مستر ياكازاي

انعدم التواصل بين ''مستر ياكازاكي'' وموظفيه، وهو المدير الجديد عليهم، فارتبكت موازين الانتاج، غير أن ''مستر تانازاكي'' كان شديدا منذ يومه الأول وقام بتوقيع بعض العقوبات الخفيفة، كجزء من الإنذار العام للجميع، بغية دفعهم للالتزام، فلم يعتدل حال الموظفين ولا حال الإنتاج، فاهتدى إلى فكرة وهي وضع صورة له بجانب جهاز التبصيم الذي يستعمله الموظفون للحضور والانصراف، وما كان منهم إلا تفريغ شحناتهم السلبية على الصورة، فمنهم من رمى عليها بواقي طعامه، ومنهم من بصق، ومنه من مزق قطعاً منها، ومنهم من كتب عليها عبارات استهجانية، وقد أدى ذلك إلى حد ما لوجود تعادل نفسي لديهم، وراحت أمور العمل تنتظم، وانتبه ''مستر ياكازاكي'' إلى ذلك، فقام بتعديل سلوكه إلى الأفضل ومنحهم جميعاً هدايا مختلفه تمثلت في خطابات شكر للبعض، وإجازات للبعض، وعلاوات بسيطة للبعض، فأدى ذلك إلى تجاوز أزمته كمدير جديد لهذا القطاع، وسارت الأمور إلى الأفضل· وقد سمي ذلك ب''حالة مستر ياكازاكي''، وقد واجه المدير الجديد في شركة ما ''مستر عبدالرحمن'' مشكلة شبيهة، فذهب إلى ''مستر ياكازاكي'' ليتحرى عن أمر حالته، وكيف عليه أن يتصرف، وبالطبع شرح له العرقلة التي واجهها، ومعها الحل الذي قام به، فما كان من ''مسر عبدالرحمن'' إلا أن قام بتنفيذ الفكرة، ووضع صورة له بالحجم الكبير أيضاً بجانب جهاز تبصيم الحضور والانصراف، ولكنه أزاد كاميرا خفية في المكان، وما هو إلا أسبوع حتى عرف من الذي قام بتفريغ شحناته السلبية والسيئة، حتى في صباح يوم ما وأثناء تبصيم الحضور وجدوا ورقة معلقة بها بعض الأسماء، مذيلة بقرار استغناء الشركة عنهم· المقارنة البسيطة هنا بين النموذجين، تكون مقارنة بين شخص ياباني وآخر عربي، وبالطبع لا تجري هذه الحالة إلى وضع الياباني في خانة الأفضلية على العربي، ولا تجعل من العربي نموذجاً سيئاً بمجمله، إنما تشير إلى كيفيتين في التصرف، بين ثقافتين في الإدارة، حيث إن سمعة الإدارة اليابانية تعلو بلا شك على مثيلتها العربية، وطالما عانينا من نماذج إدارية عربية، أصبحت مشهورة بعدم حسن تصرف المديرون الجدد في التعامل مع موظفيهم، فتقوم مذابح ويتحول الوضع إلى حاله من حالات التوتر الوظيفي والإنساني، ويصبح المدير في مكان سماوي، لا يمكنك التحدث إليه، وإن حدث فأنت في خضم من الألغاز الكلاميه، بحيث تفقد السيطرة على كثير من إنسانيتك ومعها عَرقك، وتخرج أنت ومنديلك مبلولين إلى أجل مسمى تعرف فيه بعدها، هل أنت من المطرودين أن من أهل الحوزة· إن الاتصال والتواصل علم قائم بذاته، الغرض منه جعل الإنتاج قيمة حية بين جميع العاملين بالإدارة، بكل هرميتها، لصالح طبيعة العمل وليس لصالح فكرة خاصة بشخص ما على حساب الآخرين، حيث تكون صناعة الحدث الإنتاجي صناعة إنسانية، وليست صناعة عبودية·