الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنا وظلي

أنا وظلي
27 مارس 2008 02:59
هل نحن في حاجة ماسة إلى الذات عند قراءة الشعر؟ أم أننا لابد وأن نعتمد على المنهجية الأكاديمية التي تمعن في إقصاء الذات طلباً للموضوعية والحيادية؟ والفهم الشائع يرى أن القراءة لابد وألا تكون ذاتية، لأن الذاتية تأتي على نقيض من العلم، في حين أن الاتجاه النقدي المهم الذي ظهر في الولايات المتحدة في أواخر الثمانينات من القرن المنصرم يرى عكس ذلك، ويسعى جاهدا إلى قراءة النصوص عن طريق خطاب شخصي وذاتي وحميمي، وهذا الاتجاه يطلق عليه النقد الشخصي أو السيرذاتي أو النقد الحميمي· لقد نشرت مجموعة من الناقدات الأميركيات البارزات في السنوات الأخيرة سيرهن الذاتية ومذكراتهن مطلقات عليها النقد الشخصي، ليبعدن أنفسهن عن اللغة النظرية المفرطة في إقصاء الذات· ولعل البيان التدشيني لهذه النزعة ظهر على يد جين تومبكينز في مقالة بعنوان ''أنا وظلي'' في ،1987 مستخدمة فيها لغة شخصية وذاتية، حتى لا يشعر قراؤها بأنهم بصدد خطاب مجرد من المشاعر· وتعتقد تومبكينز بأن البلاغة الأكاديمية تتضمن أشكالا ذكورية عدائية تسهم في كراهية الذات· وتسعى في مقالتها البزرية هذه إلى دمج ذاتها وحالتها السردية في الكتابة النقدية مبتعدة على الخطاب الذي يدّعي الموضوعية· وترى تومبكينز أيضا أن الخطاب النقدي التقليدي خطاب شديد التنافس، وهو غالبا ما يبطن العداء والهجوم دون أن ينزع إلى التعاون الثقافي الذي هو سمة ذاتية يحتاجها الإنسان باستمرار، وكانت تطلق على النقد التقليدي أوصافا مثل النقد ذي الكلمات المقاتلة، مقدمة وجهة نظرها في أسلوب غير أكاديمي ممزوج بالشخصي، وينأى عن الجدال والصراع، ويحاول أن يؤسس خيارا جديدا للكتابة النقدية· وكانت ترى أن نجاح حياتها الوظيفية مرهون بنفي الحياة العاطفية والشخصية، وهذا ما جلعها تنشطر في ذاتين: ذات تكتب في المجلات الأكاديمية وذات تكتب في اليوميات، فالأولى كانت نظرية موضوعية في حين أن الأخيرة تنزع إلى الحميمية والذاتية والشخصية· فهي في مقالة ''أنا وظلي'' على هذا الأساس تحاول أن تدمج هاتين الذاتين المنفصلتين في أفق واحد، وهي لا تفعل ذلك من أجل مصلحتها، وإنما من أجل أن تعطي وصفة أخرى يمكن أن يحتذي بها العمل الأكاديمي الأدبي، وكما تقول في حوار معها بأن تجربة حياتها الأكاديمية جعلها تكتب ضد وجودها كامرأة حتى شارفت بأن تكون رجلا لتحقق النجاح الأكاديمي· إنها في مقالتها هذه تستهدف بوضوح الجهاز الأكاديمي لنظرية ما بعد البنيوية، وكانت تطلق على هذه النظرية سترة المساجين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©