الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القناعة

القناعة
28 سبتمبر 2007 23:10
جاء في تفسير قوله تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) أن المراد بها القناعة· وقال صلى الله عليه وسلم: ''القناعة مال لا ينفد''· وقيل: يا رسول الله، ما القناعة؟ قال: ''الإياس مما في أيدي الناس''، ''وإياكم والطمع فإنه الفقر الحاضر''· قال الكندي: العبد حر ما قنع والحر عبد ما طمع· وقال بشر بن الحارث: خرج فتى في طلب الرزق فبينما هو يمشي فأعيا، فأوى إلى خراب يستريح فيه، فبينما هو يدير بصره إذ وقعت عيناه على أسطر مكتوبة على حائط فتأملها فإذا هي: إني رأيتك قاعداً مستقبلــــي فعلمت أنك للهمـــــوم قـــــرين هون عليك وكن بربك واثقاً فأخو التوكل شأنه التهويـــــن طــــــرح الأذى عن نفسـه في رزقه لمـــــا تيقــــن أنه مضمــون قال: فرجع الفتى إلى بيته ولزم التوكل· وقال: اللهم أدبنا أنت· قال الجاحظ: إنما خالف الله تعالى بين طبائع الناس ليوفق بينهم في مصالحه، ولولا ذلك لاختاروا كلهم الملك، والسياسة، والتجارة، والفلاحة، وفي ذلك بطلان المصالح، وذهاب المعايش· فكل صنف من الناس مزين لهم ما هم فيه، فالحائك إذا رأى من صاحبه تقصيراً أو خلفاً، قال: ويلك يا حجام، والحجام إذا رأى مثل ذلك من صاحبه قال: ويلك يا حائك، فجعل الله تعالى الاختلاف سبيلاً للائتلاف، فسبحانه من مدبر قادر حكيم· ألا ترى إلى البدوي في بيت من قطعة خيش معمد بعظام الجيف، كلبه معه في بيته، لباسه شملة من وبر أو شعر، ودواؤه بعر الإبل، وطيبه القطران وبعر الظباء، وحلي زوجته الودع، وثماره المقل، وصيده اليربوع، وهو في مفازة لا يسمع فيها إلا صوت بومة وعواء ذئب، وهو قانع بذلك، مفتخر به· وقال سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه: يا بني إذا طلبت الغنى فاطلبه في القناعة فإنها مال لا ينفد، وإياك والطمع فإنه فقر حاضر، وعليك باليأس، فإنك لم تيأس من شيء إلا أغناك الله عنه· وأصاب داود الطائي فاقة كبيرة، فجاءه حماد بن أبي حنيفة -رضي الله عنه- بأربعمائة درهم من تركة أبيه، وقال: هي من مال رجل ما أقدم عليه أحداً في زهده وورعه وطيب كسبه· فقال: لو كنت أقبل من أحد شيئاً لقبلتها تعظيماً للميت، وإكراماً للحي، ولكني أحب أن أعيش في عز القناعة· وقال عيسى -عليه الصلاة والسلام: اتخذوا البيوت منازل، والمساجد مساكن، وكلوا من بقل البرية، واشربوا من الماء القراح، واخرجوا من الدنيا بسلام· وأنشد المبرد: إن ضن زيد ما في بطن راحته فالأرض واسعة والـــرزق مبسوط إن الذي قدر الأشياء بحكمته لم ينسني قاعداً والرحل محطوط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©