الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالله إبراهيم يرى أن يحل مصطلح «التخيل التاريخي» مكان «الرواية التاريخية»

10 فبراير 2012
بيروت (رويترز)- رأى الباحث الأدبي العراقي عبد الله إبراهيم في كتابة الصادر حديثاً بعنوان “التخيل التاريخي.. السرد والإمبراطورية والتجربة الاستعمارية” ويقع في 325 صفحة كبيرة من القطع الكبير، أن الأوان آن كي يأخذ مصطلح “التخيل التاريخي” مكان المصطح الآخر المعروف بتعبير “الرواية التاريخية”. وقال الدكتور إبراهيم في كتابه الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان ويقع في ثمانية فصول “آن الأوان لكي يحل مصطلح” التخيل التاريخي” محل مصطلح “الرواية التاريخية”، فهذا الإحلال سوف يدفع بالكتابة السردية الى تخطي مشكلة الأنواع الأدبية وحدودها ووظائفها، ثم يفكك ثنائية الرواية والتاريخ، ويعيد دمجهما في هوية سردية جديدة، فلا يرهن نفسه لأي منهما، كما أنه سوف يحيد أمر البحث في مقدار خضوع التخيلات السردية لمبدأ مطابقة المرجعيات التاريخية فينفتح على كتابة لا تحمل وقائع التاريخ ولا تعرّفها، إنما تبحث في طياتها عن العبر المتناظرة بين الماضي والحاضر وعن التماثلات الرمزية فيما بينهما، فضلا عن استيحاء التأملات والمصائر والتوترات والانهيارات القيمية والتطلعات الكبرى، فتجعل منها أطراً ناظمة لأحداثها ودلالاتها. فكل تلك المسارات الكبرى التي يقترحها “التخيل التاريخي” تنقل الكتابة السردية من موقع جرى تقييد حدوده النوعية إلى تخوم رحبة للكتابة المفتوحة على الماضي والحاضر”. ويضيف إبراهيم أن فعل الحبك يتأدى عنه ما اصطلح “بول ريكور” على إعطائه اسم “الهوية السردية”، وهي “البؤرة التي يقع فيها التبادل والتمازج والتقاطع والتشابك بين التاريخ والخيال بوساطة السرد، فينتج عن ذلك تشكيل جديد يكون قادراً على التعبير عن حياة الإنسان بأفضل مما يعبر عنه التاريخ وحده أو السرد الأدبي بذاته”. ويمضي ناقلاً عن ريكور قوله “فحياة البشر تدرك على نحو أسهل وأمتع حين يجري تمثيلها بالتخيلات التاريخية لأن فهم الذات هو عملية تأويل وتأويل الذات بدوره يجد في السرد واسطة بامتياز، مفضلاً إياها على بقية الإشارات والعلامات والرموز. والسرد يقتبس من التاريخ بقدر ما يقتبس من القصص الخيالية، جاعلا من تاريخ الحياة قصة خيالية أو قصة تاريخية، شابكاً أسلوب العمل التاريخي الحقيقي بالأسلوب الروائي للسير الذاتية الخيالية”. وقال إنه “كلما جرى الحديث عن “الرواية التاريخية” وقع التفريق بين التاريخ الذي هو خطاب نفعي يسعى الى الكشف عن القوانين المتحكمة في تتابع الوقائع والرواية التي هي خطاب جمالي تقدم فيه الوظيفة الانشائية على الوظيفة المرجعية”. وفي مجال الحديث عن التاريخ رأى أنه “لا تفترض الكتابة عن التاريخ تمجيد الماضي ووضعه في علبة المقدس ولكن العمل عليه من أجل فهم المفاصل التاريخية المهمة التي يمكن للرواية الاستناد اليها، فالتمحيص لمعرفة النواة الحاسمة في كل التغييرات اللاحقة ليس بالضرورة عملا مغرضا او معاديا للخطابات المتسيدة”. وعن مسارات الرواية الحيوية قال إنه عندما تتم السيطرة على “كل الخيوط المتشابكة تصنع الرواية مساراتها الحيوية فهي تدرج الوقائع التاريخية ضمن متخيل يعطي الايهام بالحقيقية الموضوعية التي ليست مهمة إلا من حيث هي تعبير عميق عن لحظة متحركة في التاريخ تستطيع الرواية إلقاء القبض عليها في كامل توهجها”. وفي مجال الحديث عن “التخيل السردي والتمثيل الاستعماري للعالم” قال إبراهيم “أفضت التجربة الاستعمارية الحديثة التي بدأت في مطلع القرن السادس عشر، وشملت معظم أرجاء العالم، الى تدمير كثير من المأثورات الثقافية الأصلية، وتخريب الذاكرة التاريخية للشعوب المستعمرة، واستبعاد ما لا يمتثل لرؤية المستعمر”. وقال إنها وصمت “بالبدائية كل ممارسة اجتماعية او ثقافية او دينية مهما كانت وظيفتها، فلم ينظر اليها بعين التقدير، إنما بالغرابة، اذ تتعالى منه رائحة الاسطورة ومجافاة الواقع والعجز عن تفسيره، وأصبح امر كبحها مشروعا، فلا سيادة إلا لفعل المستعمر القائم على نفعية مخطط لها، حيث تجرد ممارسات الشعوب المستعمرة من شرعيتها التاريخية، فتوصف بأنها طقوس بدائية”. وفي باب “التجربة الاستعمارية والهوية المرتبكة”، وتحت عنوان فرعي هو “الوشم الاستعماري وسياسات المحو”، قال إبراهيم “استعادت الرواية العربية جانباً من التجربة الاستعمارية، وأجرت عليها تحويراً يوافق حاجات الخطاب السردي، فلم توثق للأحداث التاريخية كما وقعت إنما جعلت منها خلفية مانحة للمعاني العامة واطاراً تفسيرياً لأفعال الشخصيات.. “وفي الاجمال فقد مر العالم العربي بمعظمه في هذه التجربة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، وراح يستعيد زمام الأمر شكلياً بعد عقود طويلة من السيطرة عليه”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©