السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تيارات الكويت

12 مارس 2010 21:37
د. شفيق الغبرا أستاذ بجامعة الكويت مرت في الشهر الماضي ذكرى تحرير الكويت بهدوء، إذ غادر البلاد عشرات الآلاف من الناس في حالة تبدو طبيعية تجاه تغير الأجواء، لكن في الوقت نفسه تشير هذه الحالة إلى حاجة الناس للتغيير في ظل قوانين المنع التي تسود البلاد. فبالرغم من تزامن الإجازة مع "هلا فبراير" الخاص بالتسوق والترويح، فإن ذلك لم يغير شيئاً. فحتى الآن لم تتحول البلاد لمركز مالي وتجاري أو سياحي جاذب، إذ لايزال الاهتمام منصباً على طرق السيطرة على المجتمع والشباب من خلال القوانين. لهذا تأتي الاحتفالات بلا احتفال وتتحول البلاد إلى معسكر عمل بالنسبة لأغلبية كبيرة من السكان. أما الذين بقوا في الكويت، فانتشروا بين راحة مطلوبة وبين شارع "الخليج" الذي تم قلبه رأساً على عقب من قبل شباب يبحث عن المعنى. مرت هذه الذكرى والكويت تعيش أزمة صاخبة في يوم، وهادئة في يوم آخر. مواضيع الأزمات كثيرة بعضها ذو قيمة وبعضها خال من أي قيمة. تغادر الناس في الإجازة ثم ستعود لتجد أن شيئاً لم يتغير: نائب يهدد، وآخر يهدأ، وثالث يحاسب ووزير يدافع، ومدير يستقبل. سألتني إحدى الوكالات الصحفية عن الاستجواب الجديد لوزير الإعلام. بدأت ساخرا أو مازحا:"هذه هدية العيد الوطني. يجب أن نضمن طريقة لقراءة الصحف في العيد خاصة للذين غادروا الكويت". وبطبيعة الحال يتحول كل استجواب لكرة ثلج، ثم ما يلبث وأن ينتهي بنفس الغموض الذي بدأ به. لكن السـؤال: ماذا كانت النتيجة؟ وهل أدى هذا إلى تحقيق مطالب البلاد وتصورات التقدم؟ كتب د. محمد رميحي في أحد الأيام في زمن بداياته الفكرية (منذ عقود طوال) كتابا عنوانه: "الخليج ليس نفطا"، وذلك عندما أطلق صرخته بأن الخليج يتكون من مجتمعات وحراك وأفراد وشعوب تبحث عن تنمية. لهذا في ذكرى استقلال الكويت تبقى الأحلام محدودة واستغلال الموارد ضعيفاً، بينما الاعتماد على النفط وصرف أمواله في التوظيف العشوائي هو الأساس. في الكويت عدة قوى لكل منها دور، وهذه القوى إن بقيت في صراع سوف تبقى الكويت في فراغ وجمود وتآكل. القوة الأولى هي التيار الإسلامي بكل تصوراته وتناقضاته في الجانب السني والجانب الشيعي. فهذا التيار يمثل شيئاً أساسياً في الشارع والمجتمع، وهو يحمل هموما وموضوعات تميل للمحافظة في جانب، وتميل في جانب آخر إلى إقصاء الآخرين ورفض التعامل معهم. أما التيار الآخر فهو تيار "الليبراليين"، الذي يمثل إلى حد ما قوى فاعلة في القطاع الخاص والإعلام، وبين الكتاب والمؤلفين والمسرحيين والمفكرين، وفي كافة ثنايا المجتمع ولكنها غير منظمة نسبة للتيار الإسلامي. هذا التيار الليبرالي الوسطي العريض الذي يؤمن بالحريات الاجتماعية والشخصية وبمساواة الناس وحقوق المرأة هو الآخر يمثل رؤية، ولديه تصورات منسجم بعضها مع العولمة والتطورات العالمية في حقوق الإنسان والتنمية. بلا حوار مع هذا التيار، وبلا الاستفادة من قدراته وبلا جلبه إلى طاولة الاتفاق لن يكون هناك استقرار أو تنمية في الكويت. أما التيار الثالث، فهو تيار شعبي وطني يبحث عن المطالب الشعبية على أرضية نقابية ومطلبية، وهو الآخر تيار كبير في الساحة يضم ضمن أجنحته قوى عديدة تتلاقى والتيار الإسلامي في موضوعات شتى. هذا التيار مكون أساسي في الساحة ويجب محاورته. أما التيار الرابع، فيمثل السلطة الرسمية. هذا التيار بكل توجهاته وتناقضاته وامتداداته السياسية، يمثل رمزا أساسياً للبلاد ولجذورها ولدورها. بلا تفاهم حقيقي وصادق مع هذا التيار لن تستقر الكويت. تيارات أربعة أساسية في الكويت، وفي كل تيار تناقضات وتقاطعات واصطفافات، ويجب أن يكون السؤال الأساسي: كيف تتفق هذه التيارات على رؤية للكويت، ولكن كيف يكون محور الرؤية، المواطن والمواطنة بصفته فردا حرا لديه مصالح واحتياجات قبل أن يكون مرتبطا أو متعاطفاً مع هذا التيار أو ذاك؟. ينشر بترتيب مع خدمة «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©