الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوقف رصيد استراتيجي للأجيال

الوقف رصيد استراتيجي للأجيال
28 سبتمبر 2007 23:11
ينظر للوقف - باعتباره أحد أوجه الخير المبذول من المحسن لوجه الله تعالى- من زاويتين: زاوية دنيوية، وأخرى دينية· أما الدينية فهي استجابة المؤمن لأمر الله سبحانه الذي حثه على الإنفاق، كقوله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وكقوله صلى الله عليه وسلم: ''إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له''· وأغلب الواقفين لعقارات أو عمارات أو مزارع أو أي أعيان ثابتة أو منقولة إنما وقفوا ذلك واقتطعوه من أموالهم، رجاء أن يستمر الأجر والثواب في نمو مستمر لرصيدهم الخيري عند ربهم سبحانه إلى يوم القيامة، وهذا الإنفاق الوقفي يكون عادة من مؤمنين بلغوا درجة عالية من اليقين بما أعده الله سبحانه وتعالى لهم، فهم يعلمون أن عناءهم في الحياة الدنيا إلى اندثار لا محالة، فليكن جزء من هذا العناء مدخراً لهم عند الذي لا تضيع ودائعه، ولذلك كانت ثقتهم بما عند الله أقوى مما عند سواه من الوارثين، وهذا ما يفسر لنا ازدهار المؤسسات الوقفية، في زمن ما وفي بلد ما، أو ذبول هذه المؤسسات، بحسب مستوى الإيمان الذي يصل إليه الأفراد· وليس من شك في أن الخيرية كانت مركزة في القرون الثلاثة الأولى، بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم: ''خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم''· إن الوقف يقوم بدور اجتماعي وثقافي وحضاري لمصلحة المجتمع أفرادا ومؤسسات لما فيه من تنمية مستدامة، تمد الأنشطة الخيرية من معاهد ومستشفيات ومكتبات وسواها بميزانيات مضمونة ثابتة وقابلة للنمو والاستمرار· وهذا دخل اقتصادي رائد، قدمه الإسلام للمجتمعات ومؤسساتهم الثقافية والصحية والخدمية الأخرى، بل إن ريع الوقف لم يقتصر توزيعه على بني الإنسان، وإنما كان من مخصصاته ما ينفق على أبواب الرفق بالحيوان كالبهائم الضالة والحيوانات الهرمة أو المريضة والخيول التي تقاعدت عن العمل، فأنشأ لها الوقف حقولاً تموج بالخضرة لترعى فيها· وبمعنى أشمل فإن مؤسسة الأوقاف -تاريخياً- كانت تعبر عن الوجه المشرق للحضارة الإسلامية، ومن أجل ذلك تحرص حكومتنا الرشيدة على إحياء سنة الوقف، وربطها بالقيم الإنسانية الثابتة، لتكون إحدى مفردات الرصيد الاستراتيجي للأجيال، من حيث بناء المساجد وإعانة طلاب العلم، والمعاهد والمستشفيات والمكتبات، والبحوث والدراسات، فضلا عن الإغاثات السريعة لأبناء المجتمع في الأزمات، وللفئات المحتاجة يوميا أو شهريا أو سنوياً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©