الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العالم التاجر أصبح الشيخ الرابع والأربعين للأزهر

العالم التاجر أصبح الشيخ الرابع والأربعين للأزهر
28 سبتمبر 2007 23:08
الإمام الأكبر الدكتور محمد الفحام هو الشيخ الرابع والأربعون للأزهر الشريف، وكان من أكثر شيوخه تسامحاً واستنارة، وهو آخر شيخ قدم استقالته وأصرّ عليها حتى قبلها الرئيس المصري الراحل السادات سنة ،1973 وهي الاستقالة التي أثارت ومازلت تثير جدلاً صاخباً، واستغلها أعداء الاسلام في ترويج الأكاذيب عن ارتداده عن الاسلام واعتناقه المسيحية، كما أن الشيخ الفحام هو الوحيد الذي تولى مشيخة الأزهر من الأقاليم، طبعاً معظم شيوخ الأزهر لهم أصول في أقاليم مصر المختلفة، وبعضهم لقبوا بأسماء قراهم ومدنهم كالمراغي والقليني والدمنهوري والفيومي، ولكنهم عينوا في المشيخة بعدما انتقلوا للقاهرة وصاروا من أهلها، بينما الدكتور الفحام تلقى خطاب تعيينه في المشيخة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وهو منكب على التدريس في معاهد وجامعة الاسكندرية مسقط رأسه، وتولى المشيخة في ظروف صعبة، وظل يعمل على تطوير الازهر وترسيخ مكانته ودوره حتى قدم استقالته نظراً لكبر السن والمرض عام ·1973 ولم يعمل الفحام بالشهادة كأقرانه، وفضل السير في طريق التجارة الذي حددته أسرته، وحقق نجاحاً، ورأت فيه اسواق الاسكندرية تاجرا شابا مخلصا وأمينا وفي منتهى النشاط، غير أن حبه للعلم والدراسة لم يفارقه، وبينما كان يمارس انشطته التجارية بالأسكندرية قرأ بالصدفة إعلاناً عن مسابقة يجريها الازهر الشريف لاختيار مدرسين للرياضيات، وفكر برهة ثم سرعان ما اتخذ قراره، وخلع عباءة التاجر ولبس عمامة الطالب وتقدم للامتحان وفاز وعين مدرساً بالمعهد الديني بالاسكندرية عام ·1926 في عام 1936 اختاره شيخ الأزهر لبعثة دراسية في فرنسا، وفي ذلك الوقت كان قد تزوج وأنجب، وسافر مع أسرته، وطالت إقامته بسبب الحرب العالمية الثانية، ولكنه استغل الوقت في توطيد علاقته مع مدرسيه وزملائه وإطلاعهم على جوهر الاسلام بطريقة بسيطة مقنعة، وبعدما وضعت الحرب أوزارها حصل الفحام على درجة الدكتوراه في جامعة السوربون· المشيخة والفتنة وعاد الفحام الى مصر، وعمل فترة مدرساً بكلية الشريعة، ثم نقل الى كلية اللغة العربية لتدريس الأدب المقارن والنحو، وانتدب للتدريس بكلية الآداب جامعة الاسكندرية، ثم عين عميداً لكلية اللغة العربية التي ظل بها حتى أحيل الى التقاعد· وقد مكنه تقاعده ويسره المادي من هوايته التي قمعها طويلا وما تحمس للعمل بالتجارة إلا من أجل تحقيقها، وهي السفر والترحال، وسافر الى العديد من الدول العربية والأجنبية ممثلا للأزهر الشريف· وأثناء تجواله في بلاد العالم داعيا للإسلام فوجئ بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر يصدر قرارا جمهورياً بتعيينه شيخاً للأزهر خلفاً للشيخ حسن مأمون عام ،1969 ورغم كبر سنه قام بالمهمة على خير وجه، وبينما هو يركز جهوده على تطوير الأزهر ومد دوره الى أقصى بقاع الارض اندلعت فتنة طائفية كبيرة رجت المجتمع المصري برمته، واشتعلت المظاهرات ووقعت صدامات بين المسيحيين والمسلمين في حي ''الخانكة''، وتدخل الرئيس الراحل أنور السادات لرأب الصدع والقضاء على الفتنة، وشكلت لجنة من البرلمان لتقصي اسباب الفتنة والقضاء عليها، وكان الشيخ الفحام نعم العون لهذه اللجنة وجنّد لها كل إمكانيات الازهر حتى نجح في القضاء على الفتنة في مهدها· وبعد حوالي عام أو أكثر قليلا، اشتد المرض على الدكتور الفحام فطلب من الرئيس السادات إعفاءه من المنصب الجليل لرغبته الملحة في الراحة وعدم استطاعته القيام بأعباء مشيخة الأزهر على الوجه الذي يرضيه بعد أن اشتد عليه المرض وبلغ من العمر أرذله، ووافق الرئيس السادات وأصدر قرارا جمهوريا بتعيين الدكتور عبد الحليم محمود شيخاً للأزهر سنة ،1973 وتفرغ الدكتور الفحام للقراءة وكتابة البحوث حتى رحل في شهر اغسطس عام ·1980 أباطيل استقالة الدكتور الفحام وإيثاره الاعتزال حتى وفاته أثارت لغطا كبيرا، ليس أيامها، ولكن هذه الايام، فقد استغلها بعض المتعصبين لترويج الشائعات حول الشيخ الفحام وإسلامه، وبلغ بهم الأمر درجة انتاج فيلم بثته وسائل الاعلام يتهم الدكتور محمد الفحام، شيخ الأزهر الأسبق بالردة عن الدين الاسلامي· طبعا القصة بالغة الكوميدية والعبث ولا تستأهل حتى الرد عليها، كما أن شيخا وإماما في مقام الفحام لا يحتاج الى أي دفاع، غير أن تلاميذه وأولاده وأحفاده هبوا للدفاع عنه وإثبات انه عاش ودفن في الاسكندرية وان الغرض الاساسي من تلفيق القصة المضحكة إثارة الغبار حول واحد من أهم الشخصيات التي لم تتوقف عن خدمة الاسلام في حلها وترحالها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©