الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

فنان لبناني يبني لنفسه متحفاً في قانا

29 سبتمبر 2007 00:17
بين بيوت قانا الجريحة في قلب الجنوب اللبناني وعبر طريق ضيقة تكاد لا تلحظ، ينتصب منزل تزين جدرانه تشكيلات ابتدعتها ريشة رسام اراد استباق الوقت قبل ان يدهمه فأقام لاعماله متحفاً في منزل عائلته الكبير· موسى طيبا ابن القرية الجنوبية التي ردد العالم صدى اسمها بعد مجزرتين دمويتين مرتكبهما واحد بفارق عشر سنوات (1996 و2006)، عاد الى بيت أبويه متأبطا لوحات شكلها على مدى نصف قرن تقريبا، وتنقلت بين القرية والمدينة بيروت والمهجر الفرنسي، وفي القرية التي تبعد نحو 95 كيلومترا من بيروت، يقول موسى طيبا ''اريد ان اعيش حياتي قبل ان انتهي''، وهو يروي كيف نشأ المتحف عام 2002 حتى بات اليوم يضم نحو 250 عملا· ويقول ''كان بيتي متوفرا فجمعت فيه لوحاتي او ما تبقى منها، كنت ادعو اصدقائي لرؤيتها ثم كبر الحلم وكبرت الفكرة، وتحقق المتحف'' في المنزل الريفي الذي تنتصب بجواره شجرة سرو تفوقه عمرا في حديقة صغيرة تزينها شجرة ليمون والحبق، ويضم المتحف اعمال الفنان على مدى خمسين عاما وبينها مجموعة من أعمال أصدقائه اللبنانيين والعالميين ومنها ثلاث لوحات أصلية لسلفادور دالي من ضمن مجموعة ''الكوميديا الألهية'' ولوحة غرافيك ''مصارع الثيران'' (ميتادور) لبيكاسو تحمل آثار لهيب حريق اجتاح منزله عام 1976 على خط التماس الفاصل بين شرق وغرب بيروت· ''هذه اللوحة عاشت الحرب الأهلية، وصمدت''، يقول عنها طيبا· ومن الطابق الاول الى الثالث تتدرج اعمال الاكواريل والغرافيك والنحت مع بعض الأعمال الزيتية منذ البدايات عام 1957 وصولا الى التجريد عام2006 مرورا بالأشكال الهندسية التكعيبية، الى جدارية ''ابجدية ايلول'' التي انتهى منها حديثا، وتبدأ الجدارية بأول حرف في الأبجدية الفينيقية والذي يمثل رأس الثور او زهرة حواء، ثم تتداخل الحروف مع حروف الأبجدية العربية على جدار المنزل العتيق الذي يبلغ عمره أكثر من مئة سنة بارتفاع سبعة أمتار وعرض نحو عشرين مترا، ومع ظل شجرة السرو الذي رسمه طيبا على الحائط المقابل· وليس غريبا ان تكون ''مجزرة قانا'' (1996) اول لوحة تم تعليقها في المتحف وهي تمثل شظايا رأس متناثرة او ''صرخة: لماذا الموت بدمار الإنسان''، كما يقول الفنان، وليس بعيدا عن اللوحة تمثال من الرخام لبلدة قانا هو عبارة عن ورقة زيتون تتناثر حولها مكعبات تمثل ''شهداء'' البلدة التي تضم نحو خمسة آلاف نسمة· ويؤكد طيبا ان مبادرته فردية تماما وبتمويل شخصي، ويقول ''لم اتلق اي دعم حتى الآن من اي مؤسسة محلية او عالمية، وان لم يحصل ولم اتمكن من المتابعة عندها ساحترم القدر، القدر الذي اعادني الى هنا، بعد سنوات من البعد والمهجر''· ولدى سؤاله كيف لا يخشى على أعماله من الدمار، يشير طيبا الى أرض خلاء بجوار المنزل سقطت فيها عدة قذائف صيف 2006 ثم الى فتحة في جدار المنزل وآثار شظايا في الداخل بين اللوحات المعروضة، ويقول ''بالطبع خفت على اللوحات وعلى المنزل في حرب يوليو لكن الإنسان اهم من العمل الفني''، ويضيف ''لا احد يستطيع ان يحمي شيئا· إسرائيل قصفت البلدة عدة مرات ولا يزال المتحف قائما، وانا احتجزت خلال الحرب الأهلية سنة 1976 ولا ازال موجودا، بيتي في بيروت احترق، تشردت وسرقت لوحاتي او احترقت، ولكن موسى طيبا لا يزال موجودا· انا اؤمن بالقدر''، ويسعى طيبا الذي يصف نفسه بأنه ''فرنسي المعاصرة لبناني الأصل''، الى الحاق متحفه بمتحف في الخارج ربما بمتحف مدينة شارتر الفرنسية حيث يقيم قسما كبيرا من السنة او بمتحف الماني او بأحد متاحف القاهرة· والى حين تحقيق ذلك، يستعد للعمل في محترفه المطل على تلال قريته ويواصل اضافة لوحات والوان الى متحفه الذي يستغل كل زاوية فيه ليلون ويرسم على الجدران او زجاج النوافد مجسدا انطباعاته مع مرور الوقت·
المصدر: قانا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©