الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حقــوق الجـــار

28 سبتمبر 2007 00:13
لقد أوصى الله -تبارك وتعالى- بحقوق الجار وجعله سبباً في اكتمال الإيمان· وقد عدد النبي صلى الله عليه وسلم حقوق الجار في حديث معاذ بن جبل فقال: قلت يا رسول الله ما حق الجار علىَّ؟ قال صلى الله عليه وسلم ''إن مرض عدته، وإن مات شيعته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا افتقر عدت عليه، وإذا أصابه خير هنأته، وإذا أصابته مصيبة عزيته، ولا تستطل عليه بالبنيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقثار ريح قدْرك إلا أن تغرف له منها، وإن اشتريت فاكهة فأهد له فإن لم تفعل فأدخلها سراً، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده''· تقرب إلى الله وأداء تلك الحقوق من أعظم ما يتقرب به العبد الى الله، فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال: ''والله لا يؤمن، والله لا يؤمن''، قيل: من يا رسول الله؟ قال: ''من لا يأمن جاره بوائقه''، أي غوائله وشروره· وفي رواية ''لا يدخل الجنة من لا يؤمن جاره بوائقه''· وسئل رسول الله عن أعظم الذنب عند الله فذكر ثلاث خصال ''أن تجعل لله نداً وهو خلقك، وأن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، وأن تزني بحليلة جارك''· وفي الحديث: ''من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره''· والجيران ثلاثة: جار مسلم قريب له حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة، وجار مسلم له حق الجوار وحق الإسلام، والجار الكافر له حق الجوار· وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- له جار يهودي فكان إذا ذبح الشاة يقول: احملوا إلى جارنا اليهودي منها· وروي أن الجار الفقير يتعلق بالجار الغني يوم القيامة، ويقول: يا رب سل هذا لم منعني معروفه وأغلق عني بابه؟· وينبغي للجار أن يتحمل أذى الجار فهو من جملة الإحسان إليه، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول دلني على عمل إذا قمت به دخلت الجنة· فقال: ''كن محسناً''· فقال: يا رسول الله كيف أعلم أني محسن؟ قال: ''سل جيرانك فإن قالوا إنك محسن فأنت محسن وإن قالوا إنك مسيء فأنت مسيء'' ذكره البيهقي من رواية أبي هريرة· وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ''من أغلق بابه عن جاره مخافة على أهله وماله فليس بمؤمن، وليس بمؤمن من لا يأمن جاره بوائقه''· وقيل: لأن يسرق الرجل من عشرة بيوت أيسر من أن يسرق من بيت جاره· وفي سنن أبي داود من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله يشكو جاره فقال له: ''اذهب فاصبر''، فأتاه مرتين أو ثلاثا، ثم قال: ''اذهب فاطرح متاعك على الطريق''، ففعل، فجعل الناس يمرون به ويسألونه عن حاله فيخبرهم خبره مع جاره فجعلوا يلعنون جاره ويقولون فعل الله به وفعل ويدعون عليه· فجاء إليه جاره وقال: يا أخي ارجع إلى منزلك فإنك لن ترى ما تكره أبدا· تحديد الجار يقول تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً) (النساء: 36)· وفي تحديد الجار وما له من حق على جاره، فإن ابن كثير بعدما تحدث عن الحقوق التي أمر الله بها في هذه الآية، قال عن قوله تعالى: (والجار ذي القربى والجار الجنب) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (والجار ذي القربى) يعني الذي بينك وبينه قرابة، و(الجار الجنب) الذي ليس بينك وبينه قرابة، وقال أبو اسحاق: عن نوف البكالي في (الجار ذي القربى) يعني: الجار المسلم، (والجار الجنب) يعني: اليهودي والنصراني، رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم· وقال جابر الجعفي عن الشعبي، عن علي وابن مسعود: (والجار ذي القربى) يعني المرأة، وقال مجاهد في قوله: (والجار الجنب) يعني: الرفيق في السفر· وكل هذه الأقوال توصي بالجار مع اختلاف المقاصد بالجار والمراد به، وقد وردت أحاديث عديدة تشدّد على الوصاية بالجار، لمكانة هذا الجار وما له من حقوق يجب أن يهتمّ بها، حيث ظنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة ما يوصيه جبريل عليه السلام بالجار، أنه سيورّثه، ويجعله كأنه فرد من أبناء الأسرة· خير الناس وخير الناس خيرهم لجيرانه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ''خير الأصحاب عند الله، خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره'' رواه الترمذي وأحمد· وعن عمر -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''لا يشبع الرجل دون جاره''، وهذان الحديثان يدلان على عظم حق الجار على جاره: بإطعامه مثل ما يطعم، وبكمال الخيرية نحوه· ومن أقبح المعاصي، وأشدّها إثماً، لما في ذلك من إيذاء للجار، وخيانة لحقّ الجوار، لأن الأصل في الجار، أن يكون أميناً على مال جاره، محافظاً على عرضه أن ينتهك، حماية ودفاعاً، لكن عندما يأتي الخلل من الجار نفسه، فإن هذا داء عضال، ومصيبة ما بعدها مصيبة، أذية وخيانة· ولقد علم السلف الصالح مكانة الجار فحافظوا على حقوقه، فقد روى عن مالك بن دينار أنه كان له جار يهودي وقد حول مستحمه إلى جدار البيت الذي فيه مالك، وكان الجدار متهدما فكانت تدخل فيه النجاسة، وكان مالك ينظف البيت في كل يوم ولم يقل شيئاً، وأقام على ذلك مدة وهو صابر، فضاق صدر اليهودي من كثرة صبره على هذه المشقة، فقال له: يا مالك آذيتك وأنت صابر فلم لم تخبرني؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه'' فندم اليهودي وأسلم وحسن إسلامه
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©