الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهلباوي.. فنان تربى في أحضان الشاذلية

الهلباوي.. فنان تربى في أحضان الشاذلية
28 سبتمبر 2007 00:08
عبر ثلاثة عقود من الزمن طاف الشيخ محمد الهلباوي أرجاء المعمورة مُنشداً ببطانته وفرقته الموسيقية، ويندر أن نجد مركزاً ثقافياً أجنبياً داخل مصر أو خارجها لم يدع الشيخ الهلباوي لإحياء حفلاته، فإقبال الأجانب من غير الناطقين بالعربية على فنون الشيخ لا يقل بحال عن إقبال المصريين والعرب، ناهيك عن مشاركته الدائمة في الحفلات الرسمية لوزارة الثقافة المصرية وفي دار الأوبرا· والشيخ يجمع بين التمكن من فنون الأداء والمقامات الموسيقية وسعة الحفظ لأشعار القوم والأدب الجم· وهذا الشيخ الذي تجاوز الستين والتحق بالإذاعة والتليفزيون مُنشداً للتواشيح ومبتهلاً سنة 1979 بدأ وتربى في أحضان الطريقة الصوفية (الشاذلية) نسبة للعارف بالله ''أبوالحسن الشاذلي'' وهي طريقة تؤمن بوسطية الإسلام وبدور العقل، في كنفها نشأ الشيخ الهلباوي وحفظ أشعارها وأورادها ومنها انطلق· ولد الشيخ محمد الهلباوي بإحدى قرى محافظة القليويبة اللصيقة بالقاهرة في بيت لا ينقطع فيه ذكر الله حيث كانت الأسرة تنتهج نهج (الطريقتين الشاذلية والرفاعية)، فعرف التراث الصوفي وهو دون العاشرة من عمره، وتعمق فى معرفة (الشاذلية) فأدرك أنها تقوم على العمل والعقل وعدم الاتكال على الكرامات· وأنشد التراث الصوفي على السيمفونية رقم 40 لموتزارت، فحقق للشعر الصوفي الدخول فى ركاب العالمية· وبدأ الشيخ يتردد على الأسواق لشراء واقتناء شرائط المشايخ، ثم التحق بالمؤرخ الموسيقي سليمان جميل فتعلم على يديه المقامات الموسيقية فى الفترة من 1969 حتى ،1992 وكان قبل ذلك قد أتقن علوم القراءات بمعهد القراءات فجمع بين قراءة القرآن والغناء الديني الذي أعلاه الإنشاد الصوفي -كما يقول- لأنه أعرق إنشاد وعمره لا يقل بأي حال عن 1200 سنة· وعندما يتكلم الشيخ الهلباوي عن نفسه يقول: ''تعلمت التجديد في سياق الأصول· وقدوتي ومثلي هم الرعيل الأول الذي كان منه كالنائحة الثكلى· ويحضرني هنا سؤال تلميذ الحسن البصري له عن السر وراء البكاء: ما بالنا إذا وعظتنا أبكيتنا؟ فأجاب الحسن البصرى: ''الثكلى غير المستأجرة و''كل يغني على ليلاه''· فالمقامات الموسيقية لها وجدان وأحوال، وقراءة القرآن الكريم لها أحوال وعجائب لا تنقضي، والقارئ الحاذق الماهر الذي لا يخرج على أحكام التلاوة ويطوع المقامات الموسيقية لخدمة النص القرآنى، وهؤلاء قلائل· فهب قارئاً يقرأ آية فى ذكر يوم القيامة مثل: (الحاقة· ما الحاقة) فإذا جعل السامع يطرب منها فقد ذهب بها عن معناها الأصلي وهو التحذير· والرسول هو القائل: ''نزل القرآن بُحزن فاقرأوه وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا''· والهدف هو التأثير في الوجدان· وكل ما صدر من القلب وصل للقلب''· الشباب بخير ويواصل الشيخ الهلباوي كلامه قائلاً: من خلال تدريسي المقامات وتجويد القرآن والإنشاد بمعهد الحفني للدراسات الموسيقية للطلبة وخريجي أكاديمية الفنون وجدت إقبالاً كبيراً من الشباب على الدرس، وبعضهم أخذ على يدي مشاريع بحوث لإعداد الماجستير والدكتوراه· والشيخ الهلباوي كان عازف عود ثم توقف عن العزف وهو جواهري يعطي كل ذي حق حقه، فيقول إن أذان الشيخ علي محمود يضم 50 لحناً وأهم المقامات به الرصد والكرد والحجاز، أما أذان الشيخ محمد رفعت ففيه مقام السيكا والرصد، وصوت الشيخ عبدالعظيم زاهر يهز الوجدان، وآخر عمالقة المبتهلين المصريين الشيخ محمد عمران الذي رحل سنة ·1995 أما علم الإنشاد الديني فهو الشيخ علي محمود وكان يؤلف ألحانه بنفسه وقبله كان يوجد الشيخ أحمد ندا ثم الشيخ محمد عبدالرحيم المسلوب ثم درويش الحريري أستاذ عبدالوهاب وسلامة حجازي وإبراهيم المنيلاوي والشيخ محمد الصفتي وزكريا أحمد وطه الفشني والإسكندراني ونصر الدين طوبار والنقشبندي· فنان شامل ولأن الشيخ الهلباوي أستاذ في فنه فقد استعانوا به في ''الليلة المحمدية'' رقم 10 و12 وشارك في مسرحية ''دماء على أستار الكعبة'' للشاعر فاروق جويدة، بطولة سميحة أيوب ويوسف شعبان، كما شارك في مسرحية ''منمنمات تاريخية'' لسعد الله ونوس، و''حكايات صوفية'' في المهرجان التجريبي الأول للمسرح سنة 1988 مع المخرج عصام السيد، وشارك في فيلم ''كونشيرتو درب سعادة''· ويرى الشيخ الهلباوي أن المنشد عليه أن يتقن كل شيء من حفظ وتجويد القرآن وعلوم القراءات والمقامات الموسيقية والابتهالات ''الصولو'' بدون موسيقى، والتواشيح بالبطانة والموسيقى والأغنية الدينية مثل ''الشوقيات'' لأم كلثوم ومنها ''ولد الهدى فالكائنات ضياء'' وقصيدة ''لبيك لا شريك لك'' غناء محمد فوزي· ويعجب بتجربة (المايسترو عبدالحليم نويرة) مؤسس فرقة الإنشاد الديني في الأوبرا المصرية· ويقول إنه الوحيد الذي أدخل التخت الشرقي بالفرقة ثم ألحقه بفرقة الموسيقى العربية· وأدخل الشيخ الهلباوي في فرقته الدفوف والقانون· وهو ''سميع'' جيد لكل ألوان الموسيقى والغناء الشرقي والغربي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©