جنازة حاشدة شارك فيها نحو 50 ألف شخص لتشييع المعارض شكري بلعيد الذي اغتيل الأربعاء الماضي، وفجر اغتياله أزمة سياسية عميقة، بينما انعزلت تونس عن العالم الخارجي أمس، بعد أن ألغيت كل الرحلات الجوية من وإلى تونس، وأغلقت البنوك والمصانع وبعض المتاجر أبوابها استجابة لدعوة الإضراب التي أطلقتها الاتحادات العمالية. في أثناء ذلك، أعلن حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية، أمين عام حركة «النهضة» الحاكمة، تمسكه بتشكيل حكومة تكنوقراط، رغم رفض حزبه. ووقعت مواجهات بين قوات الأمن التونسي وعدد من الأشخاص الذين قاموا بتكسير وإحراق السيارات خارج مقبرة «الجلاز» بالعاصمة التونسية. وقامت قوات الأمن بالعمل على تفريق مثيري الشغب بإطلاق الغاز المسيل للدموع. وقال خالد طروش الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية إن «مجموعة من المنحرفين قاموا بالاعتداء على بعض السيارات في محيط مقبرة الجلاز وعناصر الأمن تصدت لهم بالغاز المسيل للدموع». وقال مصدر أمني إن «منحرفين أحرقوا حوالي عشر سيارات في محيط المقبرة وأضرموا النار في عجلات مطاطية». وتصاعدت في محيط المقبرة أعمدة من الدخان الأسود المنبعث من السيارات المحترقة. وقال طروش إنه «تم توقيف 132 من مثيري الشغب». بيد أنه أضاف «لكن عموماً، فإن التظاهرات في البلاد جرت في ظروف جيدة». وأشار مع ذلك إلى مهاجمة مبان عامة ومقار لحزب النهضة في بعض المدن التونسية، منها المهدية وحمام الأنف جنوب العاصمة. وفي شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس، حيث مقر وزارة الداخلية، أطلقت الشرطة قنابل الغاز لتفريق عشرات من المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة. وردد المتظاهرون الذين حملوا أعلام تونس شعارات معادية لراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الذي اتهمته عائلة شكري بلعيد باغتياله، من قبيل «يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح». وتحدى 50 ألف شخص على الأقل الأمطار وبرودة الطقس ليشاركوا في جنازة بلعيد في مسقط رأسه بجبل الجلود في العاصمة، ورددوا هتافات مناوئة لحركة النهضة وللحكومة. واندلعت أعمال العنف بالقرب من المقابر، حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة وأشعلوا النار في سيارات. كما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ضد محتجين بالقرب من وزارة الداخلية، وهي منطقة اشتباكات معتادة في العاصمة التونسية. وردد المشيعون في العاصمة هتافات بأن الشعب يريد ثورة جديدة كما رددوا النشيد الوطني. وأحاطت الحشود بعربة عسكرية مكشوفة تحمل جثمان بلعيد ملفوفاً بعلم تونس من مركز ثقافي في جبل الجلود في طريقها إلى مقبرة الجلاز، فيما حلقت طائرة هليكوبتر تابعة لقوات الأمن فوق المنطقة. وحمل المشيعون صور بلعيد الذي أطلق مسلح الرصاص عليه بينما كان يهم بمغادرة منزله في طريقه إلى العمل يوم الأربعاء قبل أن يلوذ القاتل بالفرار بدراجة نارية مع شريك له. وردد البعض هتافات ضد راشد الغنوشي زعيم حزب حركة النهضة الحاكم ووصفوه بأنه قاتل ومجرم ورددوا «تونس حرة، الإرهاب برة». وقالت فاطمة سعدان الممثلة التونسية المعروفة لرويترز خلال جنازة بلعيد، إن الأمل لا يزال موجوداً في تونس وإنهم سيواصلون كفاحهم ضد التطرف والعنف السياسي. ودعت سعدان إلى الوحدة الوطنية وقالت إنهم يقبلون الإسلاميين لكنهم «لا يقبلونا». واختلطت زغاريد النسوة بالدموع وبصيحات الغضب والشعارات المناهضة للسلطات الحاكمة في تشييع الجنازة التي تحولت إلى تجمع شعبي حاشد ضد الإسلاميين الذين يتولون السلطة. ومنذ الصباح، تدفق آلاف التونسيين على حي جبل الجلود جنوب العاصمة للترحم على روح المعارض وهم يلوحون بصوره تحت زخات مطر متقطعة. ونقل نعش الفقيد وقد لف بالعلم التونسي من قبل أقاربه من منزل والده بجبل الجلود إلى دار الثقافة المجاور، حيث تجمع حشد كبير للترحم عليه. ورسم أحد فناني مجموعة «زواولة» (فقراء) على سور دار الثقافة الأبيض شارباً أسود يرمز إلى شكري بلعيد الذي اشتهر بشاربه الكث، وبتصريحاته المناهضة للإسلاميين التي كانت تضفي حيوية على البرامج التلفزيونية والإذاعية منذ ثورة 2011. وتعالت زغاريد النسوة في الحي لتختلط بشعارات مناهضة لحزب النهضة الحاكم الذي يتهمه أقارب لبلعيد بالمسؤولية عن اغتياله. ورددت الحناجر «الشعب يريد ثورة من جديد» و»غنوشي يا سفاح يا قاتل الأرواح» و»غنوشي احمل كلابك وارحل»، في إشارة إلى رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي. كما ردد المشيعون مراراً النشيد الوطني، إضافة إلى شعار «ديغاج» (اغرب) الذي كان أحد الشعارات المركزية لثورة «الحرية والكرامة» في 2011. وفي قلب الجموع الغاضبة الحزينة، رفعت أرملة بلعيد المحامية والناشطة بسمة الخلفاوي يدها بعلامة النصر، في حين لم تتمالك ابنتهما ذات السنوات الثماني نفسها من شدة التأثر فغابت عن الوعي. ثم تحرك الموكب الجنائزي على مسافة حوالي 3,5 كلم وصولاً إلى مقبرة الزلاج عند المدخل الجنوبي للعاصمة التونسية، حيث ووري جثمان بلعيد الثرى في مربع شهداء تونس بالمقبرة وأمن الموكب عسكريون مزودين بأسلحة آلية حملوها على الكتف في انضباط وحزم. وشارك في موكب تأبين الراحل العديد من الوجوه السياسية، خصوصاً من أحزاب المعارضة، إضافة إلى العديد من النقابيين والحقوقيين. وفي المستوى الرسمي، لم يحضر التشييع إلا رشيد عمار قائد الجيش، وذلك بعد أن رفضت أسرة بلعيد حضور ممثلي الترويكا الحاكمة. وعند مواراة جثمان الفقيد الثرى، ارتفعت الأصوات بالتكبير قبل ترديد النشيد الوطني وتلاوة الفاتحة على روحه. وقال حمه الهمامي زعيم حزب العمال التونسي الذي ألقى كلمة تأبين بلعيد «نم قرير العين شكري، سنواصل على دربك». وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين هاجموا بالحجارة عناصر الأمن ومقر مديرية الأمن في مركز ولاية قفصة. وخلال مهاجمتهم مقر المديرية، ردد الشبان شعار «شادين (متمسكون) شادين، في سراح الموقوفين»، في إشارة إلى مطلب بإطلاق سراح شبان اعتقلوا في وقت سابق خلال أعمال عنف شهدتها المدينة احتجاجاً على اغتيال بلعيد. وتظاهر أكثر من ألف شخص أمس وجابوا الشوارع الرئيسية للمدينة، مرددين شعارات معادية لراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، مثل «لا إله إلا الله والغنوشي عدو الله» و»يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح». كما ردد المتظاهرون «الشوارع والصدام حتى يسقط النظام» و»يا بلعيد ارتاح سنواصل الكفاح». وانتشرت في المدينة تعزيزات كبيرة من قوات الجيش تحسباً من تحول التظاهرة إلى أعمال عنف. ودخل شرطي في غيبوبة ونقل إلى قسم العناية المركزة إثر تعرضه للضرب الشديد الليلة قبل الماضية من قبل متظاهرين في قفصة. وقال مصدر أمني إن مجموعة من الشبان أخرجوا الشرطي وليد المرزوقي من سيارته واعتدوا عليه بعنف، ما أدى إلى دخوله في غيبوبة، فتم نقله إلى قسم العناية المركزة بمستشفى قفصة. وفي سيدي بوزيد البلدة الجنوبية التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية، قال شهود إن نحو 10 آلاف محتج تجمعوا ورددوا هتافات ضد حركة النهضة والحكومة. وألغيت أمس كل الرحلات الجوية من وإلى تونس بسبب الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية). وقال مسؤول بمصلحة الإعلام في مطار «تونس - قرطاج» الدولي لفرانس برس «تم إلغاء كل الرحلات الجوية من وإلى تونس كامل يوم الجمعة». وأضاف المسؤول أن الإلغاء يشمل أيضاً حركة النقل الجوي داخل تونس (بين المطارات التونسية). وأوضح أنه بسبب الإضراب العام لن يكون بالإمكان مساعدة الطائرات على الإقلاع أو الهبوط في المطارات التونسية. وقالت مصادر من مطار القاهرة إن شركة مصر للطيران ألغت رحلاتها لتونس أمس بسبب مشاركة العاملين بالمطار في تونس في إضراب عام. إلى ذلك، أعلن رئيس الحكومة، تمسكه بتشكيل حكومة تكنوقراط، رغم رفض حزبه، وأنه لن يذهب إلى المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) للحصول منه على «تزكية» لهذه الحكومة. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن الجبالي قوله «أنا متمسك بقراري بخصوص تشكيل حكومة تكنوقراط، ولن أذهب إلى التأسيسي لتزكيتها، وتركيبة هذه الحكومة جاهزة تقريباً». ولفت إلى أنه «لم يستشر» عند اتخاذ هذا الموقف «لا أحزاباً حاكمة ولا معارضة، بل ضميري ومسؤوليتي أمام الله والشعب». وقال إن الحكومة ستكون «مصغرة» وستتشكل من «أبرز ما لدينا من كفاءات، وفي كل الوزارات السيادية وغيرها، تعمل على الخروج من هذه الوضعية». ولاحظ أن مهمة الحكومة التي ستكون «محدودة» في الزمن، تتمثل في «تسيير شؤون الدولة والبلاد إلى حين إجراء انتخابات (عامة) سريعة». وتابع أن الحكومة سوف «تلتزم بحيادها عن كل الأحزاب» السياسية وأن «رئيس الحكومة وكتاب الدولة لن يترشحوا إلى الانتخابات». وشدد على ضرورة أن تكون الانتخابات العامة القادمة «سريعة وشفافة ونزيهة بمراقبة دولية كثيفة». ودعا الجبالي رئيس المجلس الوطني مصطفى بن جعفر إلى «أن يحدد لنا تاريخاً واضحاً وجلياً وفي أقرب الآجال للانتخابات».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©