الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فهذا أوّل الغيث!···

فهذا أوّل الغيث!···
27 مارس 2008 03:02
كلمة عربيّة جميلة أحياها سموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في حفل المكرَّمين بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الأولى، فكانت كأنّها الإكسيرُ اللّطيف الذي ينشأ عنه تمكُّنُ الأشياء من مثُولها في عُنفوان طبيعتها، ونَضارة شكلها··· ومن ذلك الغيثِ الأوّل النافعِ، ما نشهده في هذا العام من إصرار عارمٍ على تنزيل اللّغةِ العربيّة منزلتَها في الحياة العامّة في الإمارات السبْعِ· وقد يكون من العقوق الشنيع لِلمتشبّع بالقيم العربيّة الأصيلة أن يُهْمِل تثمينَ القرار العظيم الذي اتّخذه شيوخُ الإمارات العربيّة المتّحدة بشأن تَبْوِئَةِ اللغةِ العربيّة مكانتَها في المجتمع، والتجانُفِ بها من مجرّد لغة للأدب والشعر والخطابة، إلى الحياة العمليّة الماثلة في التجارة والاقتصاد والأعمال؛ ذلك بأنّ القرار الذي صدر بوُجُوبِيّةِ تفصيل المواصفات المنصرفة إلى طبيعة الموادّ الْمُباعةِ في السُّوق، ومركّباتها وتاريخ إنتاجها، وانتهاء صلاحيتها للأكل أو للاستعمال، باللّغة العربيّة الصحيحة الفصيحة، وذلك انطلاقاً من نهاية شهر مارس (آذار) الجاري، وإلاّ مُنِع دخولُها وتداوُلُها في الاستعمال العامّ ليس شأناً هيّناً؛ بل هو أمر صادر عن قادةٍ وُعَاةٍ يمجّدون العربيّة ويعتزّون بالانتماء العربيّ· فكم من بلدٍ عربيّ، هناك وهناك، تراه اليوم لا يسعى إلى تطوير العربيّة، ولا إلى تنزيلها المنزلةَ اللائقة بها في دارها، وبين أشياعها وأنصارها، بل تراه يمجّد اللغات الأجنبيّة ويَهيم بحبّها، بل كثيراً ما نجد اللّغاتِ الأجنبيّةَ الدّخيلة تُكتب وحدَها على المتاجر والأماكنِ العامّة دون التفكيرِ في استعمال العربيّة· كما أنّ استعمالها إلى جانب اللّغة الدخيلة، أو اللّغة الضَّرَّة، كثيراً ما يكون مُهيناً لكرامتها، إذْ تُكتَبُ تحت اللغة الأجنبيّة لا فوقها، وبخطّ صغير رقيق، وتلك سيرة أقبح من الإبعاد والإهمال! وللبرْهنة على هذه الوثبة المباركة العظيمة التي أزمعت دولةُ الإمارات ترسيخَها أنّه وقع الاحتفالُ في أرجاء ربوعها، منذ أسابيع فقط، باليوم الوطنيّ للغة العربيّة··· إنّ المتتبّع للحياة الثقافيّة والعمليّة والسياسيّة معاً في الإمارات، يدرك مدى الوعي الحضاريّ العظيم، وشدّة الإحساس بالحرص على الانتماء العربيّ الأصيل· وقد علّمتْنا الإماراتُ بجدّيّة شيوخها حين يتصرّفون، وبعزمهم الصادق حين يقرّرون، وبعبقريّة تخطيطهم لإنجاز المشاريع الحضاريّة حين يُزْمعون، وبذكائهم الخارق في كيفيّة قَرْعِ الظُّنْبُوبِ للأمور حين يَهُمُّون: أنّها إذا قرّرتْ شيئاً أنجزتْه، وأَنّها إذا أجمعتْ أمرَها على شأنٍ أخرجتْه، فنَصَّتْهُ للوجود كائناً ما كان· وإذن، فإنّ العرب جميعاً ينتظرون انبثاقَ الخير كلِّه لمستقبل اللّغة العربيّة من أرض الإمارات، بعد أن تنكّر للعربيّة كثيرٌ من أهلها وراحوا يرطّنون بلغات أجنبيّة أخرى· إنّ نُصْحَنا أبناءَنا بتعلُّمِ اللّغاتِ الأجنبيّةَ الحيّةَ لأمْرٌ هو من الأهمّيّة بمكان عظيم، غير أنّ ذلك ما كان له لِيَتِمَّ على حساب مكانة اللّغة العربيّة وسيادتها وعزّتها بين ظَهْرانَيْنَا، فلن نستطيع أن نكون شيئاً أبداً بغير لغتنا!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©