الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجلس الأمن الدولي··· والتغير المناخي

مجلس الأمن الدولي··· والتغير المناخي
27 مارس 2008 02:34
انكبت منظمة الأمم المتحدة على مهمة تباحث مشكلة تغير المناخ الشهر الماضي، فبين عقد اجتماعات خاصة للجمعية العامة بمقر المنظمة في نيويورك، واستدعاء 100 وزير بيئة إلى ''موناكو'' ضمن أكبر اجتماع للوزراء منذ مؤتمر ''بالي'' في إندونيسيا، وإطلاق ''شبكة المناخ المحايد'' لتسليط الضوء على السبل الكفيلة بمعالجة مشكلة ارتفاع حرارة الأرض، تقوم منظمة الأمم المتحدة -على ما يبدو- بكل ما في وسعها حتى لا يختفي المناخ عن شاشة الرادار السياسي، ومع ذلك، فإن هذه الجهود تظل غير كافية، فما نحتاجه لمواجهة هذه الأزمة المناخية هو استراتيجية دولية ترقى لمستوى جدية وأهمية قرارات مجلس الأمن الدولي· لقد كان أمين عام منظمة الأمم المتحدة ''بان كي مون'' محقا حين شبَّه تأثيرات تغير المناخ بتأثيرات الحرب، وذلك بالنظر إلى مستوى التدمير الإنساني والبيئي الذي يمكن أن يؤدي إليه ارتفاعُ مستويات البحار، والظروف المناخية الكارثية الآخذة في التفاقم على نحو متزايد، وكان الناشط الإنساني السير ''ريتشارد برانسون'' -الذي ألقى الخطاب الافتتاحي في مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة حول تغير المناخ- محقا أيضا حين دعا إلى إنشاء ''غرفة حرب'' من أجل التصدي لمشكلة ارتفاع حرارة الكوكب بشكل مناسب· فكلا الزعيمين شددا على ضرورة وضع استراتيجية جادة، والتشبيه بالحرب لم يكن اعتباطيا على اعتبار أن التهديد بالنسبة للسلام والأمن الدوليين لا يتطلب أقل من تدخل مجلس الأمن الدولي، فحسب الفصل التاسع والثلاثين من ميثاق منظمة الأمم المتحدة، لمجلس الأمن الدولي الحق في تحديد تهديدات السلام والأمن الدوليين، وتحديد وسائل الرد على هذه التهديدات، والواقع أن التأثير الممكن لذلك على تغير المناخ حقيقي ومهم، ذلك أن من بين الأدوات التي بحوزة مجلس الأمن الدولي، قدرتُه على تحديد سقف للانبعاثات الغازية المتسببة في الاحتباس الحراري بالنسبة لكل بلد ومعاقبة البلدان التي لا تلتزم بذلك، بل ويمكن لـ''ضريبة كربون'' و''مخطط لتبادل حصص الكربون'' أن تحفزا البلدان على تقليل الانبعاثات إلى ما دون السقف الذي لا ينبغي تجاوزه· إنه واجب أخلاقي يقع على كاهل مجلس الأمن الدولي الذي ينبغي أن يتحرك بسرعة، فإذا كانت جزر مثل ''بالو'' و''المالديف'' مرشحة لمواجهة سيناريوهات شبيهة بالحرب، فإن الأعضاء الخمسة الدائمين فـــي مجلــــس الأمــــن الدولــــي -الصين وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا- ليسوا في مأمن أيضا، وعلاوة على ذلك، فلا بد من الإقرار بمسؤولية شعوب البلدان دائمة العضوية الخمسة أيضا في المساهمة في تغير المناخ، حيث تحتل الصين والولايات المتحدة مرتبـــة الصدارة من بين بلدان العالم كــأول مَصدرين للغازات المتسببة في الاحتباس الحراري· مما لا شك فيه أن هذا هو ما يفسر تردد مجلس الأمن الدولي في مواجهة معضلة تغير المناخ، عبر تحديد سقف لكميات غاز الكربون وإشفاعه بعقوبات، إذ يجد الأعضاء الخمسة دائمو العضوية صعوبة كبيرة في سن قرار يضع سقفا لقدراتهم السياسية، وقد يكون توقع إصدارهم لقرار يقيد حقهم في التلويث أمرا غير واقعي، غير أن بدائل عدم التحرك بخصوص هذا الموضوع وخيمة· ذلك أنه من المتوقع أن تختفي جزر بكاملها في المحيط الهادي خلال زمننا نتيجة لارتفاع مستوى البحار، كما أن الظروف المناخية الكارثية في المناطق الساحلية للصين والولايات المتحدة وبريطانيا، والتي كانت مجرد توقعات في وقت من الأوقات، بدأت في الظهور منذ بعض الوقت، وكذلك النزاعات التي تندلع حول نفاد الموارد الطبيعية بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتقلبها· بيد أن الكوكب لا يمكن أن ينتظر إلى أن يتغلب مجلس الأمن الدولي على ميله إلى الإرضاء السياسي· وتأسيسا على ما سلف، فإذا لم نتحرك اليوم، وبقوة استباقية كبيرة، فعلى المجتمع الدولي أن يتوقع مزيدا من هذه الأشياء في الواقع، والحقيقة أن النزاع المرتبــط بتغير المناخ، والذي يتجاوز النطاق المألوف لعمل مجلس الأمن الدولي -النزاعات الدولية- سيؤثر علينا جميعا، وبخاصة البلدان النامية التي لا تمثلها البلدانُ الخمسة دائمة العضوية، وبالتالي، فمن واجب مجلس الأمن الدولي، الذي تقع على عاتقه مسؤولية حماية البلدان الأعضاء الأضعف، التدخل وإنقاذ العالم· إن تهديدا عالميا يتطلب التزاما عالميا، ولعل أفضل مكـــــان للتنسيــــــق بشـــــأن هـــذا الالتزام هو مجلـــس الأمـــن الدولي· جريجوري ميكس نائب رئيس لجنة آسيا والمحيط الهادي والبيئة العالمية التابعة لمجلس النواب الأميركي مايكل شانك مستشار في علاقات الحكومة بـ معهد تحليل وتسوية النزاعات التابع لجامعة جورج ميسون ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©