الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نافذة على القلب لقاء البحر

نافذة على القلب لقاء البحر
29 سبتمبر 2007 01:39
اثنان توأمان في اللقاء وفي الرحيل الأبدي! عتيق زعل الرميثي ومحمد سالم الرميثي، قبل ان تفيض روحاهما إلى بارئهما فاضا بما جادت نفساهما من كلمات عن البحر والغوص كمنظومة فكر وعمل جاد حين كان الماضي لا شيء للمرء ما يفعله سوى حرفة الغوص، فكان ذلك اللقاء من أجل كتاب سيصدر قريبا، وقد طلب مني أن اضمن لوحة عن الماضي وعلاقة الحكايات الشعبية بالبحر، فرغم المعاناة الحقيقية التي واجهت العمل من حيث البدء بالاتصال بالمعمرين وكبار السن الذين عاشوا تلك الحقبة بكل تشعباتها إلا أنه وبالأخير استطعت أن أتم بعض اللقاءات تلك، وربما من الصعوبات البارزة أن الشخصيات من كبار السن لا يودون الحديث عن الماضي ويعتبرونه خصوصية كما يعتبرها البعض الآخر من المسنين على أنها سابقة لم يعتدها ! ناهيك عن البحث عن الوقت المناسب والذي من شأنه أن تقطف شيئا من هذا الماضي الذي يكمن في قلوبهم، فكانا رحمهما الله من الذين يسردون بحب عن البحر الذي لم يكتف بوداعهما بل كان سببا رئيسيا وشاهدا حقيقيا على موتهما، هذا البحر الذي كان يحتضن مسيرتهما لم يكن ليدعهما يموتان دون أن يلفهما برائحة الذكرى الأبدية!! عتيق زعل الرميثي، رغم انه فقد بصره إلا أنه ظل على علاقة بالبحر وكأن الزمن الجميل لم يفارقه البتة ،كان يعلم مساره اليومي والمعتاد نحو البحر ، يتتبع بخطوات الأمس الطرق المؤدية إليه وكأنه يتتبع لرائحة البحر بانتظام منذ طفولته،وقد فطر قلبه على ذلك المسار، يعلم تفاصيل البحر عن ظهر قلب، يرى بالبصيرة التي وهبه الله فتنكشف له أعماق البحر كما لو أنه مبصر ، ظل يمارس هوايته نحو البحر وكأنه لا يكل ولا يمل! فلم يكن يعلم أن السواحل باتت تلم بخطواته الأخيرة، ليطفئ البحر ذلك الأثر الجميل! كان يبحر كبحار قديم، وكان يتوغل في عمق الزرقة التي أوردها لنا بالتفاصيل! تحدث عن أناس أفقدهم البحر حياتهم بسبب سعيهم وراء رزقهم، وتحدث عن تفاصيل الغوص وأهواله، وعن الشعر والحكايات التي كانت تسرد،لكنه ترجل بالخير ليطفئ البحر علامة بارزة ظل يعشق حياة البحر ويغني لها في خلوته!!ظل ينشد عن قرب حتى ودعه عن قرب وابتكر لنفسه طريق البحار المحب والعاشق!! أما محمد سالم الرميثي فقد كان كتابا مفتوحا حين كان يتحدث عن البحر ويسرد تلك الأيام الجميلة من عمره، ظل يرسم لوحة البحر بتلك الكلمات المعاصرة والشهية ، وهو الذي جمع جوانب من شخصيته البحر والجانب الآخر العسكري، إلا أن زمن الغوص كان يعسكر في حياته بشكل دائم ومحبب، هكذا كان يسرد الحكايات والأشعار عن البحر كما لو كان يشاهدها عن قرب،وسماته التي تبدو جلية انه لايمكن أن يعيش بعيدا عن البحر، فقد عبر عن شغفه باللؤلؤ الذي كان يحتفظ ببعض منه في بيته، وكان لقاء مع القدر أن يرسم لنا ذلك الحب قبيل وفاته بحادث في عرض البحر !! إذن صورة البحر والغوص وذلك الزمن الجميل لم تكن بعيدة عن الحياة اليومية بل كانت راسخة في صميم ذاكرة أولئك الذين عاشوا تلك الحقبة وما لنا إلا أن نبحث وننقب من اجل إن نعطيها حيزا من حياتنا ، فرغم ما يحدث من تداعيات وصهر لذلك التاريخ الجميل إلا أن لنا رسوخ الأرض والبحر والنخل ولنا سمات مازال لها مفعول السحر في تاريخ الخليج العربي والخليجيين، ومازال ذلك الحب يتوالد من جديد، ويزهو، فرحم الله أولئك الذين تركوا لنا بصمة!!وهنا لايمكن إلا أن أشير إلى الباحثة الدكتورة فاطمة المهيري التي تعمل في الصمت وتقدم كل ما لديها من جهد لا يمكن أن يتجاوزه الزمن!!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©